وكالات-
قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» و«مشروع العدالة الباكستاني» إن نظام القضاء الجنائي السعودي يخرق حقوق المتهمين الباكستانيين في الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمات العادلة.
وقالت المنظمتان الحقوقيتان، في تقرير مشترك، إن «النواقص البالغة في النظام الجنائي تترك آثارا أكبر على الباكستانيين، الذين يواجهون صعوبات جمّة في العثور على المساعدة القانونية والتعامل مع إجراءات المحاكم السعودية، وفي تحصيل الخدمات القنصلية من مسؤولي السفارة الباكستانية».
ووثق التقرير الصادر بعنوان «عالقون: معاملة الباكستانيين في النظام الجنائي السعودي»، في 20 صفحة، تفشي انتهاكات كل من النظام الجنائي السعودي والمحاكم السعودية للإجراءات القانونية الواجبة في القضايا الجنائية التي يتهم بها باكستانيون، والذين يبلغ عددهم في السجون السعودية حاليا 2795.
وتشمل الانتهاكات الاحتجاز لفترات مطولة دون اتهام أو محاكمة، وعدم إتاحة المساعدة القانونية من قبل المصالح القنصلية لبلادهم، والضغط على المحتجزين لتوقيع اعترافات وقبول أحكام بالسجن تقررت مسبقا لتفادي الاحتجاز المطول، بالإضافة إلى خدمات الترجمة غير الفعالة.
كما أفاد بعض المتهمين بالتعرض للمعاملة السيئة، وبأن الظروف في السجن رديئة.
وتستضيف السعودية 12 مليون أجنبي، أكثر من ثلث تعداد سكان المملكة الكامل.
وهناك نحو 1.6 مليون باكستاني أغلبهم عمال وافدون، وهم يشكلون ثاني أكبر جالية في السعودية.
شهادات
وحوى التقرير، الذي تزامن مع صدور التقرير السنوي لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، على شهادات بشأن سوء معاملة الباكستانيين داخل السجون السعودية.
الباكستانية «راضية حبيبي» تقول إن زوجها أجبر على تهريب المخدرات، تم إعدامه بعد أن قضى 14 سنة في أحد السجون بالسعودية.
وتضيف: «زوجي كان يعمل في معمل للنسيج حين اتصل به بعض الأشخاص ادعوا بأنهم يريدون إرساله إلى العمرة مجانا»، موضحة «استغلوه لإدخال المخدرات إلى السعودية. وتم القبض عليه في المطار واقتياده إلى مركز للشرطة حيث عُذب وعُلّق من قدميه».
وتضيف «راضية» قائلة: «قال لي إنه طيلة ثلاثة أشهر لم يكن يتناول غير الماء وبعض الخبز بين يوم وآخر. وقال أيضا إن إجراءات المحاكمة كانت تتم باللغة العربية بينما نحن نتكلم البنجابية. زد على ذلك أن زوجي كان أميا ولم يكن يعرف شيئا».
وتستطرد: «منذ أن تم إعدامه، لم يذهب أطفالي إلى المدرسة. كيف تعيش امرأة بعد أن يموت عنها زوجها وتفقد عماد بيتها؟».
ورصد تقرير «هيومان رايتس ووتش» شهادة مواطن باكستاني آخر رفض الكشف عن هويته، واختار لنفسه اسم «حسن».
وحسب «حسن»، فإن والده محتجز في السعودية بتهمة التهريب؛ لأنه جلب معه «أدوية مسكنة للآلام» خلال زيارته لأداء العمرة.
وقال: «والدي في السجن بالسعودية. لقد جلب معه أدوية سببت له المشاكل. كان تصرف السلطات معه مروعا. لم يستجوبوه طيلة 8 أشهر. لقد أبقوا عليه في السجن، ولم يخبروه أبدا متى يمثل أمام المحكمة أو إذا ما كانوا يجمعون الوثائق الخاصة. وإذا أراد شخص زيارته لم يكونوا ليسمحوا بذلك».
كابوس
ويقول الباحث لدى منظمة «هيومان رايتس ووتش»، «آدم كوغل»، إن «العديد من الباكستانيين يسافرون إلى السعودية لأداء الحج أو العمرة أو للعمل وكسب المال. لكن منهم من يقع فريسة النظام الجنائي السعودي، وسرعان ما تتحول تجربتهم هذه إلى كابوس.
وأضاف: «بما أنه ليس لديهم محامون فهم غالبا ما يعتمدون على زملاء لهم في السجن لكتابة إفادتهم، وعندما يمثلون أمام المحكمة لا يمكنهم قراءة الوثائق التي أمامهم».
وأوضح: «لكل هذه الأسباب، يجدون أنفسهم في كثير من الأحيان مجبرين على التوقيع على اعترافات لا يمكنهم حتى فهمها».
أما مسؤولة المكتب الإعلامي في منظمة «مشروع العدالة الباكستاني» (غير حكومية)، «ريميل محي الدين» فتقول: «على مدى سنوات، شهد النظام القضائي الجنائي في السعودية العديد من الثغرات التي تم توثيقها جيدا. لكن هذا النظام جد تمييزي بحق المواطنين الباكستانيين والرعايا الأجانب الآخرين. ينتهكون حقهم في محاكمة عادلة في أية فرصة تسنح لهم».
وتضيف: «الباكستانيون يشكلون أكبر نسبة من الإعدامات بحق الرعايا الأجانب في السعودية. وأغلبهم إن لم أقل كلّهم أُعدموا بتهم تتعلق بالمخدرات. تقريبا كل المواطنين الباكستانيين هناك أفادوا بأنهم لم يستطيعوا التواصل مع قنصليات بلادهم، ولا يبدو أن المسؤولين الدبلوماسيين الباكستانيين العاملين داخل المملكة بذلوا أدنى جهد حتى يكون لهؤلاء المتهمين تمثيل قانوني».
لذلك ترى «ريميل» أنه «ينبغي على السلطات السعودية أن تعيد النظر في نظامها القضائي الجنائي»، لافتة إلى أنه «للسجناء الحق في أن يكون لهم محام ولهم الحق في مترجمين. وألا يكون ضحية اعتقالات تعسفية».
وتابعت: «كما أنه يجب على السلطات في المملكة أن توقف كل الإعدامات التي لا تخص جرائم العنف بما فيها جرائم المخدرات».