طه العاني - الخليج أونلاين-
يشهد سوق الأمن السيبراني في السعودية تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبحت الحاجة إلى حماية البيانات والمعلومات الحيوية أمراً ضرورياً في ظل التحول الرقمي وزيادة الاعتماد على التقنيات الحديثة.
وبدأ الاهتمام بالأمن السيبراني يتزايد في المملكة منذ عدة سنوات، ومنذ ذلك الحين شهد السوق نمواً متسارعاً يعكس التزام الشركات والمؤسسات بتعزيز أمن معلوماتها وحماية نظامها السيبراني.
نمو متسارع
ويعبر النمو المتسارع الذي تشهده المملكة في سوق الأمن السيبراني عن تطور البنية التحتية الرقمية وزيادة التحديات الأمنية.
ووفقاً لتقرير "موردور إنتليجنس" للأبحاث، فإن نمو سوق الأمن السيبراني في المملكة سيبلغ 13.78% سنوياً بحلول العام 2029، كما أن حجم هذا السوق يقدر بنحو 630 مليون دولار في العام 2024.
وأشار التقرير الصادر في 25 مارس الماضي، إلى أنه من المتوقع أن يبلغ حجم سوق الأمن السيبراني في المملكة نحو 1.19 مليار دولار خلال 2029.
كما لفت إلى أن البلاد تحتل المرتبة الأولى في منطقة الخليج العربي من حيث حجم سوق التجارة الإلكترونية.
واليوم، تشهد العديد من الشركات في السعودية زيادة مستمرة باستثماراتها في أدوات ومعدات أمن الشبكات.
ولفت التقرير إلى أن حجم سوق التجارة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية قد بلغ 13.61 مليار دولار هذا العام، ومن المتوقع أن يتجاوز هذا الرقم حاجز الـ 27.37 مليار دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 15.01%.
أهمية تتزايد
ويقول الباحث الرقمي نبيل العبيدي، إنه بعد أن أصبح العمل عن بعد إحدى ركائز العمل الطبيعي، أدركت المؤسسات أهمية البيئة الأمنية والأمن السيبراني، ولهذا لم يقتصر العمل على فريق العمل التكنولوجي أو الفني، بل أصبح مهمة تؤرق الجميع، ولهذا يجب تعزيز الثقة في كامل بيئة العمل وأن يكون الأمن السيبراني جزءاً من توصيف الوظائف والأعمال.
ويشير خلال حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى أن التحول الرقمي في السعودية يعتبر عاملاً مهماً في زيادة الطلب على حلول الأمن السيبراني، فمع تطور التكنولوجيا وتزايد استخدام الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية، تتزايد معها التهديدات السيبرانية واحتياج الأفراد والمؤسسات إلى حماية بياناتهم وأنظمتهم الرقمية.
ويضيف العبيدي أن هناك عدة عوامل تؤثر في زيادة الطلب على حلول الأمن السيبراني في السعودية ومنها، توسع نطاق التحول الرقمي مع تنفيذ رؤية المملكة 2030 والتي تهدف إلى تحسين البنية التحتية التقنية وتعزيز التواصل الرقمي، يتم تعزيز التكنولوجيا الرقمية في مختلف القطاعات، مما يزيد من الحاجة إلى الحماية السيبرانية.
وحول العوامل الأخرى، يلفت الباحث الرقمي إلى أن تزايد الوعي بأهمية الحفاظ على سلامة البيانات والمعلومات الحساسة، سواء كانت للأفراد أو المؤسسات، يدفع إلى زيادة الاستثمار في حلول الأمن السيبراني، فضلاً عن تزايد الضغوط التنظيمية على المؤسسات لتطبيق معايير الأمن السيبراني وضمان حماية البيانات الشخصية والمعلومات الحساسة.
ويبين العبيدي أن للعوامل الاقتصادية والسياسية تأثير كبير على نمو السوق السعودي للأمن السيبراني، حيث أن السياسات الحكومية تلعب دوراً هاماً في تشجيع الاستثمار في الأمن السيبراني، وعلى سبيل المثال، يمكن للسياسات التي تعزز أمن المعلومات والبيانات داخل السعودية أن تشجع على زيادة الاستثمار في هذا القطاع.
ويؤكد على أن العوامل السياسية تؤثر على قرارات الشركات الأجنبية بالاستثمار في السوق السعودي للأمن السيبراني؛ فالاستقرار السياسي والتشريعات الاقتصادية السليمة يمكن أن تجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع.
ويلفت العبيدي إلى أن قيمة سوق الأمن السيبراني المتوقعة بحلول 2026 ستصل إلى نحو 36 مليار دولار أمريكي، وهذا مؤشر على أهمية هذا القطاع والتوجه له بشكل إستراتيجي.
شراكة سعودية مصرية
أعلنت مجموعة "ديجيتال بلانتس" المصرية، الرائدة في مجال أمن المعلومات والتحول الرقمي، عن توقيع اتفاقية تعاون مع شركة "كي تايم" السعودية، بهدف تعزيز حضورها ونشر حلولها الأمنية المتطورة في السوق السعودية.
وقد تم توقيع هذه الاتفاقية خلال مشاركة "ديجيتال بلانتس" في فعاليات الدورة الثالثة من المؤتمر التقني "ليب 24" في العاصمة السعودية الرياض، وذلك في الفترة بين 4-7 مارس الماضي.
وتستهدف الشراكة بين الجانبين المصري والسعودي خلق فرص تجارية جديدة وتعزيز التكامل بين خدمات "ديجيتال بلانتس" المتطورة وتلك التي تقدمها شركة "كي تايم" في السوق السعودية، وذلك بهدف تسويق وبيع الحلول الأمنية لمختلف القطاعات الحيوية بالمملكة.
كما تم الاتفاق بين الطرفين على وضع خطة عمل تحدد الخطوات والإجراءات الضرورية لتحقيق الأهداف المحددة، مع التأكيد على أهمية تطوير التعاون لتعزيز منظومة الأمن السيبراني في المملكة وتحقيق أفضل النتائج للقطاع التجاري.
العوامل المحفزة للنمو
يعد نمو سوق الأمن السيبراني السعودية مؤشراً على الاهتمام المتزايد بتعزيز الأمن الرقمي وحماية البيانات.
وساهم التحول الرقمي في مختلف القطاعات الاقتصادية في زيادة الطلب على حلول الأمن السيبراني، حيث أصبح الأمان الرقمي ذا أهمية بالغة، ومع تزايد التطور التكنولوجي، تتعرض المؤسسات والشركات لتهديدات سيبرانية متزايدة، مما يدفعها للاستثمار في حلول الأمن والحماية.
وتشجع التشريعات والمعايير الأمنية الجديدة المطبقة في المملكة الشركات على تعزيز استراتيجيات الأمن السيبراني والامتثال للمعايير المحلية والعالمية، فيما تقوم الحكومة السعودية بتوجيه الاستثمارات نحو تطوير البنية التحتية الرقمية وتعزيز قدرات الأمن السيبراني، مما يعزز النمو في هذا القطاع.
وساهمت حكومة المملكة في تعزيز الأمن السيبراني على المستوى الدولي، حيث أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود في يونيو 2023، أمراً ملكياً بإنشاء مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني، لتكون مؤسسة ذات شخصية اعتبارية، وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وغير هادفة إلى الربح.