قضاء » احكام

(تكافؤ النسب) يعود إلى الواجهة باستجداء (حامل) وإرباك (مرابط)

في 2016/04/07

الحياة السعودية-

أعاد حكم قضائي بـ«فسخ نكاح» فتاة سعودية، من زوجها المرابط على الحدود الجنوبية، إلى الواجهة قضايا «تكافؤ النسب» المثيرة للجدل، بعد أن تم الحكم بفسخ نكاحها من زوجها قبل وضعها طفلها الأول، بحجة عدم تكافؤ نسبيهما، جاء ذلك بعد رفع أعمام الزوجة إلى إحدى محاكم مدينة الرياض «قضية فسخ». فيما لجأت الزوجة إلى بث معاناتها في مواقع التواصل الاجتماعي، عبر مقطع مصور، آملة من الجهات المعنية بإعادة النظر في قضيتها.

وكانت محكمة العيينة أصدرت حكماً بفسخ نكاح فتاة سعودية من زوجها، بعد أن رفع أهل الزوجة قضية فسخ بسبب عدم تكافؤ نسب الزوجين. وأثارت قضية الفسخ، التي تم الحكم بها أخيراً وتم تداولها على نطاق واسع، جدلاً كبيراً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، والذين تعجبوا من حكم القاضي ووصفوه بـ«حكم الجاهلية»، كما طالبوا الجهات القضائية بإعادة النظر في الحكم، كون الزوج أحد المرابطين في الحد الجنوبي. فيما رفض اثنان من أعضاء هيئة كبار العلماء (تحتفظ الحياة باسميهما) التعليق الشرعي على الموضوع، مؤكدين أن القضاء يفصل فيه.

وتداول مغردون مقطعاً مصوراً للزوجة، التي وُصفت بـ«المكلومة»، أكدت من خلاله أنها تزوجت قبل أشهر بموافقة أخيها، كونها كسبت دعوى «عضل» ضد والدها الرافض تزويجها، وقالت الزوجة في المقطع إنها «حامل في شهرها الثامن، ولا تريد سوى سلامة طفلها والعيش مع زوجها بمثابة أسرة طبيعية»، مناشدة الملك وولي العهد وولي ولي العهد بالتدخل شخصياً لإنقاذها وطفلها من الضياع.

وذكرت الزوجة أنها عاشت يتيمة منذ أن كان عمرها خمس سنوات، بسبب أن والدها لم يكن يهتم بها، وظلت تقيم مع أخوالها، بينما كان والدها يرفض تزويجها من كل من تقدم إليها، بدون أعذار منطقية، وأشارت إلى أنها اضطرت إلى رفع «دعوى عضل» ضده، وتم الحكم لمصلحتها، ومن ثم زوّجها أخوها لمواطن يعمل رجل أمن، وأكدت «الزوجة» أن أعمامها بعدما علموا أنها حامل رفعوا دعوى عدم تكافؤ نسب، وتم تطليقها على رغم مخالفة ذلك للشرع، مشيرة إلى أن القاضي لم يمنحها وزوجها الفرصة الكافية للدفاع عن قضيتهما.

بدوره: قال عضو الأمان الأسري بالحرس الوطني المحامي والمستشار القانوني محمد الوهيبي لـ«الحياة» إن فسخ النكاح معمول به تجنباً لما قد ينتج منه من قطيعة للأرحام، بعد زواج الفتاة من رجل ليس من الرجال الأكفاء من حيث النسب، إضافة إلى ما ينتج من هذا الزواج من مضار تمتد إلى بقية أفراد الأسرة؛ مثل عدم زواج بقية أخوات الفتاة وتضررهن بزواج أختهن، وكذلك الأضرار التي تمتد إلى الزواج ذاته من اضطراب الحياة الزوجية بسبب التفاوت الاجتماعي بين الزوجين، مؤكداً أن فسخ النكاح لعدم تكافؤ النسب يعود إلى سلطة القاضي التقديرية في النظر إلى الضرر وحجمه الذي وقع على الأسرة بأكملها، ويجب إثبات هذا الضرر أمام القضاء، وأنه لا يمكن إزالته إلا بفسخ عقد النكاح.

وأضاف: «إن المعمول به في المحاكم السعودية هو ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام والقواعد الشرعية، كـ(لا ضرر ولا ضرار)، وقول الخليفة عمر بن الخطاب: «لأمنعن تزوج ذوي الأحساب إلا من الأكفاء».

مشيراً إلى أن الزواج غير المتكافئ يتحمل نتيجته ولي أمر الفتاة، لعدم سؤاله عن المتقدم لخطبة من تحت ولايته وإجبارها، وتابع: في بعض الحالات تتقدم الأنثى بدعوى عضل ضد الولي، ليتسنى لها الزواج، إلا أن المتقدم للخطبة أيضاً قد يقوم بالتدليس والخداع وإخفاء حقيقة نسبه عن أهل الفتاة، وللولي هنا طلب إبطال عقد النكاح لوقوعه في التدليس وليس الفسخ، وللقاضي القضاء بعقوبة تعزيرية لزوج الفتاة؛ لقيامه بالتغرير والمخادعة،

مؤكداً أن القاعدة في هذا الأمر هي: «إذا كان زواج الفتاة لا يترتب عليه ضرر يجب عدم فسخ نكاحها، ولكن إذا ترتب على الزواج ضرر أكبر من الضرر الذي يترتب على الفسخ فإن مصلحة الأسرة تقدم على مصلحة الفتاة».

كما يحق للأسرة رفض من لا يجدونه مكافئاً لنسبهم أو غير ذلك، لقول الرسول، عليه الصلاة والسلام: «تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس». ولا يجب فسخ عقد النكاح بعد إبرامه؛ إلا بوجود ضرر واضح لا يمكن إزالته إلا بفسخ النكاح.

وعن المقطع المصور، قال الوهيبي: في ما يخص التصوير والنشر لاستعطاف الناس وحمل بعض العبارات التشكيكية في القاضي والجهات القضائية، فهذا غير مقبول بأية حال، ويعطي الحق في ذلك لمجلس القضاء أو القاضي بطلب محاسبتها على ذلك، فالنظام القضائي في المملكة أعطى الحق في الاعتراض على الأحكام القضائية في حالات كثيرة، وتتم مراجعتها وتدققيها من عدد من القضاة، وتمر بأكثر من مرحلة. وهذا يعد تشهيراً وتشكيكاً في نزاهة القضاء السعودي، ولو صح ما ذكرت السيدة من تعرضها للظلم من القاضي وعدم إعطائها حقوقها فلها كامل الحق في التقدم بشكوى ضد القاضي لدى مجلس القضاء الأعلى، أو حتى إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. يذكر أن محاكم المملكة شهدت 16 طلب فسخ نكاح لعدم تكافؤ النسب، خلال 10 أشهر من السنة الماضية، بحسب مصدر في وزارة العدل. واحتلت الرياض الصدارة، بمعدل تسع قضايا، ثم الشرقية بخمس قضايا، في حين لم تشهد المدينة المنورة إلا قضية واحدة، وكذلك جدة.

وصرح مصدر قضائي في وزارة العدل بأنه شهد فسخ عقدي نكاح في منطقة الرياض لعدم تكافؤ النسب، وذلك بعد نظر القاضي إلى الضرر الذي يترتب على استمرار الزواج، وانقطاع المتقدمين لخطبة أخوات الفتاة، نتيجة زواجها غير المتكافئ.