هنا الكويت.. هنا القانون.. هنا العدالة..
في واحدة من القضايا التي تدلل أننا في دولة مؤسسات، وأن المظلوم ينتصر، والظالم يلاقي جزاءه مهما كان اسمه ورتبته، أخرج النائب العام عاملاً آسيوياً من القفص وأنقذه من سجن سنوات طويلة، وأدخل بدلاً منه ضابطين ليلقيا جزاء ما ارتكبته أيديهما من تلفيق قضية بحق مظلوم.
تفاصيل القضية
القضية بدأت حسب مصدر مطلع بدخول ضابطين ومعهما آسيويان، منزل شخص آسيوي ووالدته وضربوه وسلبوا أموالاً كانت معهم – كما تروي الأم الآسيوية – وأخذوا ابنها إلى المخفر.
الأم لا تعلم ما القصة، وما الذي ارتكبته وابنها، فذهبت إلى المخفر لتسجل قضية ضد من اقتحموا منزلها، لكنها وبحسب قولها لم تجد من يلقي لها بالا كما تريد من سرعة استجابة، حتى أشار إليها أحد الأشخاص بالذهاب إلى مكتب النائب العام.
ذهبت الأم وقدمت شكوى وشرحت ما حدث لها بالتفصيل، واهتمت النيابة العامة لأمرها، وسجلت لها قضية، وطلبت تحريات من المباحث، لكن التحريات بعد وصولها أثارت الشك لدى النيابة العامة بعدما اطلعت على محضر ضبط ابنها الآسيوي من أنه كان يقود المركبة ومعه خمورٌ وحاول الهرب ومن ثم جرى إلقاء القبض عليه.
هنا طلبت النيابة العامة تحريات أخرى غير التي جرت، فجاءت التحريات هذه المرة مختلفة نوعاً ما ومطابقة للشك الذي اعترى النيابة العامة وهي تبحث في أوراق محضر ضبط الآسيوي – ابن الشاكية – ثم استدعت الضابطين اللذين قاما باقتحام المنزل، ففتحت معهما النيابة العامة تحقيقاً، وسألتهما عن طريقة الضبط، فأكدا أنهما كانا في الشارع وطاردا الآسيوي وألقيا القبض عليه بعد تركه لمركبته ومحاولته الهرب، وأودعوه السجن كما يتطلب القانون.
استجواب النيابة
ثم سألتهم النيابة العامة: إذا كانت هذه الرواية صحيحة، فأين المركبة؟!
الضباط: لدى المتهم.
النيابة: المتهم ألقيتم القبض عليه، فكيف تكون معه سيارة؟!
الضباط: لا نذكر مكانها.
النيابة: ما لون المركبة؟!
الضباط: لا نذكر.
هنا تبين للنيابة أن الشك الذي راودها صحيح %100، وان كل ما في الأمر ان الضباطين اللذين عملهما يفترض أن يكون في الشارع ومع الدوريات، ولا يحق لهما اقتحام المنازل، وإنما من صميم عمل المباحث، قد تعاونا مع آسيويين آخرين لديهم خلاف مع ابن الآسيوية الذي تم إدخاله السجن واتهامه ظلماً وزوراً بأن لديه كراتين خمر، وبعد ذلك أرسل النائب العام كتاباً إلى رئيس المحكمة أوضح فيه أن المتهم الآسيوي المسجون على ذمة قضية إتجار بالخمور الذي ستنظر جلسته المقبلة بعد 3 أشهر، اتضح لدينا أنه مظلوم، وليس له أي علاقة بهذه الواقعة المزورة.
وذكرت المصادر أن النائب العام ليس من مهمته أن يطلب من رئيس المحكمة الإفراج عن المتهم الآسيوي، حيث إن هذه قضية مختلفة وتنظرها المحكمة، لكن الضمير الحي الذي يخبرنا بأننا أمام دولة القانون، وأنه لا ضابط ولا غيره سيتمكن من استبدال السلطة إلى سطوة، هو الذي دفعه لإرسال هذا الكتاب.
وبعد إخلاء سبيل الآسيوي، أمر النائب العام فوراً بحبس الضابطين والآسيويين الذين ساعدوهما على ارتكاب مثل هذه الجريمة، وجرى إخلاء سبيلهما مؤخراً بعد تنازل الآسيوي وبعد تقديم أموال له من أجل التنازل كما أكدته مصادر مطلعة.
واقعة فردية
قال مصدر مطلع لـ القبس: هذه الواقعة ورغم قسوتها، فإنها سلاح ذو حدين فهي تبث الاطمئنان في نفوس الناس بأن الكويت دولة قانون وعدالة، كما أنها تعتبر سلوكاً فردياً ولا يمس جهاز الداخلية بأكمله.
وأضاف «في نهاية الأمر ينتصر القانون لوافد آسيوي ليس لديه أي واسطة، ويُسجن ضباطين برتب بدلاً منه»، مشدداً أن معظم رجال الأمن يسهرون الليل ويكدحون بالنهار من أجل حفظ الأمن وحماية المظلومين».
القبس الكويتية-