الخليج أونلاين-
تواصل المملكة العربية السعودية محاولات تعزيز حضورها في مجال الاقتصاد الفضائي عبر تحفيز نمو هذا القطاع الذي بات محط أنظار كثير من الدول وتسريع تبني التقنيات الحديثة في هذا المجال.
ومؤخراً، عقد وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودي عبد الله السواحة لقاءً في باريس مع سفير التعاون الرقمي الفرنسي هنري فيردي، لبحث تعزيز التعاون بين البلدين في قطاعات من بينها الاقتصاد الفضائي.
وبحث اللقاء، الذي جرى (الثلاثاء 3 أغسطس)، بحضور الرئيس التنفيذي المكلف للهيئة السعودية للفضاء محمد التميمي، والرئيس المكلف لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية منير الدسوقي، تعزيز التعاون الثنائي في مجالات التحول التقني والرقمي والفضاء والابتكار.
كما استعرض المسؤولون السعوديون مع المسؤولين البريطانيين إمكانية تطوير التعاون المشترك في مجال اقتصاد الفضاء.
وخلال ورشة عمل أقيمت (30 يوليو) استعرض المسؤولون السعوديون أمام أكثر من 80 شركة بريطانية الفرص الاستثمارية المتاحة أمام المستثمرين، والمميزات التنافسية التي تحظى بها المملكة.
وفي إطار رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تسعى المملكة لتعزيز حضورها عالمياً في سوق اقتصاد الفضاء، وذلك ضمن خطط تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط.
وتسعى الجهود السعودية، بحسب وكالة (واس) الرسمية، لبناء شراكات دولية لتعزيز دورها في قطاع الفضاء الذي يمثل أولوية وطنية، للإسهام في تحول المملكة لاقتصاد الفضاء، وتحفيز الاستثمار، وإيجاد أسواق جديدة.
دعم تنويع الاقتصاد
وقال المستشار الاقتصادي السعودي، ماجد بن أحمد الصويغ، إن المملكة تسعى لاقتحام اقتصاد الفضاء، وبحث الفرص الاستثمارية، منذ مدة، مشيراً إلى الاجتماع الذي عقدته هيئة الفضاء السعودية وأمانة المملكة لمجموعة العشرين عام 2020، تحت اسم قادة اقتصاد الفضاء.
وأكد الصويغ في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية مطلع أغسطس الجاري، أن جهود المملكة ستضاف إلى جهود أكثر من 20 دولة أخرى تسعى لرفع التنافسية في هذا المجال ودعم استدامة أنشطته.
ويدعم اقتصاد الفضاء جهود المملكة لتنويع الاقتصاد وتوفير الوظائف، حيث يحل بين 22 أولوية لتعزيز الاقتصاد أو ما يعرف باقتصاد المستقبل.
وتهدف المملكة من خلال هذه التحركات إلى تحقيق استراتيجيتها الساعية للاستفادة من قدراتها الرقمية والبشرية في مجال التحول الرقمي والتقني، ومجال الابتكار والفضاء، واستثمارها بطريقة مثلى في نمو مشروعاتها المستقبلية.
ومؤخراً، أطلقت الهيئة السعودية للفضاء أول برنامج سعودي للابتعاث الخارجي للتوظيف في مجال الفضاء، حيث يتيح البرنامج أمام الطلاب السعوديين فرصاً تعليمية في علوم الفضاء.
جهود متواصلة
وما بين 2000 – 2019 أطلقت المملكة 16 قمراً اصطناعياً إلى الفضاء، بإشراف مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية "كاكست"، كان آخرها قمر الاتصالات "SGS1"، الذي أطلق في 6 فبراير 2019.
وفي يوليو الماضي، أعلنت الهيئة السعودية للفضاء إطلاق أول برنامج سعودي للابتعاث الخارجي منتهٍ بالتوظيف في مجال الفضاء، يتيح فرصاً تعليمية نوعية للطلاب والطالبات السعوديين من خلال دراسة التخصصات ذات العلاقة بعلوم الفضاء في أبرز 30 جامعة حول العالم.
وبلغ حجم اقتصاد الفضاء في العالم نحو 400 مليار دولار خلال عام 2019، استحوذت دول مجموعة العشرين على 92% منه.
ويتوقع مورغان ستانلي أن يصل اقتصاد الفضاء إلى 1.1 تريليون دولار بحلول 2040، وإلى 2.7 تريليون دولار بحلول 2050 اعتماداً على عوائد خدمات الأقمار الاصطناعية والصواريخ.
وترجح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) أن تتراوح عوائد الاستثمار في اقتصاد الفضاء بين 280 و300 مليار دولار، فيما توقعت شركة الأبحاث "يوروكونسولت" أن يصل إلى 360 مليار دولار، سنوياً بحلول 2040.
وفي يوليو الماضي، قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إن صندوق الاستثمارات العامة يعتمد على اقتصاد الفضاء في خطط تنويع الاقتصاد، مشيراً إلى أثر هذا الاستثمار في قطاعات الاتصالات والتقنية والبيئة والنقل.
وقال ولي العهد إن اقتصاد الفضاء سيكون له دور مهم في عدة مجالات بالمملكة خلال وقت قريب. وأشار إلى أن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية والجهات المتخصصة تعمل على اعتماد استراتيجية المملكة للفضاء للأعوام العشرة المقبلة.
ومن المقرر أن تستوعب الاستراتيجية، التي ستشرف عليها هيئة الفضاء، طموح المواطن السعودي وتطلعه وشغفه بالمستقبل، وستولي أهمية كبيرة لتنمية رأس المال البشري في علوم الفضاء ومختلف مجالاته، وفق ولي العهد.
وخلال اجتماع الأمم المتحدة المنعقد في نيويورك العام الماضي، أكدت المملكة أنها تنظر بأهمية بالغة إلى قطاع الفضاء، وقالت إنه يجب استخدامه للأغراض العلمية والسلمية.
وتقوم المملكة حالياً بتصنيع أقمار اصطناعية سعودية كأجزاء هيكلية في الورشة الميكانيكية التابعة لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، التي أصبحت الآن جزءاً من مركز الصناعة الرابعة.
وتمتلك المدينة بنية تحتية لتجميع واختبار الأقمار الاصطناعية من غرف نظيفة وأجهزة اختبار للظروف البيئية الخاصة التي تحاكي الظروف المتوقع أن يتعرض لها القمر الاصطناعي في الفضاء أو أثناء إرساله بواسطة الصواريخ المخصصة إلى المدار.
وتشمل مهام المهندسين السعوديين المسؤولين عن صناعة الأقمار الاصطناعية تصميم وبناء واختبار أنظمة الأقمار الاصطناعية، استناداً إلى المعايير الدولية مثل "ECSS" و"IPC".
ورفعت المملكة من مستوى اهتمامها بقطاع الفضاء من خلال التعاون مع الجهات العلمية الدولية، حيث نفذت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تجارب علمية في الفضاء بالتعاون مع وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، وجامعة استانفورد على متن القمر "سعودي سات 4".
كما شاركت المملكة في مهمة استكشاف القمر "تشانق أي 4"، بالتعاون مع وكالة الفضاء الصينية عام 2018، وهي مهمة نادرة لاستكشاف الجانب غير المرئي من القمر.
وعملت الهيئة السعودية للفضاء هذا العام على تنظيم برنامج "أجيال الفضاء" الذي يُعنى بإنشاء قاعدة بشرية وطنية في قطاع الفضاء، وتشجيع الاهتمام بالبحث العلمي وتعلم مختلف مجالات الابتكار والتقنية والهندسة والرياضيات.
مجالات اقتصاد الفضاء
ويشمل اقتصاد الفضاء عدة أنشطة، منها الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والإنترنت المعتمدة على الأقمار الصناعية، فضلاً عن التنقيب والتعدين في الفضاء، وسياحة الفضاء بواسطة المركبات الفضائية.
وتعتبر مصادر الطاقة المتجددة مجالاً نشطاً للأبحاث والدراسات والتطوير داخل وكالات الفضاء.
هناك أيضاً الأقمار الصناعية لأغراض الاتصالات والمراقبة الأرضية في ضوء الثورة غير المسبوقة في مجال الإعلام المرئي، والأقمار النانونية التي أُطلق نحو 100 قمر منها خلال عام 2014.
وتوضع الأقمار النانوية لتستخدم في المراقبة الأرضية اليومية، كما تلعب تكنولوجيا الفضاء دوراً في مجالات التخطيط الزراعي، وإدارة الكوارث والأزمات، ومراقبة الأرض، وحركة النقل، والتخطيط العمراني الحضري.
وتقود شركات عالمية الاستثمارات في اقتصاد الفضاء من خلال تنظيم رحلات سياحية للفضاء والاستفادة من تقنيات الإنترنت الفضائي، بقيادة إيلون ماسك، مؤسس شركتي "تسلا" و"سبيس إكس لعلوم الفضاء"، التي تستهدف إيصال الناس إلى كوكب المريخ مستقبلاً.
ويلعب جيف بيزوس، مؤسس متجر "أمازون" للتسوق الإلكتروني، دوراً بارزاً في هذا المجال، حيث أطلق شركة "بلو أوريغن" للهبوط على سطح القمر. هذا إلى جانب ريتشارد برانسون مؤسس شركة "فيرجن للطيران"، وشركة "مايكروسوفت".
وأظهرت تحليلات تقرير الفضاء أن النشاط الحكومي والتجاري في قطاع صناعة الفضاء حقق نمواً بنسبة 73% في السنوات العشر الأخيرة.