متابعات-
عادت في الكويت قضية "صندوق الجيش" إلى الواجهة، بعد الحكم الذي أصدرته محكمة التمييز الكويتية، الأحد، بحبس وزير الدفاع الأسبق خالد الجراح الصباح، وآخرين، 7 سنوات مع الشغل، بتهم تتعلق بإساءة استخدام أموال "صندوق الجيش".
وامتنعت المحكمة النطق بعقاب رئيس الوزراء الأسبق الشيخ جابر المبارك الصباح (إدانة من دون سجن)، مع إلزامه برد مبالغ مالية.
وتعود فصول القضية إلى نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، حين صدم وزير الدفاع آنذاك الشيخ ناصر صباح الأحمد، الشارع الكويتي، بإحالة بلاغ "صندوق الجيش" إلى النيابة العامة يتضمن تجاوزات مالية ضخمة في وزارة الدفاع، والاستيلاء على أموال مُخصصة للجيش الكويتي، والتربح من صفقات شراء طائرات حربية.
وحينها اتهم الشيخ ناصر، علناً فيها كل من رئيس مجلس الوزراء آنذاك الشيخ جابر المبارك، ووزير الداخلية الشيخ خالد الجراح، أثناء فترة توليه وزارة الدفاع (من الفترة بين 2013 إلى 2017)، إضافة إلى عدد من كبارة قادة الجيش والوزارة.
وأدى بلاغ "صندوق الجيش" إلى إشعال الرأي العام، بعدما سُربت أوراقه وبياناته في وسائل التواصل الاجتماعي، ودارات فيها حرب بيانات بين وزيري الدفاع والداخلية في ذلك الحين.
وقال الشيخ ناصر، إن رئيس الحكومة تهربّ من تقديم ردود على تساؤلاته، واستنكر تشكيل رئيس الوزراء لجنة تحقيق برئاسة أحد المتورطين فيها، وردّ الأخير ببيان اتهم فيه وزير الدفاع بتسريب مستندات القضية إلى الإعلام، وأن طموحاته السياسية أدت إلى إثارته القضية، في تعبير عن الشرخ الكبير بين أطراف الأسرة الحاكمة في الحكومة آنذاك.
وإثر ضغط الشارع الكويتي الواسع، والضغط السياسي والنيابي، تقدمت الحكومة باستقالتها، وأطاح البلاغ رسمياً رئيس الحكومة في ذلك الحين الشيح جابر المبارك الصباح من منصبه.
وحينها، أقال أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح وزيري الدفاع والداخلية من منصبيهما، وأنهى مستقبلهما السياسي، وكلّف لاحقاً في نفس العام الشيخ صباح الخالد بتشكيل الحكومة الجديدة.
وتعلقت التهم المالية بسحب مبالغ نقدية بلغت نحو 240 مليون دينار كويتي (782 مليون دولار تقريباً) من الأموال المخصصة للجيش الكويتي في "صندوق الجيش"، والحسابات المرتبطة به مما يتعلق بتقديم المساعدات لمنتسبي الجيش، والتربح من صفقات شراء طائرات "يورو فايتر" الحربية المقاتلة.
وخلال سنوات المحاكمة، حُبس رئيس الوزراء السابق الشيخ جابر المبارك، ووزير الداخلية السابق الشيخ خالد الجراح، على فترات مُختلفة، في سابقة بتاريخ الكويت بحبس أبناء من الأسرة الحاكمة على خلفية قضايا فساد، كما جرى منعهما من السفر خلال فترات المحاكمات.
وامتدت قضية "صندوق الجيش" إلى إعفاء وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ علي الجراح من منصبه في يوليو/ تموز 2021، والذي شغله منذ عام 2017، بعدما تسرّب إلى وسائل الإعلام كتاب صادر عنه إلى محكمة الوزراء في القضية.
وجاء في التسريبات، أن المصروفات التي قام بها رئيس الوزراء السابق ووزير داخليته من "صندوق الجيش" والمكاتب العسكرية الخارجية، قد جرت بعلم وموافقة أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح، وأنها كانت ذات طبيعة سرية لاعتبارات سيادية.
وكانت محكمة الوزراء الكويتية قد قضت، في حكم نهائي صدر في مارس/ آذار 2022، بالبراءة لرئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ جابر المبارك، ووزير الداخلية السابق الشيخ خالد الجراح، ولباقي المتهمين في القضية، من كافة التهم المنسوبة إليهم، قبل أن يصدر القرار الجديد عن محكمة التمييز اليوم.
وأثار قرار المحكمة في جدل واسع، داخل الكويت، وسط تباين في الرأي حول الحكم، وسط دعوات للشيخ ناصر (توفي في ديسمبر/كانون الأول 2020 بعد شهور قليلة من وفاة والده حاكم البلاد السابق) بالرحمة، لأنه السبب في هذه القضية.
وعبر ناشطون عن سعادتهم بالأحكام الصادرة، لافتين إلى أن ما جرى يمثل شفافية الحكومة والأسرة الحاكمة.
بينما عبر البعض عن تعجبهم بعدم إدانة الشيخ جابر المبارك، متسائلين عن ماهية امتناع المحكمة النطق بعقابه، رغم مطالبتها برد أموال.