طه العاني - الخليج أونلاين-
يشهد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في دول مجلس التعاون الخليجي نقلة نوعية وتنافسية عالية لاستثمار الفرص المستقبلية التي توفرها التقنيات الحديثة وفي مقدمتها الجيل الخامس (5G)، ودورها في تطوير أعمال وخدمات باقي القطاعات والصناعات بما يتماشى مع خطط التحول الرقمي لدول المنطقة.
وتشير التقارير إلى أن تقنيات اتصال الجيل الخامس ستسهم في إثراء الاقتصاد الرقمي من خلال تمكين الاتصال اللامحدود، وتحفيز الابتكار، ودعم خطط التنويع الاقتصادي، وتسريع رقمنة قطاع التجزئة وغيره من القطاعات.
استثمارات هائلة
وفي ضوء هذه التطورات المتسارعة أطلقت دول الخليج وفي مقدمتها الإمارات وقطر والسعودية، استثمارات هائلة نحو رقمنة بنيتها التحتية الاقتصادية والمادية استعداداً للواقع الاقتصادي في زمن ما بعد الكربون.
وتعد الدول الخليجية من أوائل الدول التي اعتمدت تكنولوجيا الجيل الخامس، ومن المتوقع أن يصل عدد مشتركيها الخليجيين من 60 إلى 65 مليون مشترك خلال السنوات الخمس المقبلة، وفق تقرير مركز الإمارات للسياسات في أبريل الماضي.
ويشير تقرير نشره معهد الشرق الأوسط مطلع العام الجاري، إلى أن شركة هواوي الصينية الرائدة في مجال تقنيات الجيل الخامس، برزت كشريك تقني استراتيجي رئيس لعديد من دول الخليج، حيث تعمل على تحقيق أهداف التطوير التكنولوجي الخاصة بها، وبشكل أساسي نشر الجيل الخامس في دولها.
وتهدف السعودية للتحول إلى مركز رقمي للمنطقة بحلول 2030، وفي هذا الإطار، أعطت الرياض الأولوية لنشر خدمات الجيل الخامس بسرعة، وبحلول أكتوبر 2019، انضمت شركة "زين" السعودية إلى شركة هواوي لتقديم المرحلة الأولى من شبكة الجيل الخامس، التي غطت 20 مدينة في المملكة.
وفي إطار استعداداتها لاستضافة معرض إكسبو 2020 وتعزيز مكانتها كقوة تكنولوجية في الشرق الأوسط، عملت الإمارات على نشر شبكة الجيل الخامس بوتيرة سريعة، وأعلنت شركتا (دو) و(اتصالات) المشغلتان الرئيستان للشبكة في الإمارات، إقامة شراكات مع "هواوي" لنشر الجيل الخامس، مما يساعد على توسيع استخدام الجيل الخامس باعتباره العمود الفقري لتقنيات اتصالات المستهلك.
وتستعد قطر، لاستضافة مونديال 2022، والذي يمثل علامة فارقة باعتباره الحدث الأول من نوعه في الشرق الأوسط، ومن المتوقع أن يستقطب حوالي 1.7 مليون زائر إلى قطر.
وسيكون مونديال قطر أول بطولة كأس عالم توظف الجيل الخامس مع خدمات مثل البث المباشر بدقة "K8" والواقع المعزز والافتراضي، حيث دخلت شركة "فودافون" القطرية في شراكة مع هواوي، في حين عقدت شركة الاتصالات الأخرى في قطر، وهي أوريدو (Ooredoo)، شراكة مع "إريكسون" و"نوكيا".
توازن استراتيجي
تواجه دول الخليج معضلات وتحديات مرتبطة بتكنولوجيا الجيل الخامس، فمن ناحية تعد واشنطن الضامن الأمني الأساسي لها، وفي المقابل فإن بكين هي الشريك التجاري الرئيس والمستورد الأكبر للطاقة.
ويلفت معهد الشرق الأوسط إلى أن دول الخليج تحاول تحقيق التوازن من خلال الحفاظ على التعاون مع "هواوي" كتعبير عن الاستقلال الاستراتيجي عن واشنطن على الرغم من الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد التكتل الصيني والاعتبارات الجيوسياسية ذات الصلة.
وتركز مبادرة الخليج لشبكة النفاذ الراديوي المفتوحة، على بناء شبكات مرنة للجيلين الرابع والخامس من خلال اعتماد واجهة وبرامج وأجهزة مفتوحة تسمح لشركات الاتصالات بتنويع سلاسل التوريد الخاصة بها، بهدف تقليل تعرضها للتوترات الجيوسياسية الناجمة عن الحرب الباردة المستمرة بين بكين وواشنطن.
من جانبه قال ستيفن يي، رئيس "هواوي" في الشرق الأوسط وأفريقيا خلال مؤتمر سامينا لقادة قطاع الاتصالات 2022 والذي انعقد بدبي في 11 مايو الماضي: إنه "في ظل الجهود العالمية لإنجاز التحول الرقمي، تلتزم هواوي بتوفير أحدث التقنيات المبتكرة وأهمها الجيل الخامس".
وأوضح أن الشركة تنطلق من خلال أعمال شبكات الاتصالات وشراكاتها الاستراتيجية مع مشغلي الاتصالات لنشر مزيد من ميزات الجيل الخامس لصالح القطاعات الأخرى للإسهام في إثراء حياة الناس، وتوفير تجربة رقمية شاملة، وتحقيق التحول الرقمي، وبناء الاقتصادات الرقمية التي تحقق طموحات الدول بالاعتماد على الحلول الرقمية الذكية.
أداء فائق
يتفاوت أداء استخدام الجيل الخامس في الدول الخليجية والتي أصبحت من أهم تقنيات الاتصال، حيث تعمل على تعزيز التجربة في جميع أسواق الدول الست.
ويرى الباحث عبد الرحيم الهور أن الجهات الحكومية ذات العلاقة في الدوحة وعلى رأسها هيئة تنظيم الاتصالات، أدركت أهمية التحول الرقمي في عالم الأعمال، وأنه المستقبل المحتوم لقطاعات التنمية الاقتصادية كافة، من بنوك ومؤسسات مالية وقطاعات حكومية وبنى تحتية تشغيلية متكاملة، لذلك كانت الحرفية والمهنية والصالح العام هم ركيزة التعامل مع الحلفاء الدوليين كافة.
ويبين الهور في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أنه ولتقريب الصورة في ما يتعلق بسرعة الإنترنت وعلاقتها بالعمليات التشغيلية ذات العلاقة، جاءت نتائج دراسة أجرتها شركة "أوبن سيغنال" البريطانية حول سرعات الإنترنت في بعض الدول.
ولفت إلى أن دولة الإمارات تصدرت دول الخليج بسرعة التنزيل عبر تقنية الجيل الخامس، حيث حقق المستخدمون سرعات متوسطة تصل إلى 316.8 ميغابت في الثانية، وحلّت قطر في المرتبة الثانية بسرعة بلغت 278.5 ميغابت في الثانية، و263.4 ميغابت في الثانية بالكويت.
ويوضح أن الأسواق الثلاثة نفسها تتصدر قائمة سرعة التنزيل عبر تقنية الجيل الخامس من حيث معدل الذروة أيضاً، حيث سجّلت الإمارات 743.3 ميغابايت في الثانية، و713.4 ميغابايت في الثانية بقطر، و663.7 ميغابايت في الثانية بالكويت، مشيراً إلى أن "هذا التحدي الكبير يرتبط الآن، بشكل جدي بمصير مستقبل التقنية بكل أشكالها والتنمية بكل قطاعاتها والمستقبل بكل إمكاناته، لذلك لا بد من إعطائه حقه الكامل من الاهتمام".
وتتصدّر الأسواق الثلاثة نفسها قائمة سرعة التنزيل عبر تقنية الجيل الخامس من حيث معدل الذروة أيضاً، حيث سجّلت الإمارات 743.3 ميغابت في الثانية، و713.4 ميغابت في الثانية بقطر، و663.7 ميغابت في الثانية بالكويت.
وكانت سرعة التنزيل عبر تقنية الجيل الخامس من حيث معدل الذروة تزيد على ضعف متوسط سرعة التنزيل في جميع أسواق دول مجلس التعاون الخليجي الست، وفي السعودية وسلطنة عمان، كان الفرق أقرب إلى ثلاثة أضعاف السرعة، وفق تقرير "أوبن سيغنال".