خالد السويدي- الإمارات اليوم- كان يخطب في صلاة الجمعة قبل توحيد الخطبة على مستوى الدولة، يرتجل الخطبة ليتناول فيها موضوعات اجتماعية وسياسية مختلفة، عُرف بانتقاده اللاذع وتعليقه على الظواهر الاجتماعية والأحداث السياسية، كان المسجد يمتلئ بالمصلين الذين يتأثرون بأسلوبه وطريقة خطبته.
في المسجد نفسه كانت هناك دروس دينية على شكل حلقات، يتجمع فيها الصبيان والشباب بشكل أسبوعي، بالطبع كان معظم أولياء الأمور يحسنون الظن في هذه الحلقات، ولم يفكروا ولو لحظة أن هناك ما يثير الشكوك.
ومرت الأيام لأُفاجأ كما فوجئ غيري بأن الخطيب من ضمن الأشخاص الذين تم إحالتهم للقضاء في ما يُعرف بمجموعة شباب المنارة، بعد أن قبضت عليهم الأجهزة الأمنية مشكورة قبل فترة من الزمن، حيث تبين من خلال أمر الإحالة نية هذه الجماعة القيام بعمليات إرهابية، إضافة إلى تهم أخرى تصب في السياق نفسه.
عن نفسي لا أعرف ما هي الخلفية الدينية والتاريخية للخطيب وغيره من أعضاء الجماعة، ولكن لم أكن أستطيع الجزم بأنه يحمل هذا الفكر التكفيري الذي انتشر بصورة تدعو للقلق في الآونة الأخيرة، وراح ضحيته الأبرياء من دون ذنب.
محاربة الفكر التكفيري تكون بالفكر، وتأتي بعدها الأساليب الأخرى، الفكر يحتاج إلى رجال دين قادرين على التأثير بأساليب جديدة، وليس بتلك التي عفا عليها الزمن، هم مطالبون بأن يواكبوا العصر لا أن يخاطبوا الشباب بالطريقة نفسها التي كانت قبل مئة عام، وليتركوا عنهم الشدة والغلظة في الوعظ والترهيب، وليخاطبوا قلوبهم وعقولهم في الوقت نفسه، حينها يمكن كسب هؤلاء واستمالتهم لإبعاد الأفكار المشبوهة التي جنت الخراب على المجتمع العربي والإسلامي.
أسلوب الاستهزاء والسخرية الذي يمارسه البعض في نقاشه مع هؤلاء يؤثر تأثيراً سلبياً، ويجعل من صاحب الأفكار المتطرفة أكثر تشدداً ورغبة في الانتقام وإثبات صحة فكره حتى لو كان ذلك على حساب الأبرياء.
ونحن الآباء يجب علينا أن نتفهم حاجات الشباب في هذا الوقت، ويتعين علينا أن نقوم بدور أكبر في متابعتهم، ومعرفة كل صغيرة وكبيرة عنهم، نحتاج إلى أن نكون أكثر قرباً منهم لنضمن عدم انجرافهم إلى ما لا يُحمد عقباه.
نحتاج دائماً إلى التكاتف في ما بيننا، ونكون أكثر تماسكاً وقرباً من بعضنا بعضاً، وإن حدث ذلك فلا أعتقد أن أي أفكار دخيلة علينا تستطيع شق الصف ونشر أي أفكار خبيثة في المجتمع.