شؤون خليجية -
أثار الإعلان عن انطلاق مشروع قطار الخليج العربي العديد من التساؤلات، حول تأثير هذا المشروع على الاقتصاد الخليجي والتجارة البينية بين الدول الخليجية وبعضها، ومع دول العالم، ومسألة التنقل بين دول مجلس التعاون، وهل ستكون بتأشيرة موحدة على غرار الاتحاد الأوروبي، وهل تعد تلك الخطوة دليلًا على جدية وحدة دول الخليج على الطراز الأوروبي، خاصة الوحدة الاقتصادية أم أن المعوقات والأزمات أكبر؟.
وكان رئيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السعودية المهندس محمد السويكت، قد أعلن أمس، عن تاريخ بدء تنفيذ مشروع قطار الخليج بداية مطلع العام المقبل، فور تسلم التصميمات النهائية للمشروع بحلول نهاية العام الجاري 2015، واعتماد مخصصاته المالية، كاشفًا أن الإمارات وسلطنة عمان بدأتا بالفعل في تنفيذ المشروع داخل أراضيهما.
وكان مشروع قطار الخليج الذي يربط دول مجلس التعاون ببعضها قد تم اعتماده من قبل القادة الخليجيين في دورتهم الـ «30» لعام 2009 م. وتم تكليف وزراء النقل والمواصلات بدول المجلس لتكثيف العمل لإنجاز هذا المشروع في أسرع وقت وبأفضل المواصفات العالمية. وأعلن القادة في قمتهم أن الهدف الرئيسي من مشروع السكك الحديدية هو توسيع هذه التجارة البينية، وفتح الأسواق الخليجية وتوحيد السوق. ولهذا تم إقرار إنشاء سكة حديد تربط هذه الدول ببعض؛ لان القطارات تعتبر ارخص وسيلة نقل بين مدن دول الخليج.
وأبرمت دول مجلس التعاون الخليجي اتفاقًا بتسيير رحلات البضائع أولًا بمجرد تدشين الخط، مما يشير لأهميته الاقتصادية، وتأتي بعد ذلك المرحلة الثانية من تشغيله، وهي تسيير رحلات للركاب، حيث إن الخط الذي سيتم إنشاؤه وضع في الاعتبار أن يكون بمقدوره تسيير رحلات ركاب وبضائع في نفس الوقت.
مشروع استراتيجي يساهم في وحدة الخليج
وحول دور القطار في الوحدة الاقتصادية الخليجية، قال عبدالرحيم نقي، أمين عام اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، إن مشروع السكك الحديدية يعد من المشاريع الاستراتيجية المهمة التي من شأنها المساعدة على الإسراع في الوحدة الاقتصادية الخليجية، لتضاف إلى المشاريع الاقتصادية الخليجية الناجحة الأخرى، مثل مشروع الربط الكهربائي والمائي والسوق الخليجية المشتركة، وهيئة الاتحاد الجمركي ومشروع الربط الإلكتروني.
واعتبر "نقي" في تصريح صحفي، أن: "هذا المشروع يعد جزءًا من المساعي الحثيثة لإصدار العملة الموحدة وتأشيرة السياحة الموحدة، والتي تساعد على تحقيق الوحدة الخليجية الكاملة". وأكد أن مشروعات السكك الحديدية في دول مجلس التعاون من شأنها أن تؤمن تحقيق تنمية مستدامة لكل الحاجات الأساسية للأفراد والمجتمعات بشكل آمن، سواء من ناحية نقل الأشخاص أو البضائع دون الإضرار بالمصلحة العامة، أو النظم البيئية لمصلحة الأجيال المقبلة.
قوانين وتشريعات
وأشار "نقي" في تصريحه إلى عدة نقاط يجب التركيز عليها لتمكين مشروعات السكك الحديدية في دول المجلس، ويكون لها انعكاسات إيجابية على التنمية المستدامة، أبرزها تطبيق القرارات والقوانين الصادرة بشأن معاملة الشركات الخليجية معاملة الشركات الوطنية في المناقصات.
كما لفت إلى ضرورة حرص دول الخليج على ملائمة تشريعاتها وقوانينها بتنقل المواطنين والمقيمين، دون أي عوائق إدارية أو بيروقراطية، وتوحيد الإجراءات الجمركية والأنظمة الخاصة بشحن السلع والبضائع، وخاصة بالنسبة للرسوم الجمركية التي تهدف إلى تنقل البضائع بسهولة وتكدس الشاحنات والمركبات في المنافذ الحدودية. وطالب باعتماد النقطة الواحدة في التخليص الجمركي والجوازات، وإصدار التأشيرات السياحية الموحدة بالنسبة للزوار والأجانب من خارج دول المجلس.
تقديرات لأرباح القطار
قدر اقتصاديون خليجيون في ندوة الفرص الاستثمارية في مشروع السكك الحديدية بالعاصمة العُمانية مسقط نهاية 2013، أن نقل البضائع بالسكك الحديدية سيوفر 30 % من كلفة النقل البري الحالي، كما يوفر 60 % إلى 80 % من الطاقة لكل كيلو متر من النقل البري.
وأضاف الاقتصاديون، في تقديراتهم خلال الندوة، أن القطار الذي يحمل ألف طن من البضائع يمكنه أن يحل مكان خمسين شاحنة تستخدم لنقل الكمية نفسها.
وحول تأثير المشروع على القطاع الخاص اعتبر حمدان الهنائي، من شركة رأس الحمراء خلال الندوة المشار إليها، أن تنوع الفرص بهذا المشروع يعتبر مكسباً للقطاع الخاص المحلي.
وكانت مؤسسة السكك الحديدية قد أصدرت دراسة عام 2009، تقارن بين حركة التنقلات والتجارة بين الدول الخليجية وبين المتوقع تحقيقه من المشروع خلال عام 2016، بمجرد بدأ تنفيذه، قالت فيها إنه من المتوقع أن يضيف القطار إلى سلة الإيرادات الخليجية ما يقدر بـ 400 مليون دولار، نتيجة نقل البضائع المستوردة والمصدرة عبر القطار.
وتوقعت أن تزداد حركة نقل الأفراد أيضًا بنسبة تصل لـ37 % بين الأعوام 2016 وحتى الأعوام 2028، بفضل الشبكة الحديدية الخليجية.