سلمى حداد - الخليج أونلاين-
لم يكن من قبيل الصدفة تنظيم المملكة العربية السعودية لمعرض "سيتي سكيب" العالمي بهذا التوقيت الذي تمضي فيه المملكة بخطوات واسعة نحو التحول إلى مركز اقتصادي إقليمي ودولي.
ويعد معرض "سيتي سكيب" أحد أكبر المعارض المتخصصة في قطاع العقارات في العالم، وينظمه كل عام في مدينة مختلفة.
ويحظى تنظيم المعرض بالرياض بأهمية كبيرة، حيث يعكس حرص المملكة على تطوير قطاع العقارات فيها، ومساهمتها في تعزيز الاقتصاد العالمي، كما يسلط الضوء على أحدث التطورات بقطاع العقارات في السعودية، ويوفر منصة عالمية لتبادل المعرفة والخبرات بين المستثمرين والشركات العقارية من مختلف أنحاء العالم.
صفقات بالمليارات
ودشّن وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان السعودي، ماجد بن عبد الله الحقيل، في 10 سبتمبر الجاري، فعاليات المعرض تحت شعار "لبناء مسكن المستقبل"، وذلك بمركز الرياض للمعارض والمؤتمرات في ملهم شمال مدينة الرياض، بحضور عدد من المسؤولين وقيادات القطاع العقاري والمصرفي.
وشهد المعرض إطلاق مشاريع نوعية وتوقيع كثير من الاتفاقات لتفعيل الشراكات الواعدة بقيمة تزيد على 68 مليار ريال (18.1 مليار دولار).
وقال الحقيل في كلمة ألقاها خلال حفل افتتاح معرض "سيتي سكيب العالمي" إن المملكة شهدت نمواً عمرانياً فاق بسرعته دول العالم أجمع من حيث المدن بأبعادها العمرانية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي لها دور كبير في تحقيق رؤية المملكة 2030.
وأفاد أيضاً أن "الأعوام المقبلة ستشهد توسعاً في بناء الضواحي السكنية في كافة أرجاء المملكة بمشاركة المطورين العقاريين العالميين، والعمل معاً نحو التقدم في العملية التطويرية والتنموية لقطاع الإسكان، في ظل بيئة تشريعية محفزة للاستثمار وخيارات تمويلية متنوعة أسهمت في ارتفاع نسبة مساهمة القروض العقارية في الناتج المحلي غير النفطي لأعلى مستوى لها على الإطلاق".
حضور لافت
وشارك في المعرض العقاري الذي استمرت فعالياته حتى 13 سبتمبر الجاري، أكثر من 170 دولة وجهات عارضة لمشاريع عقارية مميزة من 21 دولة.
ويستهدف المعرض الراغبين بشراء المنازل، والمستثمرين، والمطورين العقاريين، والمهندسين، والمصممين، وصناديق الاستثمار العقاري، وشركات التأمين، بالإضافة إلى مُلاك العقارات، والمهتمين بالقطاع العقاري.
وتضمن جدول أعمال المعرض جلسات حوارية تتناول الابتكارات الحالية في التقنيات العقارية التي تقودها المرأة، وتأثير التصميم، إلى جانب استخدامات سلسلة الكتل "بلوك تشين" في قطاع العقارات، وغيرها.
كما تم خلال المعرض نقاش تحديات الحلول البرمجية عبر تطوير حلول سهلة الاستخدام وقابلة للتوسع وقادرة على تطوير القطاع العقاري، وتحديات المنتجات الجديدة التي تهدف إلى تصميم وتطوير أجهزة قائمة على التقنية للنهوض بالقطاع العقاري، كتقنيات المنازل الذكية ونحوها، وتحديات تطوير البنية التحتية.
وقد حقق المعرض هذا العام نجاحاً كبيراً، حيث شارك فيه أكثر من 500 شركة من أكثر من 20 دولة، وجذب أكثر من 100 ألف زائر من مختلف أنحاء العالم.
هذا الثقل الذي يتمتع به معرض "سيتي سكيب" يعكس حرص المملكة على تطوير قطاع العقارات فيها، ومساهمتها في تعزيز الاقتصاد العالمي.
كما أن المملكة نجحت من خلال المعرض بتسليط الضوء على أحدث التطورات في قطاع العقارات فيها.
ما أهمية المعرض للسعودية؟
وحول أهمية المعرض للمملكة، يقول المحلل الاقتصادي منير سيف الدين: إن "مثل هذه الفعالية الدولية تساهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع العقارات بالمملكة، وتعزيز مكانة السعودية كمركز إقليمي وعالمي للعقارات".
ويضيف المحلل الاقتصادي في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "المعرض يدعم جهود التنمية الاقتصادية في المملكة، وذلك من خلال تعزيز الاستثمارات في قطاع العقارات، وتوفير فرص عمل جديدة".
وأشار إلى أنه يوفر منصة عالمية لتبادل المعرفة والخبرات بين المستثمرين والشركات العقارية من مختلف أنحاء العالم، وهو ما يساهم في تطوير القطاع العقاري بالسعودية.
كما يعمل المعرض على التعريف بمشاريع التنمية العقارية في السعودية، وهو ما يساهم بالتعريف بإمكانات القطاع العقاري بالمملكة وجذب المزيد من الاستثمارات.
كيف سار التنظيم؟
وحول تقييم المعرض هذا العام، قالت المديرة العامة لشركة "كيلر وليميز" الأمريكية، أسماء العليان: إن "معرض سيتي سكيب تميز بحضور أكثر من 350 مطوراً من السعودية والإمارات والمملكة المتحدة والهند وكندا وتركيا واليونان وغيرها من البلدان من حول العالم".
وأضافت العليان، في تصريحات نقلتها صحيفة "سبق" المحلية، أن "التنوع في العقارات الجديدة المتاحة للبيع مع وجود خطط لسداد المدفوعات من المطورين ووجود خطط سداد مدفوعات مقدمة من المطورين، وخطط تقسيط تناسب ميزانية المقبلين على الشراء، وأسعار حصرية على العقارات لزوار المعرض، من أهم المزايا التي شهدها المعرض".
وذكرت أن ما يميز المعرض هو وجود جلسات حوارية تتناول موضوعات مثل: "استراتيجية الاستثمار العقاري العالمي" و"التأجير أو المغادرة ومناقشة مسائل بقاء المستأجر في العقار" و"تشكيل مدن المستقبل" و"ازدهار قطاع المكاتب".
كما أشار المدير العام في شركة "البروة ذخر العقار" الكويتية، عبد العزيز السنان، إلى أن المعرض شهد بجانب التنوع في الفرص الاستثمارية المطروحة، تبادلاً للخبرات بين المشاركين والاستفادة من التجارب الخاصة بهم، والسعي إلى تطبيقها بما يعزز من العوائد التي يحققونها من القطاع العقاري.
ولفت السنان إلى أن المعرض شهد دعماً كبيراً من جانب القطاع الحكومي للقطاع الخاص من خلال تخصيص المواقع وطرح المشروعات التنموية والترويجية والاقتصادية.
وتابع أن مشاركة أكبر شركات التعمير والعقار والمكاتب الهندسية والمواقع الإلكترونية أعطى زخماً كبيراً للمعرض، ومثلت فرصاً للتعرف واعتماد الصفقات المشتركة للتطوير العقاري والتسويق.
وأوضح أن المعرض شهد إبرام صفقات كبيرة وضخمة شملت مشروعات تنموية عملاقة تديرها وتنفذها شركات خليجية وعربية.
وأضاف أن الحضور في مثل تلك المعارض العالمية والمشاركة فيها، يمكن الأشخاص والشركات من تقييم أدائها واكتساب المزيد من الخبرات، ومقارنة الأداء مع المشاركين لتصحيح الأداء وتحفيز الهمم.
تطور سريع
ويشهد قطاع العقارات في السعودية تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة في إطار تنفيذ رؤية المملكة 2030 التي تركز بشكل مهم على التطوير العقاري وتوفير بيئة استثمارية جذابة، وإطلاق عشرات المشاريع العملاقة.
كما شهد الاقتصاد السعودي نمواً قوياً في السنوات الأخيرة، مما يساهم في زيادة الطلب على العقارات السكنية والتجارية.
وإضافة إلى ذلك فإن المملكة تجذب سنوياً المزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاع العقارات، وذلك بفضل الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد.
ووفقاً لتقرير صادر عن شركة "Mordor Intelligence"، فإنه من المتوقع أن ينمو حجم سوق العقارات في المملكة العربية السعودية من 64.43 مليار دولار أمريكي في عام 2023 إلى 94.19 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2028، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 7.89٪ خلال الفترة المتوقعة (2023-2028).
وحسب البيانات الصادرة عن وزارة العدل السعودية، في أغسطس الماضي، فقد ارتفعت قيمة الصفقات العقارية التي تمت خلال يوليو الماضي 35% لتبلغ 18.98 مليار ريال (5 مليارات دولار)، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي والتي بلغت آنذاك 14.02 مليار ريال (3.74 مليارات دولار).