الخليج أونلاين-
ضمن محاولاتها لسد عجز الميزانية العامة وتقليل الدين العام، لجأت سلطنة عُمان إلى اقتراض 2.2 مليار دولار، من الأسواق الخارجية والمحلية، إلى جانب سحب 600 مليون من جهاز الاستثمار العماني.
وتحاول سلطنة عُمان من خلال تلك الإجراءات تقليل عجز الميزانية، الذي قدر خلال عام 2021 عند 2.24 مليار ريال (5.7 مليارات دولار)، وسداد الديوان المستحقة عليها، ولكن من خلال قروض يكون سدادها على فترات قصيرة.
وتسعى السلطنة من خلال خطواتها، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط المتواصل، إلى تقليل عجز الميزانية، خاصة أن الحكومة العُمانية احتسبت في تقديرات الميزانية سعر النفط على أساس 45 دولاراً أمريكياً للبرميل.
كما ستكون الإيرادات المتوقعة من الخطوات التي تعطي مؤشرات على تقليل عجز الميزانية، في وقت ذكرت فيه وكالة الأنباء العمانية الرسمية أن جملة الإيرادات المقدرة لميزانية 2021 هي 8 مليارات و640 مليون ريال عماني، أي أقل بنسبة 19% عن ميزانية 2020.
جدوى اقتصادية
المختص الاقتصادي محمد رمضان، يؤكد أن سلطنة عُمان لديها عجز مستمر في الميزانية مستمر مند سنوات مع انخفاض أسعار النفط، ولديها ديون مستحقة في عامي 2021 و2022 تقدر بـ10 مليارات دولار.
ووصلت نسبة الدين إلى الناتج المحلي في سلطنة عُمان، وفق حديث رمضان لـ"الخليج أونلاين"، إلى 80% وهي نسبة عالية، مبيناً أن النسبة المطلوبة في حدود 50% إلى 60%.
وبدأت عُمان تتجه، حسب "رمضان"، لتمويل عجز الميزانية من خلال الاقتراض لتسديد دفعات الديون المستحقة، وتقليل العجز، إلى جانب استخدام الاحتياطات والاستدانة.
وتحتاج السلطنة، كما يرى المحلل الاقتصادي، للنجاح في سداد القروض وتقليل العجز إلى تنمية الناتج المحلي بأسرع وتيرة ممكنة، حتى يصبح مستوى الدين أقل ما يمكن؛ عن طريق فرض الضرائب والرسوم، وتقليل الإنفاق الحكومي، والخصخصة، والإجراءات التي تقوم بها السلطنة بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية.
وستكون خطوة الاقتراض لسد عجز الميزانية، حسب المختص الاقتصادي، مجدية اقتصادياً في حال كانت الفوائد منخفضة أكثر، لسداد ديوان قديمة كانت ذات فوائد أعلى من خلال الاقتراض لآجال قصيرة.
وإلى جانب تقديرات المختص الاقتصادي، توقع معهد التمويل الدولي أن الموازنة العامة لسلطنة عُمان ستجابه عجزاً قدره 8 مليارات دولار خلال 2021؛ بالنظر إلى تراجع أسعار النفط وتفشي جائحة كورونا.
وفي تقرير نشره المعهد، خلال أكتوبر الماضي، بين أن فوائد الديون الخارجية المستحقة على السلطنة سترتفع، وأن التراجع الحاد في عائدات النفط العماني سيتجاوز خفض الإنفاق العام، وهو ما سيؤدي إلى عجز مالي كبير.
واستجابت عُمان، بحسب التقرير، للتحديات التي فرضتها الجائحة من خلال تنفيذ تعديل مالي قوي وإصلاحات أخرى، لكنها قد تضطر لإصدار ديون لتوفير الاحتياجات التمويلية المطلوبة ما بين عامي (2021-2025)، بحسب التقرير.
وأحرزت السلطنة، حسب التقرير، تقدماً جيداً في تعديل أوضاع المالية العامة وتنفيذ الإصلاح الهيكلي، بجانب إعادة تنظيم ودمج العديد من الوزارات؛ بهدف تبسيط العمليات الحكومية وتقليل الإنفاق.
وتشمل الإجراءات الجديدة الأخرى، حسب المعهد، تخفيض الإنفاق على الأجور بنسبة 10%، بجانب فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، وضريبة الدخل في أوائل 2021.
وتمثل حصيلة الضرائب الجديدة المرتقبة، وفق تقديرات المعهد، 2% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للسلطنة.
ومع تقديرات المعهد، يتوقع تقرير سابق لوكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أن تكون السنوات الثلاث المقبلة "اختباراً حاسماً لمرونة التمويل التي أظهرتها عُمان في الماضي".
وتوقعت "فيتش" حدوث عجز مالي كبير لميزانية السلطنة مع حلول آجال استحقاق الديون الخارجية، ما بين 12 مليار دولار و14 ملياراً سنوياً؛ بين 2020-2022.
خطط حكومية
تعمل سلطنة عُمان على أكثر من مجال لتقليل عجز الميزانية، حيث أقر سلطان عُمان، هيثم بن طارق، 9 مارس 2021، خطة حكومية للتحفيز الاقتصادي تهدف لتحقيق معدلات نمو مرتفعة، حسبما هو مخطط له في رؤية عمان 2040.
وإلى جانب خطة السلطان، أقر البنك المركزي العُماني، خلال العام الماضي، حزمة قرارات تحفيزية لمواجهة تداعيات فيروس كورونا على اقتصاد السلطنة.
وكانت أبرز تلك القرارات موجهة لجميع البنوك العاملة بالسلطنة وشركات الصرافة والتمويل، واستهدفت توفير سيولة إضافية متاحة في حدود 8 مليارات ريال (20.8 مليار دولار).
ومؤخراً، أشاد صندوق النقد الدولي بالجهود السريعة والإجراءات المالية التي اتخذتها سلطنة عُمان خلال عام 2020 لاحتواء جائحة كورونا، والتخفيف من آثار انخفاض أسعار النفط على المالية العامة.
وأشاد خبراء البعثة بخطة التوازن المالي التي اعتمدتها السلطنة، معتبرين أن نجاح المبادرات التي أطلقتها مسقط سيسهم في تحقيق الاستدامة المالية وتخفيف ضغوط التمويل وتعزيز توجهات المستثمرين.
وستخفف الإجراءات والسياسات المتبعة في خطة التوازن المالي في السلطنة، حسب صندوق النقد الدولي، مواطن الضعف الهيكلية في موارد المالية العامة، إلى جانب الاعتماد على الإيرادات النفطية وبنود الإنفاق غير المرنة.
وتتضمن موازنة 2021، وفق صندوق النقد الدولي، إجراءات تحقق الضبط المالي اللازم لتحقيق الخطط والأهداف، حيث تشير تقديراته إلى انخفاض معدل الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي تدريجياً ابتداءً من هذا العام ليصل إلى معدل أقل من 60% على المدى المتوسط.
ويرى "النقد الدولي" أن التحسينات الهيكلية أمر بالغ الأهمية في دعم تنويع النشاط الاقتصادي وإيجاد فرص العمل للعُمانيين، وتعزيز استدامة المالية العامة والمركز النقدي الخارجي.