في 2025/10/07
عمر محمود - الدوحة - الخليج أونلاين
مع اقتراب إعلان تفعيل التأشيرة الخليجية الموحدة، تتجه الأنظار إلى خريطة السياحة في منطقة الخليج العربي، وإلى مدى قدرتها على إحداث نقلة نوعية في قطاع السياحة على المستويين الخليجي والعربي، والدولي كذلك.
فالتأشيرة الخليجية الموحدة "الشنغن الخليجي" ستتيح للمسافرين من مختلف أنحاء العالم التنقل بسهولة وسلاسة بين دول مجلس التعاون دون الحاجة إلى استصدار تأشيرات متعددة، ما من شأنه تخفيف الأعباء الإدارية، وتقليل التكاليف، وتوسع أمام الزوار آفاق الاستكشاف الثقافي والجغرافي في المنطقة.
وبحسب التوقعات، من المقرر أن يبدأ الإطلاق التجريبي للتأشيرة الخليجية الموحدة خلال الربع الرابع من عام 2025، تمهيداً لتفعيلها الكامل لاحقاً.
وتعد التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة خطوة استراتيجية نحو تعزيز التكامل السياحي بين دول مجلس التعاون الخليجي، وزيادة قدرتها على استقطاب السياح من مختلف أنحاء العالم، بما يدعم مكانة المنطقة كوجهة سياحية عالمية واعدة.
استراتيجية سياحية
تركز الاستراتيجية السياحية المشتركة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية (2023–2030) على تحقيق هدفين رئيسيين: رفع عدد السياح الدوليين إلى نحو 128.7 مليون سائح بحلول عام 2030، وزيادة حجم الإنفاق السياحي إلى ما يقارب 188 مليار دولار أمريكي.
وقطعت دول المنطقة قطعت شوطاً كبيراً في تحقيق هذه الأهداف، إذ بلغت نسبة الإنجاز 58.7% من مستهدفات العائدات السياحية حتى الآن، كما شهدت السياحة البينية بين دول المجلس نمواً ملحوظاً، حيث شكلت 26.9% من إجمالي عدد السياح الدوليين، وهو ما يعكس أثر تيسير السياسات التأشيرية، وتطوير شبكات الطيران، وتنوع الوجهات السياحية في تعزيز حركة التنقل بين دول الخليج.
وتواصل الحكومات الخليجية ضخ استثمارات ضخمة في تطوير البنية التحتية السياحية من خلال توسيع المطارات، وبناء الفنادق والمنتجعات، وتحسين خدمات النقل، لضمان تجربة سياحية متكاملة تواكب المعايير العالمية.
وأصبح القطاع السياحي أحد المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي في المنطقة، حيث يدعم العديد من الصناعات المرتبطة به؛ مثل الضيافة، والطيران، والتجزئة، ويسهم في توفير آلاف فرص العمل للمواطنين.
وتؤكد هذه الجهود التزام دول الخليج بتنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط، وتعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية تستقطب الزوار من مختلف أنحاء العالم، بما يجعل السياحة ركيزة أساسية في خطط التنمية المستدامة لدول المجلس.
السياحة الخليجية
شهدت سلطنة عُمان خلال عام 2024 نمواً مستمراً في قطاع السياحة، إذ بلغ عدد الزوار حتى نهاية يوليو نحو 2.3 مليون زائر، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 2.4% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023.
أما في الإمارات العربية المتحدة فقد بلغ عدد الزوار الخليجيين خلال عام 2024 نحو 3.3 ملايين زائر، ما يمثل 11% من إجمالي نزلاء الفنادق، وجاءت المملكة العربية السعودية في المرتبة الأولى من حيث عدد الزوار الخليجيين إلى الإمارات، بعدد بلغ 1.9 مليون زائر، أي ما يعادل 58% من إجمالي الزوار القادمين من دول مجلس التعاون.
وفي السياق نفسه حققت السعودية إنجازاً بارزاً على خريطة السياحة العالمية، إذ تصدّرت قائمة الدول من حيث نمو إيرادات السياحة الدولية خلال الربع الأول من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، وفقاً لتقرير "باروميتر السياحة العالمية" الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للسياحة، في مايو الماضي
وجاءت السعودية في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث ارتفاع أعداد السياح الدوليين خلال الربع الأول من عام 2025 مقارنة بعام 2019، واحتلت المرتبة الثانية على مستوى منطقة الشرق الأوسط.
وسجلت المملكة نمواً لافتاً في حركة السياحة الدولية بنسبة 102% خلال الربع الأول، متجاوزةً بذلك المعدل العالمي البالغ 3%، ومتخطيةً أيضاً معدل النمو الإقليمي في الشرق الأوسط البالغ 44%، ما يعكس تسارع خطواتها لترسيخ موقعها كوجهة سياحية رائدة إقليمياً ودولياً.
وتواصل دولة قطر تعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية صاعدة، إذ تسعى إلى استقطاب 6 ملايين زائر دولي بحلول عام 2030، وقد اقتربت من هذا الهدف قبل الموعد، بعدما بلغ إجمالي عدد الزوار في عام 2024 نحو 5.1 ملايين زائر، مسجّلة نمواً بنسبة 25% مقارنة بالعام السابق.
ويتميّز القطاع السياحي في قطر بتنوع المقومات الجاذبة التي تؤهله لتحقيق مزيد من النمو في السنوات المقبلة؛ إذ تحتضن الدولة أسواقاً تراثية ومتاحف عالمية المستوى، إلى جانب شبكة نقل عام متطورة، وفنادق ومنتجعات فاخرة، ومراكز تسوق راقية.
وفي إطار التطور المتسارع للقطاع، حققت قطر قفزة نوعية في مجال الضيافة، إذ تجاوز عدد الغرف والشقق الفندقية حاجز 40 ألف وحدة موزعة على عدة فئات.
التكامل الخليجي
ويرى الخبير السياحي أيمن القدوة أن إقرار مجلس التعاون للتأشيرة السياحية الموحدة يمثل تحولاً استراتيجياً في مسار السياحة الإقليمية.
ويقول القدوة لـ"الخليج أونلاين": إن هذه التأشيرة "ستحدث نقلة نوعية في سهولة الحركة السياحية ويعزز من الرحلات البينية المتكررة بين دول الخليج".
ويشير إلى أن التقارير الصادرة عن منظمة السياحة العالمية والمجلس العالمي للسفر والسياحة تتفق على أن هذه الخطوة "ستحدث ثورة في منظومة السفر والضيافة والترفيه بدول الخليج، وستشجع على رحلات متعددة الوجهات وتعمّق التبادل الثقافي والاقتصادي والتعليمي والصحي والرياضي بين دول المجلس".
ويوضح القدوة القرار يأتي في وقت يشهد فيه قطاع السياحة الخليجي نمواً استثنائياً، إذ بلغت القيمة المضافة للقطاع 247.1 مليار دولار بنهاية عام 2024، بنسبة نمو بلغت 31.9% مقارنة بعام 2019، فيما ارتفعت مساهمة القطاع في التوظيف إلى 4.3 مليارات دولار في عام 2023، محققا نمواً بنسبة 24.9%، مع توقعات بتوفير 1.3 مليون وظيفة جديدة بحلول 2034.
ويوضح أن هذا النمو يعزى إلى الجهود المشتركة في تطوير البنى التحتية والخدمات، لكن التأشيرة الموحدة ستضاعف هذا الزخم.
وحول التوقعات المستقبلية، يتوقع القدوة أن تجذب التأشيرة الموحدة أكثر من 129 مليون زائر إلى دول المجلس بحلول 2030، وأن تضاعف الإنفاق السياحي إلى نحو 223.7 مليار دولار بحلول 2034، مما سيرفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 13.3%، أي ما يعادل 371.2 مليار دولار.
ولفت إلى أن هذه القفزة ستعزز مسار السياحة المستدامة في المنطقة، موضحاً أن نسبة المحميات الطبيعية بلغت 19% من مساحة دول المجلس في عام 2023، بزيادة 7.5% عن العام السابق، وهو ما يشجع على تنمية السياحة البيئية.
وأشار إلى أنه مع هذه الرؤية الطموحة، لن يكون الخليج مجموعة وجهات متفرقة، بل قارة سياحية موحدة ومتنوّعة، تجذب الزوار والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم، وتسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لشعوب المنطقة.