اقتصاد » تطوير بنى

البحرين قررت تطويره.. "سوق المنامة" ذاكرة تراثية وداعم اقتصادي

في 2024/07/15

متابعات-

يأتي توجيه ولي العهد البحريني، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، بإطلاق خطة متكاملة لإعادة تطوير المنطقة التاريخية لسوق المنامة، ملبياً لطموح البحرينيين الذين يطالبون بحملة جادة لتأهيل وتطوير السوق الذي يعدّ أحد أبرز الرموز التراثية والسياحية في البلاد.

على الرغم من أن المطالبات بتجديد السوق بما يليق وأهميته تتطرق إليها وسائل الإعلام منذ سنوات لكن، خلال أقل من شهر واحد ازدادت هذه المطالبات على إثر الحريق الذي تعرض له السوق.

وقع الحريق في 12 يونيو الماضي، وأدى إلى حالة وفاة واحدة، وتعرض 9 أشخاص لإصابات وحالات اختناق، وبحسب ما ذكره عضو مجلس النواب أحمد قراطة:

بلغ حجم الأضرار التي خلفها الحريق 10 ملايين دينار (26.6 مليون دولار).
الحريق أتى على أكثر من 70 عقاراً متنوعاً ما بين محال تجارية وشقق سكنية ومبانٍ صغيرة.
عمر بعض المباني التي التهمتها النيران بشكل كلي يصل إلى أكثر من 100 سنة.
هناك توجه إلى هدم جميع العقارات والمباني المحترقة؛ وذلك لتضررها بشكل بالغ.

خطة عمل رسمية

الاثنين (1 يوليو الجاري)، وجَّه الأمير سلمان بإطلاق خطة متكاملة لإعادة تطوير المنطقة التاريخية لسوق المنامة؛ للمحافظة على هويتها التاريخية والثقافية، وتلبية الاحتياجات والبنى التحتية اللازمة للمنطقة.

وكانت تحركات عديدة دفعت نحو تطوير هذا المَعلم البحريني الهام.

أحدث هذه التحركات كشف عنه النائب أحمد السلوم، رئيس كتلة التفكير الاستراتيجي، حيث أفصح عن بلورة حراكٍ نيابي تعمل عليه الكتلة بمعية عدد من النواب، من أجل إطلاق مشروع "إحياء سوق المنامة التاريخية"، وتوفير كل أوجه الدعم لضمان إنجاز المشروع.

وقال السلوم إن الأوضاع التي آلت إليها سوق المنامة "تتطلب تحركاً ميدانياً مشتركاً تتضافر فيه جهود السلطتين التشريعية والتنفيذية، من أجل إنقاذ السوق الذي يُعد إحدى أهم الواجهات السياحية التقليدية في المملكة".

وبيّن أن السوق في وضعه الحالي "يفتقر إلى كثير من الخدمات الضرورية، والمرافق، والشوارع المريحة، ومواقف السيارات، وغيرها من الخدمات التي تجذب الزوار وتستقطب السياح".

تراث ثقافي عريق

سوق المنامة التراثي هو أشهر الأسواق التراثية في البحرين، ويعد جزءاً من التراث الثقافي والاقتصادي في المنطقة.

يشتهر السوق بتقديم مجموعة متنوعة من المنتجات التقليدية والحرف اليدوية، والمجوهرات والأطعمة الشعبية.

والسوق مكان شديد الأهمية لمن يبحثون عن استكشاف الثقافة البحرينية، والتمتع بالتسوق في جو تقليدي ومحلي.

يقع في وسط العاصمة البحرينية، وتعود ملكية المحال فيه إلى أربع جهات، هي: الديوان الملكي، والتجار البحرينيون، وإدارة الأوقاف الجعفرية، وإدارة الأوقاف السنية.

ويتكون السوق من عدة أسواق وهي:

باب البحرين: مبنى ذو تاريخ عريق وتصميم معماري تراثي، يعود تاريخياً إلى العام 1949، صممه المعماري الإنجليزي الشهير تشارلز بلجريف. 

سوق الطواويش: وفيه يتمركز كبار تجار المجوهرات، خاصة تجار اللؤلؤ، إلى جانب مستوردي البضائع والصرافين، ما يجعله يمثل المركز المالي للبحرين.

سوق البز: وهو سوق مختص ببيع الأقمشة.  

سوق العجم: ويحتوي على محلات تبيع مختلف أنواع البهارات والمكسرات المحلية والعالمية، والبضائع الإيرانية.

سوق الحدادة: وفيه محال صناعة الأواني والأدوات النحاسية.

سوق الحواويج: وهو مخصص للعطارين الذين يبيعون مختلف أنواع الأعشاب الطبية والأدوية المصنوعة منها، والمواد الصحية الطبيعية.

سوق التراث: وفيه تباع مختلف التذكارات الشعبية التي تمثل التراث البحريني من مجسمات ولوحات فنية تراثية قديمة.

دعم الاقتصاد المحلي

ما سبق يكشف عن خصوصية مهمة لهذا السوق الذي- إضافة إلى كونه سوقاً تاريخياً- يلعب دوراً كبيراً في دعم الاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص عمل للتجار والحرفيين المحليين.

وهو أيضاً يجذب عديداً من السياح والزوار، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد السياحي.

ومن الناحية الثقافية يعكس السوق التراث الثقافي الغني للبحرين من خلال المنتجات التقليدية والحرف اليدوية التي تُعرض وتُباع فيه.

ذلك ما تؤكده الكاتبة البحرينية د. سهير بنت سند المهندي، في مقال لها بصحيفة "الوطن" حمل عنوان "الهوية التاريخية لسوق المنامة بأيدٍ أمينة".

في مقالها أشادت المهندي، بإطلاق الأمير سلمان خطة متكاملة لإعادة تطوير المنطقة التاريخية لسوق المنامة.

وتؤكد ما لهذه الخطوة من أهمية بالغة؛ لما تمثله السوق من أهمية سياحية واقتصادية، ولكونها تعكس هوية تاريخية وتراثية وثقافية تجذب السائح والمستثمر.

وعليه ترى أن خطة تطوير سوق المنامة ستعزز الاستراتيجية السياحية لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة للبحرين، لتكون وجهة سياحية بارزة ومتميزة.

صور الزمن الجميل

في صحيفة "الأيام" يتطرق الكاتب صلاح الجودر إلى تاريخ سوق المنامة، ومسميات عديدة ارتبطت به، وذلك في مقال حمل عنوان "باب البحرين وسوق المنامة القديم".

وبحسب الجودر، فإن السوق يُؤَرِّخُ لمدينة المنامة بأنها نشأت في عام 1320، وأقدم ذكر لأسواق المنامة هو سوق "القيصرية" عام 1819، وكان أكثر محلات هذه السوق ملك حاكم الإمارة آنذاك، والمنامة حينها تضم 22 سوقاً على أقل تقدير.

ويضيف أن سوق المنامة قديماً كان مجموعة من الأسواق المتداخلة، ولكل سوقٍ مهنة معينة.

ويلفت إلى أن سوق المنامة القديم وشوارعه "تعكس الحالة الاجتماعية التي عليها المجتمع البحريني، فتتداخل في هذه المنطقة الأسواق والبيوت والطرقات، ولا تزال تحافظ على هويتها الوطنية".

ومما يشدّ الكاتب وآخرين، وفق قوله، زيارة سوق المنامة خاصةً في ليالي شهر رمضان، إذ يؤكد أنها "فرصة لاسترجاع صور الزمن الجميل".