قال مركز حقوقي دولي، إن السجون الإمارتية تخلت عن وظيفتها في إصلاح المساجين وتأهيلهم ومرافقتهم من أجل إعادة إدماجهم، كلّما تعلّق الأمر بالسجناء من المعارضين والناشطين حقوقيا.
وأشار «المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان» بجنيف، إلى أن أنّ ما يقع في سجون الإمارات علنية كانت أو سريّة من تعذيب أو عقوبة لاإنسانية أو مهينة أو حاطّة من الكرامة وباقي الانتهاكات الجسيمة يقطع بالتباعد بين ما تصرّح به سلطات الدولة وما يقع على أرض الواقع.
وأوضح المركز في بيان له اليوم، أنه كثيرا ما تقوم سلطات الإمارات بخرق كافة المبادئ والقواعد ذات الصلة بالاحتجاز أو السجن، مشيرة إلى أن الإمارات تتجه بالتشديد على السجناء من المعارضين والناشطين الحقوقيين والمدونين وفيهم خبراء ومحامون وأكاديميون وقضاة سابقون وغيرهم من نخبة البلاد وخيرتها والذين يقبعون في السجون بعد مخاطبتهم لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بالمبادرة بإصلاحات سياسية والتمكين للحقوق والحريات.
إخفاء قسري
وأضاف التقرير: «لقد تعرّض هؤلاء قبل إيداعهم سجون الإمارات، ومنها سجن الوثبة والرزين والصدر للاختفاء القسري والاعتقال التعسّفي بمراكز احتجاز سريّة، كما تعرّضوا للتعذيب، وغير ذلك من ضروب المعاملة القاسية، واللاإنسانية والمهينة، التي نالت من أمانهم وحريتهم وآدميتهم، كما طالت البعض منهم أحكاما جائرة نهائية صدرت عن قضاء أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا في محاكمة تفتقر لأبسط ضمانات المحاكمة العادلة».
وأشار التقرير إلى استناده لجملة الشكاوى والمظالم التي وصلته، من سجناء إمارتيين وغير إمارتيين، ومن أهاليهم ومن ناشطين حقوقيين داخل الإمارات، فضلا عن استناده إلى تقارير منظمات حقوقية دولية رصدت انتهاكات لحقوق الإنسان، وتقرير المقررة الأممية الخاصة باستقلال القضاء والمحاماة بعد زيارتها سنة 2014 للإمارات، وتقارير صدرت عن الفريق الأممي العامل المعني بالاحتجاز التعسفي والبرلمان الأوروبي.
وأوضح التقرير أنه من أهم الانتهاكات التي تطال المعتقلين والسجناء وخاصة منهم المعارضين الإصلاحيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، هي نقلهم واحتجازهم بمراكز احتجاز سريّة، ودون قرار قضائي يقضي بذلك كما دون إشعار لذوي المعتقل بمكان اعتقاله.
تعذيب
وأشار التقرير إلى أن السجون السرية بدولة الإمارات والتي يخفي فيها جهاز الأمن المعتقلين غير معلومة، لكن من خلال إفادات الكثير ممن خرجوا من هذه السجون فإن أشهرها يقع في المبنى الرئيسي لجهاز أمن الدولة، حيث لا يستطيع أحد الدخول له أو الوصول إليه سوى العاملين في هذا المبنى، وتتم فيه أغلب الانتهاكات والتعذيب الذي يتعرض له المعتقلون قبل المحاكمات، والغرف فيه انفرادية والحراس فيه من الجنسية النيبالية.
وأضاف: «هناك من يقبع في هذا المعتقل لمدة سنوات دون محاكمة أو عرض على النيابة العامة، ومنهم من يخرج دون محاكمات ولكن بسبب التعذيب تكون حالته النفسية والعقلية غير مستقرة بسبب ما تعرض له من تعذيب».
وتابع التقرير: «هناك بعض الحالات التي تم قتل المعتقل تحت التعذيب ولكن غالباً ما تتستر هذه الأجهزة على هذه الجريمة من خلال وصف الوفاة بأنها طبيعية وافتعال تقارير طبية تزّور السبب الحقيقي للوفاة وتردّها إلى أسباب طبيعية وتتكتم على آثار التعذيب وهو ما يقطع بوجود تواطأ طبي مع الجلادين».
وأشار المركز الدولي، إلى موظفين بالسجون يمارسون التعذيب ويسيئون معاملة المعتقلين بسجن الرزين، ومنهم من تعمّد بمعية غيره من أفراد السجن، بتقييد المعتقلين من الأرجل والأيدي من الخلف بقيود حديدية، وهو ما آلمهم وأوجعهم وترك ضررا وأثرا على أيديهم وأرجلهم.
وأضاف: «ومن الموظفين بالسجون من قام بإجلاس المساجين وهم مقيدون بساحة العنبر في وقت الظهيرة وعلى رؤوسهم أشعة الشمس الحارقة وهم فوق ذلك صائمون، ومنهم من تعمّد تفتيش أمتعة المعتقلين بقصد الإساءة والتشفي وخاصة إذا تعلّق الأمر بمساجين الرأي والنشطاء الحقوقيين».
وتابع التقرير: «تتعمّد سلطات السجون، كتدبير عقابي، وضع معتقلي الرأي بزنزانات انفرادية شبّهها البعض بالتوابيت من شدّة الضيق وشدة الحرارة، رائحتها كريهة وتنقصها التهوئة وهو ما جعل البعض يصف الحبس الانفرادي بالتعذيب الأبيض».
ويمنع عن المسجونين بالسجن الانفرادي الزيارة والاتصال بالعالم الخارجي ويحرمون من المصحف والجرائد والأوراق والأقلام كما يحرمون من حق التفسّح في الهواء الطلق، بحسب التقرير.
كما تتعمّد سلطات السجون وخاصة بسجن الرزين، تركيز مكبرات صوت في السجون وذلك لتشغيل موسيقى دعائية صاخبة جداً الهدف منها مدح حاكم أبو ظبي، ويتمّ تشغيلها نهارا وليلا وأثناء نوم السجناء بقصد تحيير سجناء الرأي والناشطين الحقوقيين والذين يفيقون من نومهم هلعين ومضطربين.
وبحسب التقرير يتعرض المعتقلين لنزع كافة ملابسهم الداخلية والتعرية التامة أمام الشرطيين من أجل الخضوع للتفتيش وهو ما يمثل عملا مهينا وحاطا من الكرامة.
وأشار التقرير إلى تراجع صحة السجناء وتدهورها، بسبب ضيق السجون واكتظاظها وتجاوز طاقتها الاستيعابية، وشدّة الحرارة داخل السجون والزنزانات، وانتشار الأوساخ خاصة في سجون الرزين والوثبة والصدر، ونقص التهوئة داخل الغرف، ونقص الإضاءة أو الإضاءة القوية داخل غرف السجون، فضلا عن التجويع المتعمّد فالطعام الذي توفره سلطات السجون بالإمارات للمساجين قليل.
تضييق على العائلات
وتابع التقرير أن سلطات الإمارات، تتعمد ترك عائلات المعتقلين عند بوابات السجون لساعات طويلة تحت الشمس الحارقة وتفتيشهم تفتيشا جسديا مهيناكما تفتيش الأمتعة لأكثر من مرّة في مخالفة صريحة لمجموعة مبادئ الاحتجاز والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.
وتمنع سلطات الإمارات العربية المتحدة العائلات من لقاء مباشر بمعتقلي الرأي مثلهم مثل غيرهم من المساجين، بحسب التقرير.
وأضاف: «في سجن الوثبة، قلصت سلطات السجن من عدد الزيارات لتصبح مرة في الأسبوع بعد أن كانت مرتين إضافة إلى مدة الزيارة التي صارت 15 دقيقة عوضاً عن 30 دقيقة».
وأشار التقرير إلى أن معتقلي الرأي والإصلاحيون والناشطون الحقوقيون، رفعوا العديد من الشكاوى والتظلمات عن إساءة معاملتهم داخل السجون، وحرمانهم من أبسط حقوق السجين، ولم تعر سلطات الإمارات شكاوى المعتقلين اهتماما، بل قابلتها بالتجاهل واللامبالاة.
وطالب المركز، سلطات الإمارات، بالإفراج دون تأخير عن كلّ الذين تحتجزهم في السجون، والذين طالبوا سلميا بالإصلاح وبتوطين حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وفتح تحقيق سريع وجاد ومن قبل جهة مستقلة بخصوص ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة داخل السجون.
ودعا إلى مباشرة عملية فرز وغربلة للموظفين القائمين على السجون واستبعاد كلّ من ثبتت إساءته معاملة المساجين وعائلاتهم وانتهاك حقوقهم، وتركيز مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وفقاً للمبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية (مبادئ باريس).
وشدد على أهمية التعجيل بالمصادقة على البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، والسماح للمقرر الأممي الخاص المعني بالتعذيب والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي والمقرر الأممي المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان واللجنة الفرعية لمنع التعذيب والمنظمات الحقوقية الدولية بزيارة سجون الإمارات لمعاينة مدى احترام السلطات للمعايير الدولية.
وكالات-