اقتصاد » تطوير بنى

هل اقترب المشروع النووي السعودي من الخروج إلى النور؟

في 2024/08/16

(أحمد شوقي \ راصد الخليج)

عاد، في الأيام الأخيرة، الحديث مجددًا عن البرنامج النووي السعودي بعد أن نشر "رافائيل غروسي" المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية تغريدة تشير إلى إحراز تقدم ملحوظ في استعداد المملكة العربية السعودية لقبول الإشراف على برنامجها النووي الناشئ. 

جاء، في هذه التغريدة المؤرخة في 7 آب/أغسطس، نص: "بينما تكون الأنشطة النووية جاهزة للنمو في السعودية، يصبح تسهيل عمل موظفي الوكالة الدولية للطاقة الذرية عند قيامهم بواجباتهم أمرًأ أساسيًا. واليوم، أودعت السعودية وثيقة قبول اتفاق امتيازات وحصانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما يوفر الحماية لموظفينا".

من المعلوم أن المملكة العربية السعودية لا تملك برنامج أسلحة نووية، ولكن الكثير من السياسيين والعسكريين يؤكدون دومًا أنها تملك أسلحة نووية صينية وتموّل برنامج أسلحة نووية في باكستان، وتحاول أن تبني برنامج نووي سعودي على أراضيها. 

لكن؛ في العام 2003، أكدت التقارير أن السعودية تملك ثلاثة خيارات حيال الأسلحة النووية:

الأول: أن تتحالف مع دولة تملك أسلحة نووية لكي تقوم بحمايتها.

الثاني: التخلص من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.

الثالث: امتلاك برنامج نووي سعودي. 

من المعلوم، أيضًا، أن السعودية هي الدولة العربية الوحيدة التي تملك قوة خاصة للصواريخ في جيشها، يُعرف باسم "قوة الصواريخ الاستراتيجية الملكية السعودية"؛ حيث تملك نوعين من صواريخ "رياح الشرق دي إف - 3 أي" وهي صواريخ متوسطة المدى تحمل رؤوس حربية شديدة الانفجار أُنتجت في العام 1971، وتستخدمه دولتين فقط هما السعودية والصين. كما تملك "ودي إف-21"؛ وهي صواريخ متوسطة المدى ذاتية الدفع قادرة على حمل رؤوس نووية، طوّرتها الصين في العام 2008م وتستخدمها فقط السعودية والصين. هذا فضلًا عن صواريخ شاهين القادرة على حمل جميع أنواع الرؤوس الحربية، بما فيها النووية، ويصل مداها إلى 900 كم وطوّرت في باكستان.

وقعت المملكة العربية السعودية، في العام 2008، مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة لبناء برنامج نووي مدني في السعودية، ويكون جزءًا من برنامج "الذرة من أجل السلام". ولا تخضع المنشآت السعودية للتفتيش إلا وفقًا لاتفاقٍ بشأن "بروتوكول الكميات الصغيرة" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأمر الذي لم يسمح للمجتمع الدولي بممارسة الكثير من الرقابة على أنشطتها النووية. وقد وصف مدير وكالة الطاقة الذرية "بروتوكولات الكميات الصغيرة" بأنها تشكّل نقطة ضعف في نظام منع الانتشار العالمي الذي تشرف عليه الوكالة ضمن دورها المزدوج المتمثل بمنع انتشار الأسلحة النووية وتشجيع الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية.

لكن بعد أن أصبحت الرياض الآن على وشك تشغيل مفاعل بحثي صغير، برزت ضرورة توفير المزيد من الضمانات الرسمية. وستكون الخطوة التالية هي تنفيذ "اتفاق الضمانات الشاملة"، والذي يُلزم المملكة بقبول عمليات تفتيش منشآتها. ففي المؤتمر العام السنوي الذي عقدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أيلول/سبتمبر 2023، صرّح وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أن الرياض ستتجه نحو إبرام "اتفاق الضمانات الشاملة"، لكنه لم يذكر إذا ما كانت ستوافق على "البروتوكول الإضافي" الذي يسمح بتنفيذ عمليات تفتيش أكثر تدخلًا من دون سابق إنذار.

في هذا الصدد؛ يقول سايمون هندرسون، في مقال له في معهد واشنطن، إن التحدي الذي يلوح في الأفق هو كيفية التوفيق بين الالتزام السعودي وبين التعليقات السابقة التي أدلى بها الزعيم الفعلي للمملكة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والذي حذّر مرارًا وتكرارًا من أن السعودية ستطور أسلحة نووية إذا قامت إيران منافستها في الخليج العربي بذلك. 

يضيف هندرسون بأنّ هذه الرغبة السعودية تفسر رغبة ولي العهد في إبرام ميثاق أمني مع الولايات المتحدة؛ مع أنّه يضع حجر عثرة كبير أمام موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي على هذا الأمر. ومع ذلك، الجائزة الدبلوماسية المحتملة على المحك بالنسبة إلى واشنطن، أي التطبيع السعودي مع "إسرائيل"، تعني أن الآمال في إبرام ميثاق أمريكي - سعودي ما تزال قائمة، حتى في الأشهر المتبقية من إدارة بايدن.

وكان المحلل السياسي الإسرائيلي إيلي نيسان قد قال، في سبتمبر/أيلول الماضي في تصريحات لموقع بي بي سي، إنّ المفاوضات تجري بين ثلاثة أطراف هي الولايات المتحدة و"إسرائيل" والسعودية. ويقول: "إن هناك شروطًا سعودية تتعلق بتسليحها وتخصيب اليورانيوم، وهناك شروطًا من جانب الولايات المتحدة و"إسرئيل" تتعلق بالجانب الفلسطيني". ويقول نيسان إن: "هناك خلافات داخل "إسرائيل" بين المستويين العسكري والسياسي حيال قضية تخصيب اليورانيوم على الأرض السعودية، فالمستوى العسكري يعارض هذه الفكرة والمستوى السياسي برئاسة نتنياهو يفكر في هذا الموضوع إيجابيًا".

لكن السؤال هنا: هل تقايض السعودية القضية الفلسطينية باتفاق أمني مع أمريكا وتطبيع مع "إسرائيل" لتنفيذ رؤية 2030 وخروج البرنامج النووي السعودي إلى النور؟