كامل جميل - الخليج أونلاين-
إعلان السعودية الأخير اكتشاف كميات هائلة من الذهب في منجم بمنطقة مكة المكرمة، يؤكد أن رؤية المملكة الهادفة إلى تنويع موارد الدخل بعيداً عن النفط، ودعم الصناعة والتعدين، تقترب من التحقق، فضلاً عن زيادة تمتين الاقتصاد السعودي.
شركة التعدين العربية السعودية (معادن) قالت في بيان، الخميس (28 ديسمبر)، إن النتائج بعد التنقيب في مواقع متعددة جنوب منجم منصورة ومسرة للذهب، بمنطقة مكة المكرمة، كشفت عن خصائص جيولوجية وكيميائية مماثلة للرواسب في المنجم.
نتائج التنقيب الإيجابية مجتمعة، حددت المنطقة المحتملة بطول 125 كم مع توقعات كبيرة لتصبح حزام ذهب رئيساً بمقاييس عالمية في السعودية.
ولفتت إلى أن نتائج التنقيب القريبة من منصورة ومسرة تشير إلى أن الموارد متاحة في العمق وعلى طول المنطقة، والتي تنبئ بوفرة في حجم الثروات في المنجم، مع إمكانية إطالة عمر المنجم بالتطوير تحت الأرض.
زيادة إنتاج الذهب
السعودية تأتي في المرتبة الـ18 عالمياً كأكبر حائز للذهب، وتتصدر الدول العربية من حيث احتياطياته حيث تمتلك 323.1 طناً من المعدن النفيس.
وحسب مجلس الذهب العالمي، تبلغ احتياطيات البنوك المركزية بالعالم من الذهب 35 ألفاً و568 طناً و40 كيلوغراماً.
وحققت السعودية زيادة كبيرة في معدلات إنتاج الذهب منذ إعلان رؤية المملكة 2030 في أبريل 2016، في ظل تركيز الرؤية على تنمية قطاع التعدين وزيادة مساهمته في الاقتصاد، الذي عدَّه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نفطاً آخر غير مستغل.
وبحسب بيانات وزارتي الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، بلغ حجم إنتاج السعودية من الذهب، خلال 6 سنوات منذ إعلان رؤية 2030 حتى نهاية 2021، نحو 65.87 طناً، وبمعدل نمو سنوي 12.3%، مقارنة بنحو 71.8 طناً تم إنتاجها خلال الفترة الممتدة من 2003 حتى 2015.
ومنذ 2003، بلغ إنتاج السعودية من الذهب 137.7 طناً، 48% منها تم إنتاجه خلال الفترة من 2016 حتى 2021.
احتياطي كبير داخل الأرض
يعدّ الذهب اليوم معدناً كبير الأهمية، ففضلاً عن كونه يستخدم بجميع الدول في صناعة الحلي والمجوهرات، يدخل في صناعات مهمة مختلفة، لذلك تسعى جميع الدول للاستثمار فيه ومحاولة استكشاف مواقع للذهب في أراضيها.
وخصصت المملكة 12 موقعاً للاحتياط التعديني لخام الذهب داخل المملكة، وجميع هذه المواقع تشهد أعمالاً استثمارية من قبل عدد من الشركات المحلية والعالمية.
ويبلغ عدد المصانع المنتجة لسبائك الذهب والفضة في المملكة نحو 6 مصانع، بحجم استثمار يتجاوز 7 مليارات ريال (1.87 مليار دولار).
في وقت سابق من ديسمبر الماضي، أكد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف، أن بلاده تخطط لمضاعفة إنتاجها من الذهب إلى مليون أونصة بحلول 2030، من نحو نصف مليون أونصة حالياً.
وبحسب موقع "بلومبيرغ الشرق"، قال "الخريف" إن الذهب من أهم المعادن بالمملكة، مشيراً إلى وجود نمو كبير في إنتاج هذا المعدن هذه السنة.
وأضاف الموقع أن إنتاج الذهب في السعودية ارتفع هذه السنة من 479 ألف أونصة، إلى نحو نصف مليون أونصة.
خُطا على طريق الابتعاد عن النفط
اكتشاف كميات كبيرة من الذهب اعتبره المحلل الاقتصادي نمر أبو كف، يأتي في نطاق جهود المملكة لتقليل الاعتماد على البترول، وانسجاماً مع رؤية 2030 في نقل الاقتصاد السعودي وجعله غير معتمد على البترول.
في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يقول أبو كف إن مجمل النمو الاقتصادي للمملكة يبلغ 5%، وهو نمو "ممتاز ويصب في صالح الاقتصاد السعودي".
أبو كف أشار إلى أن السعودية أخذت تبتعد في الاعتماد على النفط كمرتكز أول لاقتصادها، وأصبحت هناك جملة من النشاطات المهمة ترافقها جملة من التعديلات في القوانين.
الاكتشاف الجديد وفق ما يقوله أبو كف، يؤكد أن السعودية تتجه إلى جملة من الوجهات، منها إعادة استكشاف الموارد المعدنية من غير النفط، لافتاً إلى أن "الذهب على رأس هذه الأولويات".
ويرى أن المملكة تحقق إنجازات على طريق الابتعاد عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيس لوارداتها، من خلال انتشار عمليات تنقيب على مستوى البلاد لإعادة استكشاف المعادن، "خاصةً المعادن ذات الأثر الاقتصادي الواضح مثل الذهب واليورانيوم".
السعودية أجرت عدداً كبيراً من التعديلات على قوانينها وأنشطتها، يرى أبو كف أنها "تذهب في اتجاه مهم، وهو جلب الاستثمارات والأسماء الكبيرة في عالم الاستثمار والاقتصاد، لا سيما الشركات الكبيرة في مجال التكنولوجيا لتكون المملكة مقراً لها".
ما يشجع على جلب الاستثمار بالمملكة جملة من الخطوات؛ مثل تعديل القوانين وانفتاح البلاد وتميزها بالقوة الاقتصادية والشرائية لمواطنيها، إضافة إلى موقعها، بحسب أبو كف الذي يؤكد أن السعودية "تسير في الاتجاه الصحيح".
الخبير الاقتصادي، الذي يصف السعودية بـ"منجم كبير للمعادن غير المستغلة"، يؤكد أن المملكة تسعى بقوة لاستغلال هذه المعادن، لافتاً إلى أنه "في حال الوصول إلى أرقام معينة في الاستثمار بهذا الجانب تكون المملكة قد نجحت نجاحاً باهراً وابتعدت عن الاعتماد على النفط".