تواصل السلطات البحرينية، بدفعٍ وتشجيعٍ سعوديين، تضييق الخناق على القوى السياسية المعارضة، والرموز الدينية. فمسلسل التصعيد الذي بدأ مع بداية العام الجاري، مع سجن الأمين العام لـ«جمعية الوفاق الإسلامية»، الشيخ علي سلمان، وصولاً إلى سحب الجنسية من الشيخ عيسى قاسم، الشهر الماضي، استمرت حلقاته، أمس، بمحاكمة الأخير، بتهمة «جمع الأموال بطريقة غير مشروعة وتبييضها».
ورفعت «المحكمة الكبرى الجنائية»، في البحرين، أمس، جلسة إصدار الحُكم على المرجع الديني الشيخ عيسى قاسم، إلى 14 آب الجاري، بعد تغيّبه، مع محاميه، عن حضورها.
فبعد سحب الجنسية من قاسم، بقرار من وزارة الداخلية في 20 حزيران الماضي، اتهمت حكومة المنامة، قاسم واثنين آخرين، بـ«جمع الأموال بطريقة غير مشروعة وتبييضها»، إلى جانب تُهمٍ أخرى، سبق أن صدرت بحقّه، كـ«استغلال المنبر الديني لخدمة مصالح أجنبية»، في اشارة إلى طهران، التي تتهمها المملكة الخليجية بدعم المعارضة والحراك القائم هناك، منذ عام 2011.
ونقلت «وكالة أنباء البحرين»، الرسمية، عن المحامي العام، هارون الزياني، قوله إن «المحكمة بدأت اليوم (أمس) النظر في القضية، والمتهم فيها ثلاثة أشخاص، بينهم رجل دين، لارتكابهم جريمتي جمع الاموال بغير ترخيص، وغسل الأموال باجراء عمليات عليها، لإخفاء مصدرها ولإضفاء المشروعية عليها، على خلاف الحقيقة»، في وقتٍ نقلت فيه وكالة «فرانس برس» عن مصدر قضائي بحريني أن المتهمين الثلاثة هم الشيخ عيسى قاسم، وشخصان مقربان منه، هما الشيخ حسين المحروس، وميرزا العبيدلي.
وكردٍّ احتجاجي على المحاكمة، دعت قوى المعارضة أنصارها للنزول إلى الشوارع، طالبةً منهم العمل «على شل الحركة المرورية طوال اليوم»، ما دفع بالسلطات إلى اتخاذ إجراءات أمنية مشدّدة، بالتزامن مع الاعتصام القائم، منذ 20 حزيران، في محيط منزل قاسم، في بلدة الدراز.
واستندت الاتهامات إلى «جمع قاسم لأموال على خلاف القانون»، لافتةً إلى أنه «أودع جزءاً منها في حساباته المصرفية الخاصة». وتقدّر المنامة حسابات قاسم بأكثر من عشرة ملايين دولار أميركي، فيما «احتفظ بالباقي على شكل سيولة نقدية كبيرة بغية الإفلات من الرقابة القانونية». كما اتهمت المحكمة قاسم بشراء عقارات بأكثر من مليون دينار بحريني (2,65 مليون دولار) بقصد «إضفاء المشروعية على ماله». وأكّدت الوكالة البحرينية، أن النيابة العامة أجرت تحقيقاتٍ مكثفة في هذه القضية، فور تلقيها البلاغ لـ«استظهار الملابسات والظروف المادية والواقعية المحيطة بهذه الوقائع كافة»، ولتتبع الأدلة المتعلقة في عملية جمع الأموال وتحديد مصادرها وأوجه إنفاقها، من خلال رصد وتوثيق التحركات المالية، والمصرفية التي أجراها المتهمون على تلك الأموال، لافتةً إلى أن نتائج التحقيقات «انتهت بإحالة أولئك للمحاكمة، في ضوء ما توافر من أدلة قاطعة على ارتكابهم هاتين الجريمتين».
وفي السياق، نفى المستشار الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، تدخل بلاده في الشؤون البحرينية، لكنّه عبّر عن دعمها لـ«الديموقراطية، وحرية التعبير، وحقوق الإنسان هناك». ووصف محاكمة قاسم بأنها «إجراء ينمُّ عن وقاحة»، مشيراً إلى أن «الحل في البحرين سياسي محض، ويبدأ بالإفراج عن (الأمين العام لجمعية الوفاق الإسلامية) الشيخ علي سلمان، وصون حرمة آية الله الشيخ عيسى قاسم».
في غضون ذلك، ذكرت النيابة العامة، أن 138 شخصاً سيمثلون أمام المحكمة، الشهر المقبل، بتهم «تشكيل جماعة إرهابية»، و«التجسس والهجوم المسلح على ضبّاط شرطة»، إذ تؤكّد المنامة أن «الحرس الثوري الإيراني ساعد هاربين من المملكة على تأسيس جماعة متشددة تسمّى كتائب ذو الفقار، لزعزعة استقرار البلاد». وأشار بيان النيابة إلى أن محاكمتهم ستبدأ في 23 آب المقبل.
الاأخبار اللبنانية-