أفرجت السلطات الكويتية، اليوم الجمعة، عن النائب الأسبق «مسلم البراك» بعد أن أنهى تنفيذ حكم قضائي عليه بالحبس عامين بتهمة «العيب في الذات الأميرية».
وشهد محيط «السجن المركزي»، حيث قضى «البراك» مدة عقوبته، تواجدا أمنيا مكثف تزامنا مع موعد الإفراج وسط حضور عدد من مستقبلي «البراك»، حسب وكالة الأناضول.
وقال «البراك»، بعد إطلاق سراحه: «أقول لمحمد الخالد (الصباح وزير الداخلية السابق والدفاع الحالي): إذا كان هروبك من وزارة الداخلية أعمى عينك.. افتحها الآن».
وأضاف: «موعدنا بدأ الآن وقلتها: سأخرج من السجن مرفوع الرأس، والتاريخ سيسجن سجاني».
وحظى «البراك» باستقبال شعبي كبير؛ حيث أظهرت مقاطع فيديو نشرها ناشطون على موقع «تويتر» تسابق المئات عدوا للترحيب بالرجل واحتضانه وحملة على الاكتاف لحظة خروجه من السجن.
وحول ذلك، اعتبر «حاكم المطيري»، رئيس «حزب الأمة» الكويتي المعارض، في تغريدة عبر «تويتر»، أن هذا الاستقبال الشعبي الكبير لـ«البراك» هو «استفتاء ورسالة عبر من خلالها الشعب عن رفضه لكل ممارسات السلطة ضده وضد الإصلاح الذي يتطلع إليه».
بينما قال الناشط الكويتي «فارس غزاي»، عبر «تويتر»، معلقاً على ذلك الاستقبال الشعبي الحاشد: «حين شاهدت لحظه خروج مسلم البراك من السجن وتسابق المحبين لاحتضانه. تذكرت "إن الله إذا أحب عبداً أنزل محبته بين الناس"»، في إشارة إلى الحديث القدسي الذي رواه أبو هريرة (إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ).
وأطلق مغردون كويتيون أكثر من وسم اليوم على موقع «تويتر» احتفاءً بإطلاق سراح «البراك» حملت عناوين: «#اليوم_خروج_الضمير_مسلم»،و«#مسلم_البراك»، و«#وحشت_الدار_يا_مسلم»، و«#يا_مسلم_يا_ضمير_الشعب_كله»، و«#كلنا_لك_يامسلمنا_فدا و يا بوحمود».
يذكر أن محكمة التمييز قضت في مايو/أيار 2015 بتأييد حكم الاستئناف بحبس «البراك» سنتين مع الشغل والنفاذ بتهمة «العيب في الذات الأميرية» على إثر الخطاب الذي تلاه بندوة «كفى عبثا» في ساحة الإرادة في أكتوبر/تشرين الأول 2012، حيث ألقى خطابه موجهًا حديثه لأمير البلاد: «باسم الأمة، باسم الشعب، لن نسمح لك يا سمو الأمير بممارسة حكم استبدادي».
وخاض «البراك» لفترة طويلة خلافا مع السلطات بشأن تعديلات أدخلت على قانون الانتخابات في عام 2012، وهي التعديلات قال عنها «البراك» ومعارضون آخرون إنها تهدف إلى منعهم من تولي السلطة.
من هو «مسلم البراك»
و«البراك»، الذي كان عضوا سابقا في مجلس الأمة (البرلمان الكويتي) عن الدائرة الانتخابية الرابعة، ولد في 1956، وهو ابن النائب السابق «محمد حمد البراك».
درس «مسلم البراك» الثانوية في إحدى المدارس في الكويت، ثم انتقل إلى جامعة الكويت، وحصل على بكالوريوس في الجغرافيا.
ويوصف «البراك» بأنه ظاهرة فريدة في الحياة السياسية بالكويت والعالم العربي؛ فهو صاحب نضال سياسي طويل، بدأه بالعمل النقابي.
إذ شغل الرجل عدة مناصب نقابية دفاعاً عن حقوق العمال بينها: رئيس نقابة عمال بلدية الكويت والإطفاء، وعضو المجلس التنفيذي للاتحاد العام لعمال الكويت، ومدير معهد الثقافة العمالية، وأمين مساعد للاتحاد العربي لعمال البلديات للشؤون العربية والعمالية.
أيضاً، دفع الرجل بكل قوة نحو تشكيل تنظيم سياسي جمعه والمؤمنين بهذا التنظيم وهو «حركة العمل الشعبي».
ولا شك في أن الإمكانيات الذاتية لـ«مسلم البراك» التي تمثلت في الوعي والكاريزما والخطابة أعطته قوة دفع هائلة لإنضاج تجربته السياسية نقابيا ونيابيا، وقد ناهزت الثلاثة عقود، ومكَنته بالتالي من امتلاك قدرات كبيرة في العمل السياسي تفاوضا ومناورة وتكتيكا، فأصبحت قيادته للمعارضة مستحقة بجدارة.
ومع تحرش السلطة بالحقوق الدستورية للشعب، وخروجها عن قواعد اللعبة السياسية التي يضبطها دستور 1962، من خلال فرض «مرسوم الضرورة» في منتصف عام 2012 بتعديل النظام الانتخابي، بحيث أصبح لكل مواطن صوت واحد بدلا من أربعة، وكردة فعل تجاهه قررت المعارضة مقاطعة الانتخابات انتخابا وترشيحا، من هنا شق «البراك» طريق العمل النضالي الميداني وبرز كقائد سياسي، يدعمه في ذلك إخلاصه بالعمل ونظافة يده وتفوقه بالخطابة.
قدم «البراك» في هذه المرحلة النضالية خطاب «كفى عبثا.. لن نسمح لك»، وهو خطاب سياسي فريد وغير مسبوق في الحياة السياسية، لا من حيث اللغة ولا من حيث المضمون، حيث وجه مباشرة لأمير البلاد وقال إنه يرفض قانون الانتخابات ولن يسمح لأحد في السلطة بالفساد ولن يسمح للأمير بالحكم الفردي، فبلغت الأزمة السياسية في الكويت أشدها، وأبرز ما ميز سلوك «البراك» في هذه المرحلة النضالية أنه كان يعرف تماما حجم الثمن الذي سيدفعه، والأجمل أنه كان مستعدا لتقديم تضحية كبرى في سبيل ما كان يؤمن به، وقد كان، حيث حكم عليه بالسجن عامين بتهمة «العيب في الذات الأميرية».
دخل «البراك» السجن ليقضي فيه عامين، رفض خلالها وساطات العفو، وظل صامدا رغم التضييقات الكبيرة، التي وصلت إلى منع زيارته من قبل أهله ومحاميه لبعض الوقت، علاوة على حادثة محاولة الاعتداء عليه مؤخرا من قبل أحد الجنائيين والتي انتهت بإعلان انتحار هذا الجنائي، وسط تشكيكات كبيرة في الرواية، وأنباء عن أنه كان يحاول اغتيال «البراك» وعندما فشل مخططه تم اغتياله خشية افتضاح الأمر.
وكالات-