متابعات-
يراوح اقتراح تعديل قانون الخدمة المدنية في الكويت لتوحيد سلم الرواتب مكانه منذ سنوات، رغم تكرار المطالبة به، وتكليف مجلس الخدمة المدنية لدراسته، وتشكيل فرق عمل مكونة من خبراء واختصاصيين ومستشارين للبدء بتنفيذه، ما سلط الضوء على الأسباب الكامنة وراء ذلك، خاصة بعد تداول وسائل إعلام كويتية أنباء عن رفع المشروع أخيراً إلى وزير المالية الكويتي.
وذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن الوزارة أقرّت الدراسة النهائية للمشروع، المعروف باسم "البديل الاستراتيجي"، وأفادت أخرى بأن الإقرار الرسمي غير مؤكد، وأن الدراسة لا تزال بحاجة إلى "تحديث".
وقالت صحف محلية إن مجلس الوزراء يتجه لإقرار إجراءات جديدة تتعلق بسلم الرواتب، من شأنها تقليص الرواتب التي يتقاضاها رؤساء وأعضاء مجالس إدارات عديد من الهيئات والإدارات.
وجرى طرح "البديل الاستراتيجي" للمرة الأولى في عام 2014، لكن الحكومة تراجعت عنه بسبب اعتراضات بعض القطاعات، على رأسها قطاع النفط، الذي قاد العاملون فيه تحركات احتجاجية، ما دفع مجلس الأمة (البرلمان) إلى رفض المصادقة على المشروع في عام 2016.
وبحسب الخبير الاقتصادي الكويتي، محمد رمضان، فإن "البديل الاستراتيجي" مبني على أساس معالجة إشكالات خاصة بأوضاع العاملين الكويتيين، وشكاواهم من هيكلة الرواتب، ولذا يعود إلى الواجهة بين الحين والآخر رغم مرور نحو 10 سنوات على طرحه. وأضاف رمضان لـ"العربي الجديد" أن المشروع جاء استجابة لإضرابات واحتجاجات على الرواتب في قطاعات أخرى غير النفط، في أعوام: 2010 و2011 و2012، تسببت في إقرار الحكومة للعديد من الكوادر الوظيفية، التي كلفت الدولة الكثير، ودفعت باتجاه دراسة تهدف إلى "توحيد" الكادر في هيكل التوظيف.
لكن منذ عام 2014 وحتى اليوم، لم يتم إقرار كوادر أخرى في الكويت، ما يعني أن الأسباب الدافعة للدراسة، أو المشكلات التي دفعت لإجرائها، أصبحت منحلة تلقائياً دون إشكالية، حسبما رأى رمضان. وأوضح الخبير الاقتصادي أن عودة الحديث عن مشروع "البديل الاستراتيجي" تعود إلى التأخر في تطبيق الدراسة، التي تحدد كلفة عالية جداً على الحكومة، وتستند إلى إمكانية تكرار ما جرى في السنوات الماضية من احتجاجات وإضرابات.
ولفت رمضان إلى أن "البديل الاستراتيجي" يتم طرحه بين فترة وأخرى دون توضيح مصير الدراسة السابقة، أو الاتجاه لدراسة جديدة، والأبعاد الخاصة بفرضياتها، وما إذا كانت هذه الفرضيات واقعية أم غير معلومة، ولذا نفى المسؤولون الحكوميون ما تداولته وسائل الإعلام بشأن إعادة طرح مشروع توحيد الكادر.
وإزاء ذلك، أكد رمضان أن الحديث عن تطبيق صيغة الدراسة السابقة لمشروع "البديل الاستراتيجي" في الكويت غير دقيق، ولذا فالموضوع لا يزال "غير رسمي" حتى اليوم. ورأى الخبير الاقتصادي الكويتي أن دراسة المشروع القديمة قد لا يرجى منها أي فائدة إلا إذا تم تعديلها، ومناقشة فرضياتها الجديدة لمعرفة مدى واقعيتها.
وعن تصنيف الكويت في المركز الـ 19 من بين الدول الأقل بمؤشر "غالوب" الذي يرصد المشاعر السلبية للمواطنين في 142 دولة ومنطقة حول العالم، أشار رمضان إلى أن هذه الدرجة جيدة، ومن الأفضل في الدول العربية، ففي هذا المؤشر كلما كانت الدرجة أقل كان الوضع أفضل، باعتبار أن الاستطلاع قائم على سؤال الموظفين عن ضغوطاتهم النفسية ومعاناتهم من أي غضب أو شعور بالظلم.
ومع استقرار وضع الكادر الوظيفي في الكويت، لا يوجد ما يجعلها ضمن قائمة الدول التي تعاني بشدة من خبرات الموظفين السلبية، خاصة الموظفين الحكوميين، الذين يتمتعون بامتيازات "مضمونة"، حسب تعبير رمضان.
وكان المحلل الاقتصادي الكويتي علي العنزي، قد أكد، في تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد"، أن الدعم الحكومي للمواطن يبلغ نحو مليون ونصف المليون دينار سنوياً، وبالتالي فالظروف المعيشية جيدة في الكويت، بموازاة وجود مستوى دخل جيد للمواطنين، ما يضمن قوة شرائية كبيرة، تشمل الموظفين.
ومع القيمة المرتفعة للدينار الكويتي، يظل معدل التضخم منخفضاً في الكويت قياساً إلى دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، بحسب العنزي، الذي أشار إلى أن معدل التضخم الكويتي ضمن الأدنى على المستوى الإقليمي (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) والعالمي أيضاً خلال الفترات الماضية، وهو ما ينعكس إيجاباً على غياب الشعور بالظلم على نطاق واسع بين الموظفين الكويتيين.