اقتصاد » تطوير بنى

الخطوة الأحدث في قطر.. كيف يسير التحول الرقمي بدول الخليج؟

في 2024/05/15

محمد أمين - الخليج أونلاين- 

منذ سنوات، تمضي دول مجلس التعاون الخليجي قدماً في مسيرة التحول الرقمي، من خلال إطلاق مشاريع ومبادرات نوعية كجزء من خططها المستقبلية، والتي كان آخرها إطلاق قطر مشروع الذكاء الاصطناعي العربي "فنار".

وإلى جانب زيادة الاهتمام الشعبي بالمعرفة التكنولوجية، يتمتع قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الخليج بإمكانات لافتة، الأمر الذي وضع على عاتق الحكومات مهمة تطوير بيئة مرنة بهذا الإطار تمهد الطريق لنمو مستمر وازدهار تكنولوجي.

وتواصل الدول الخليجية تحقيق إنجازات في هذا المجال، متحدية بعض العوائق التي تقف أمام مسيرتها التقدمية، والمتمثلة بهجمات الأمن السيبراني، وضرورة تحسين مهارات القوى العاملة لديها لمواكبة هذا التحول، وتطوير التشريعات والسياسات لمواكبة التقدم التكنولوجي وضمان حماية الخصوصية.

قطر.. تقدم كبير

أولت الحكومة القطرية التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي أهمية كبيرة، معتبرة ذلك أمراً أساسياً لتحقيق رؤيتها الوطنية 2030.

وإلى جانب تحسينها البنية التحتية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لتوفير خدمات الإنترنت بسرعة فائقة ومستدامة، أطلقت قطر مشروع الذكاء الاصطناعي العربي "فنار"، لمهمة جمع بيانات عالية الجودة.

وقال رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في منتدى قطر الاقتصادي الذي انطلقت أعماله اليوم الثلاثاء، في الدوحة، إن قطر تسير نحو تحول رقمي شامل، من خلال الاستثمار أكثر في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لافتاً إلى أنها خصصت من أجل ذلك حزمة حوافز مالية بقيمة 2.47 مليار دولار.

كما استضافت قطر، في فبراير الماضي، مؤتمر "قمة الويب 2024"، للمرة الأولى في الشرق الأوسط، بهدف تعزيز الشركات بين كبار المستثمرين وتبادل الخبرات مع رواد الأعمال، وهو أكبر ملتقى تقني في العالم.

كما أطلقت مبادرات ساهمت في إنشاء بيئة مشجعة للابتكار، وأدخلت التكنولوجيا في مجال التعليم والصحة، ووفرت خدمات حكومية لمواطنيها عبر الإنترنت، ما حسن من الكفاءة الإدارية لتطلق في هذا الإطار "المصنع الرقمي، في سبتمبر 2023، لتطوير الخدمات الحكومية الإلكتروني.

ولم تكتفِ قطر بذلك، فقد شملت جهودها في التحول الرقمي "الخدمات المصرفية والمالية"، من خلال تبني تقنيات الدفع الإلكتروني، وتقديم خدمات مصرفية عبر الإنترنت، إضافة إلى اعتمادها تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال تحليل البيانات، واستخدمت التكنولوجيا في المجال الرياضي لتطوير الأداء وتحسين تجربة الجماهير.

ويخطط جهاز قطر للاستثمار، وهو الصندوق السيادي للدولة، أيضاً للاستثمار في صناعة الرقائق، وهي الصناعة الحيوية المرتبطة ببرامج الذكاء الاصطناعي، من خلال مشاركته كمستثمر رئيسي في صندوق "أرديان" لأشباه الموصلات الفرنسي.

ووفقاً لتقرير "الواقع الرقمي في قطر: التخطيط لمستقبل المهارات"، الصادر عن وكالة ترويج الاستثمار في قطر، بالتعاون ديلويت، شركة الخدمات المهنية الرائدة عالمياً، فإن قطر تتبنى اتجاهات التحول الرقمي لتحديث مختلف القطاعات وتحسين الكفاءة والابتكار والنمو الاقتصادي.

وتوقع التقرير الصادر مطلع مارس الماضي، أن يصل حجم الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في قطر بمعدل نمو سنوي مركب قدره 9 مليارات دولار بحلول عام 2024، بزيادة تبلغ 9.2%، في الوقت الذي من المتوقع أن يصل فيه النمو المتوقع في سوق الحوسبة السحابية في قطر إلى 303 ملايين دولار بحلول عام 2026.

الإمارات تتصدر

حققت الإمارات تقدماً كبيراً وملحوظاً في مجال التحول الرقمي الذي وضعته ضمن استراتيجيتها الوطنية 2025، حيث باتت إحدى الدول الرائدة في هذا المجال، ليس فقط على المستوى الخليجي، بل على مستوى العالم.

واستثمرت الحكومة الإماراتية بشكل كبير في تطوير البنية التحتية الرقمية، وذلك بهدف رفع كفاءة العمل الحكومي، وتوفير بنية تحتية رقمية عالمية المستوى، وتمكين خدمات رقمية متكاملة وسهلة وسريعة، ورفع مستوى القدرات والمهارات الرقمية.

وأسست، في مايو 2023، مركزاً للتميّز الرقمي الحكومي بالتعاون مع شركة مايكروسوفت، وشركة دبي دبليو سي الشرق الأوسط، بهدف دعم هذا التحوّل، كما أطلقت، في 1 فبراير 2024، برنامجاً جديداً بهدف "تصفير البيروقراطية الحكومية".

واحتلَّت الإمارات مركز الصدارة في "مؤشر الأداء الرقمي في الخليج العربي 2023" بمتوسّط 65.43 نقطة، وتلتها السعودية بمتوسط 58.34 نقطة، ومن ثم قطر بمتوسط 55.22 نقطة، في حين حقق كل من عُمان والبحرين والكويت متوسِّطاتٍ بلغت 52.46 و52.05 و49.15 نقطة توالياً.

طموح سعودي للريادة

يعتبر التحول الرقمي في السعودية استراتيجية هامة لتحقيق تطلعات المملكة بأن تكون ضمن أفضل عشر حكومات رقمية رائدة عالمياً.

وتتجلى مظاهر التحول الرقمي في المملكة بتوفير خدمات الإنترنت لكافة المواطنين وتقليل تكلفتها، وتسهيل الوصول إلى المحتوى الإلكتروني للبوابات الحكومية، ونشر ثقافة التحول الرقمي من خلال مبادرات عديدة، وتعزيز العائد الاقتصادي من الاستثمار الرقمي.

وما يعكس نتائج الجهود التي تبذلها الجهات الحكومية في التحول الرقمي هو تحقيق السعودية المركز الأول في مؤشر نضج الخدمات الحكوميّة الإلكترونية والنقّالة لعام 2023 الصادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا).

كما حققت المملكة المرتبة الثالثة عالمياً ضمن 198 دولة، حسب بيانات مؤشر نضج الحكومة الرقمية لعام 2022، الصادر عن مجموعة البنك الدولي.

ركيزة كويتية في رؤية 2035

يمثل التحول الرقمي بالنسبة للكويت ركيزة أساسية تستند إليها رؤية 2035، التي تهدف إلى تحسين مستوى الجودة ودفع الاقتصاد إلى تحول رقمي آمن.

وتلجأ الكويت إلى الابتكارات الرقمية وتقنية المعلومات لتطوير كافة القطاعات، خاصة القطاع الصحي، حيث تسعى إلى إدراج "الروبوتات" ضمن المستشفيات لتؤدي مهام طبية وإشرافية وإدارية.

ويتضمن برنامج عمل الحكومة 2023 - 2027، ستة مشاريع تتمثل بإعداد استراتيجية وطنية للتحول الرقمي، وإطلاق إطار عام لحوكمة البيانات في القطاع الحكومي، وإصدار الدليل الشامل لجميع الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية، وتحويل 90% من الخدمات الحكومية إلى رقمية، وإطلاق مشروع مركزي لجمع البيانات الحكومية، وإنشاء جهاز فني خاص للتحول الرقمي.

وسعياً منها إلى التقدم في هذا المجال، استضافت في نوفمبر الماضي، "مؤتمر الكويت للتحول الرقمي الثاني"، الذي شهد إصدار 8 توصيات، أبرزها إقامة استراتيجية رقمية شاملة مع خطط تنفيذ واضحة، وتقييم دوري وتعديل استناداً إلى النتائج.

إدراك بحريني لدور التكنولوجيا

حتى عام 2005، عانت البحرين من قلة الخدمات الإلكترونية، الأمر الذي دفع الحكومة في ذلك العام إلى إنشاء "اللجنة العليا لتقنية المعلومات" التي تقود حتى الآن رحلة التحول الرقمي في المملكة.

ويشكّل التحوّل الرقمي أحد أهم محاور رؤية البحرين الاقتصاديّة 2030، التي تسعى لتبني التقنيات الحديثة والناشئة، ولا سيّما الذكاء الاصطناعي، وتقنية البيانات المتسلسلة (بلوكتشين) وعلوم الروبوتات، من أجل تحسين الخدمات العامة.

وتتضمن الاستراتيجية مبادرات متنوعة تعمل على ترسيخ مكانة البحرين كمركز رائد للتكنولوجيا الماليّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فضلاً عن تشجيع تبني تقنيات الحوسبة السحابيّة على مستوى هيئات القطاعين العام والخاص.

كما تفتح المملكة ضمن الاستراتيجية نفسها الباب أمام الأنظمة الناشئة لمواكبة الصناعات الجديدة والخدمات المستحدثة، مع التركيز على تحويل الاقتصاد إلى اقتصاد رقمي.

وكانت البحرين من أولى الدول التي طرحت خدمات الجيل الخامس في المنطقة من خلال الخطة الوطنية المعتمدة من قبلها لتحسين الاتصالات.

رؤية مستقبلية عُمانية

تواصل سلطنة عمان سعيها لتطوير خدماتها الإلكترونية ورفع تصنيفها العالمي في هذا المجال وفق رؤيتها المستقبلية 2040، وذلك بعد تحقيقها المركز الرابع في مؤشر نضج الخدمات الحكومية الإلكترونية والنقالة لعام 2022، وفق تصنيف لجنة (الإسكوا) الأممية.

وفي هذا الإطار خصصت السلطنة 39 مليون ريال عماني (نحو 101,3 مليون دولار أمريكي) لدعم تنفيذ برنامج أطلقته للتحول الرقمي الحكومي خلال العام الحالي، ما يرفع مخصصات البرنامج خلال عامي 2023 و2024 إلى نحو 55 مليون ريال عماني (نحو 143 مليون دولار)، وذلك وفق بيانات الميزانية العامة للدولة لهذا العام.

ويبلغ حجم الاستثمارات المتوقعة لتنفيذ برنامج التحول الرقمي 2021-2025 نحو 170 مليون ريال عماني، أي ما يعادل 441,6 مليون دولار أمريكي.