صحيفة “نيويورك تايمز”-
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا للكاتبة ميشيل غولدبيرغ تحدثت فيه عن اعتقال توماس باراك، رئيس لجنة تنصيب الرئيس السابق دونالد ترامب الذي اعتقل يوم الثلاثاء بسبب خرقه قواعد العملاء الأجانب والكذب. وقالت “كان يا ما كان، هناك أخبار ضخمة لو وجهت اتهامات لمدير سابق لحملة رئيس بتهم العمل كعميل لقوة أجنبية”.
إلا أن رئاسة دونالد ترامب خلفت لنا تضخما في الفضائح، وعند هذه النقطة تمت إدانة أو توجيه اتهامات لمن شاركوا في حملة انتخابات عام 2016، حتى لو تم العفو عنهم. فقد تم توجيه تهمة الغش الضريبي للمدير المالي لشركة ترامب قبل أقل من شهر. وعليه عندما اعتقل توماس باراك، الملياردير المستثمر في العقارات وأكبر جامع تبرعات لحملة ترامب يوم الثلاثاء واتهم بأنه لم يسجل نفسه كعميل أجنبي عن الإمارات العربية المتحدة إلى جانب المتهمين الآخرين. وتبدو كأنها قصة عضة كلب. وطالما وصف الإستراتيجي روجر ستون- المجرم بطبيعة الحال- باراك بأنه من أفضل أصدقاء ترامب. ولو لم تكن تعرف شيئا عن باراك غير هذا، فإنك ستعرف أنه سينتهي مقيدا بالقيود.
ومع ذلك فاعتقال باراك مهم، لأن تعامل ترامب مع الإمارات والسعودية يستحق تحقيقا موسعا كعلاقة إدارته مع روسيا.
ولم يحدث هذا حتى الآن. وعندما قدم المحقق الخاص روبرت مولر شهادة أمام الكونغرس، قال له آدم شيف، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب “لم نكلف أنفسنا بالسؤال حول ما إذا كانت الإغراءات المالية من الخليج تؤثر على سياسة الولايات المتحدة لأنها خارج الأركان الأربعة لتقريرك، ولكن علينا أن نعرف هذا”، لكننا لم نعرف. ومن غير المحتمل في حالة محاكمة باراك، لو ذهبت بعيدا، أن تجيب عن الأسئلة المهمة حول المال الخليجي وأثره في سياسة ترامب، ولكنها قد تجيب على بعض الأسئلة. وعلينا معرفة أن روسيا ليست الدولة الوحيدة التي أرسلت موفدين إلى برج ترامب خلال الحملة الرئاسية وعرضت المساعدة. فقد وجدت اللجنة عن الحزبين المتخصصة في الاستخبارات بمجلس الشيوخ بتقريرها حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لقاء في آب/أغسطس 2016 في برج ترامب وكان حاضرا فيه دونالد ترامب جي آر وجورج نادر، مستشار ولي العهد في أبوظبي، محمد بن زايد وجويل زامل، مالك شركة إسرائيلية خاصة، بيسي غروب. ويقضي نادر فترة سجن بعد إدانته بتجارة الجنس وحيازة أفلام إباحية عن الأطفال.
وحسب تقرير لجنة مجلس الشيوخ: “سأل زامل ترامب جي آر إن كانت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تقودها بيسي غروب وبتمويل من نادر ستمثل تضاربا لحملة ترامب”. و”بحسب زامل، فقد أشار ترامب جي أر ألا يمثل تضاربا” لحملة والده. وأخبر زامل اللجنة في مجلس الشيوخ إن شركته لم تقم أبدا بهذا العمل و”مع ذلك، وكما وصف أدناه، فقد شارك زامل في العمل نيابة عن نادر الذي دفع مليون دولار”. وزعم زامل أن الدفعة المالية هي لتحليل منصات التواصل الإجتماعي في مرحلة ما بعد الانتخابات. وقالت لو كانت كل الاتهامات لباراك صحيحة، فهذا يعني أنه عندما كان يعمل مستشارا للإمارات ويقدم نصيحة لحملة ترامب الانتخابية، فإن عميلا للإمارات كان يشكل سياسة ترامب الخارجية. بل وقام بإدخال اللغة المفضلة لهذا البلد في واحد من خطابات المرشح الرئاسي. ويقول المدعون إن باراك أخبر مسؤولا بارزا للإتصال بـ “المسؤول الإماراتي 2″ الذي عينه في داخل حملة ترامب. وقد كان باراك من اقترح بول مانفورت الذي اتهم بجريمة لاحقا لترامب”. وعندما سأل مسؤولون إماراتيون باراك إن كان يعرف بالشخصيات التي عينها ترامب، رد كما قيل “نعم أعرف” واقترح ان يكون التواصل عبر الهاتف. وقال إنه سيسافر للإمارات لكي يعمل على استراتيجية مع قيادتها حول ما تريده من أول 100 يوم من رئاسة ترامب، أو أول ستة أشهر، أول عام وأول فترة رئاسية.
وفي الأشهر الأولى من إدارة ترامب يقول المدعون إن شخصا إماراتيا آخر وهو سلطان راشد المالك الشحي- من بين الذين صدرت لائحة اتهامات ضدهم يوم الثلاثاء، أرسل رسالة نصية أشار فيها “جماعتنا تريد منك المساعدة وهم يأملون بأن تدير رسميا الأجندة” فرد باراك “سأفعل”، ووصف باراك الشحي لاحقا بـ “السلاح السري من أجل تمرير خطة أبوظبي” من ترامب. وفي ذلك الوقت كانت هناك عدة دول بمن فيها الإمارات تفرض الحصار على قطر. ورغم حيادية كل من وزارة الدفاع والخارجية فقد نشر ترامب تغريدات بدت داعمة للحصار بل ونسبه لنفسه. وطوال رئاسته كان ترامب حليفا مناسبا للإمارات والسعودية، الذي كان ولي عهدها تلميذا لمحمد بن زايد. واختار ترامب السعودية محطة لأول رحلة خارجية له ومزق الاتفاقية النووية التي مقتها قادة الخليج. ومن بين قرارات الفيتو التي أصدرها ترامب، كانت هناك خمسة تتعلق بالسعودية والإمارات.
وأكثر من هذا فقد تجاوز الكونغرس الذي حاول وقف الدعم العسكري الأمريكي في اليمن، الذي شنت فيه السعودية والإمارات حربا شرسة، وذلك حسب مؤلف كتاب “غضب” بوب وودورد، بالإضافة لموقف الإدارة من مقتل جمال خاشقجي، حيث رفضت التدخل أمام الغضب الدولي. ولا يوجد مبرر لكي نعزو قرارات ترامب لباراك، فقد أحب ترامب الطغاة وبهرجتهم ولديه مصالحه المالية في الإمارات. وقدم ترامب جارد كوشنر، زوج ابنته لمعارفه في دول الخليج، وكانت لجارد أسبابه الخاصة لمتابعة تحالفاته معهم، وتحديدا دفع دول مسلمة أخرى لعقد اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل.
ومع ذلك فلو تبين أن عضوا في الدائرة المغلقة لترامب كان يخدم مصالح الإمارات، فهذا أمر كبير. ويذكر الجميع أننا لا نعرف ما حدث للسياسة الخارجية في أكثر الحكومات فسادا في تاريخ أمريكا. وفي حزيران/يونيو 2018، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن شركة باراك “جمعت 7 مليارات دولار منذ حصول ترامب على ترشيحه” وجاء ربع المبلغ من الإمارات العربية المتحدة أو السعودية. وتنحى باراك عن دوره كمدير تنفيذي للشركة في آذار/مارس، ولكنه أخبر في الأسبوع الماضي تلفزيون “بلومبيرغ” إن الإماراتيين من ضمن المستثمرين في “المنتجعات الضخمة” و”صناعة الضيافة المتعلقة بالعافية والصحة”. ومن حق الأمريكيين معرفة إن كان باراك قد باع تأثير مستثمرين على حساب السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وربما كان سوق الفضائح لترامب قد أشبع، ولكن عندما يتعلق الأمر بدور الأموال الأجنبية في الإدارة فهناك وفرة في الألغاز.