أسدلت المحكمة الجزائية بمحافظة جدة مؤخرًا الستار عن الفصل الأخير على إحدى القضايا الشائكة التي اتُهمت فيها سيدة أعمال سعودية بجدة بتعذيب خادمتها (الآسيوية) حتى الموت، وذلك بإصدارها حكمًا قضائيًا بصرف النظر عن الدعوى المقدمة من المدعي العام الذي طالب فيه بإثبات إدانة المتهمة وزوجها بقتل المجني عليها عمدًا وعدوانًا وذلك لعدم كفاية الأدلة، في حين أصدرت المحكمة حكمًا يقضي بسجن سيدة الأعمال لمدة 3 سنوات وسجن زوجها لمدة سنتين وعقوبة كل منهما بـ 500 جلدة موزعة بينهما. القضية التي وقعت أواخر العام 1431هـ اتسعت دائرة الاتهام فيها لتشمل أيضًا زوج سيدة الأعمال الشهيرة التي راح ضحيتها الخادمة نتيجة الإهمال واستخدام سلطة الكفالة - كما جاء في صحائف الدعوى المقدمة من المدعي العام - انقسمت فيها آراء الشارع ما بين مبرئ للسيدة وزوجها ومدين لهما على مدار السنوات الماضية، قد تداولت ملفها عدد من الجهات الحكومية للتحقيق.
القبض على السيدة وزوجها
بدأت القصة عندما تسلم مركز شرطة السلامة آنذاك محضر الدوريات الأمنية الذي تضمن تلقيهم بلاغًا من أحد المستشفيات الخاصة يفيد باستقبال الخادمة (آسيوية الجنسية) بطوارئ المستشفى وهي في حالة إعياء شديد وغيبوبة تامة وقد أحضرها كفيلها بسيارته الخاصة مدعيًا بأنها سقطت من نافذة الطابق الأول لمنزله عند محاولتها الهرب في حين ظلت الخادمة تتلقى الرعاية في المستشفى حتى لقت حتفها في المستشفى بعد حوالى 8 أيام، وأحالت الجهات الأمنية ملف القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام بمحافظة جدة التي وجهت بإلقاء القبض على سيدة الأعمال وزوجها وإيداعهما في التوقيف لحين النظر في القضية من قبل القضاء. وطبقًا لمنطوق الحكم الابتدائي فإن القضية قد شهدت مداولات في المحكمة على مدار السنوات الماضية فضلًا عن استجواب المدعى عليهما (السيدة وزوجها) الذي وثقت فيه الهيئة أقوالهما بأن الخادمة حاولت الهرب من المنزل أكثر من مرة وأنها سقطت من النافذة على المسبح الموجود بالمنزل وقامت بمساعدة الخادمة المنزلية الثانية بنقل الضحية إلى غرفتها ولم تقم باستدعاء الهلال الأحمر أو نقلها إلى المستشفى مباشرة لتلقى العلاج.
دخول خادمة على الخط
في حين أخذت القضية أبعادًا جديدة بعد دخول الخادمة الأخرى على خط مجريات التحقيق والتي أكدت في شهادتها لدى هيئة التحقيق بأن الضحية قبل وفاتها كانت ذات جسد لا بأس به في حين أصابها الهزل بدون التوصل إلى الأسباب التي تسببت في هزال جسدها قبل حوالى شهرين من وفاتها في الوقت الذي أثبتت الصفة التشريحية لجثمان المجنى عليها اتضح أنها هزيلة للغاية ووزنها 29.2 كيلوجراما وكانت تعاني من علة مرضية متقدمة مع وجود التهابات رئوية حادة ومزمنة قادت إلى حدوث فشل تنفسي واعتماد المجني عليها على أجهزة التنفس الصناعي حتى الوفاة، وقادت تلك الأبعاد إلى اتهام سيدة الأعمال بقتل المجني عليها عمدًا وعدوانًا بالإضافة إلى اتهام زوجها بإساءة استعمال سلطة كفالته للمجني عليها واستغلال ضعفها ودفعها للعمل قسرًا والإهمال في علاجها.
تقرير الطب الشرعي
ورفض المتهمان قبول كافة الادعاءات والاتهامات الموجهة إليهما من قبل هيئة التحقيق وتقدم الوكيل الشرعي عنهما المحامي عبدالوهاب الغامدي بلائحة جوابية إلى المحكمة تتضمن الإشارة إلى تخلف الركن المادي والمعنوي لجريمة الاتجار بالأشخاص التي وجهتها هيئة التحقيق لموكله (زوج سيدة الأعمال) بالإضافة إلى عدم جواز القتل تعزيرًا في قضية القتل شبه العمد بالتهمة الموجهة إلى سيدة الأعمال نتيجة عدم توافر سند شرعي يقضي بالقصاص تعزيرًا في الشأن المماثل وبالتالي تسقط صحة الاتهام الموجهة إلى المتهمين إلى جانب قطع العلاقة السببية بين اتهام المدعي عليها والتقرير الطبي الشرعي النهائي الذي يفيد بأن سبب الوفاة هو وجود التهابات رئوية حادة ومزمنة لدى المجني عليها. إلى ذلك أكد محامي القضية في حديث مع «المدينة» أن براءة موكلته جاءت بعد اطلاع المحكمة على ملابسات القضية والتي أظهرت للجميع على لسان القضاء وقال: «منذ الاطلاع على ملف التحقيق الخاص بموكلتي اتضحت لي البراءة لها ولزوجها من التهمة الموجهة إليهما وذلك لعدم تقديم هيئة الادعاء العام بما يكفى لإثبات أدانة موكلتي» وأضاف: «تدخل المحامي في هذه النوعية من القضايا يُعد مشروعًا إذا لم يقتنع بصحة الادعاء واتضح أن هناك نقصًا في إجراءات التحقيق أوالقبض».