أسوشيتد برس- ترجمة أحمد ولد مبروك-
وجهت منظمات وتقارير حقوقية، اتهامات موثقة لدولة الإمارات، بارتكاب جرائم وحشية في اليمن، وتأسيس شبكات تعذيب سرية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وطالبت منظمة «العفو الدولية»، بفتح تحقيق عاجل في دور الإمارات بتأسيس شبكات تعذيب باليمن، قائلة إن «الإخفاء القسري والتعذيب من الجرائم الدولية ويجب محاسبة المسؤولين عنها».
ووفق تحقيق لوكالة الأنباء الأمريكية «أسوشيتد برس»، تمارس الإمارات أساليب تعذيب قاسية في سجون سرية تشرف عليها بجنوب اليمن، وتسمى «الجريل».
وتضم هذه السجون مئات الشباب المتهمين بالانضمام لتنظيم القاعدة، وهناك يتم تعذيبهم بتلك الطرق الوحشية بمعرفة محققين أمريكان، بحسب الوكالة الأمريكية«أ ب».
واعترفت مصادر رسمية بوزارة الدفاع الأمريكية، بضلوع قوات أمريكية في التحقيق مع المعتقلين باليمن، لكنها نفت مشاركتها في انتهاك حقوق الإنسان أو علمها بذلك.
ويصف التقرير الأمريكي، عمليات التعذيب الوحشي بحق معتقلين، قائلا:«يُربط السجين على سيخ كقطعة اللحم ويقلب على النار».
وقال معتقلون سابقون في معتقل لمطار «ريان» بمدينة المكلا شرق اليمن، إنهم جرى إدخالهم إلى حاويات (كونتينرات) ملطحة بالبراز، وأنهم عصبوا أعينهم على مدى أسابيع. وأضافوا أنهم تعرضوا للضرب، وعُلقوا على «الجريل»، وتعرضوا للاعتداء الجنسي.
ويقول محامون يمنيون وأسر معتقلين إن نحو 2000 شخص قد اختفوا في المعتقلات السرية، وهو العدد الذي كان كافيا لإثارة احتجاجات شبه أسبوعية من قبل مواطنين يبحثون عن معلومات تقودهم إلى مصير ذويهم.
ووثقت الوكالة الأمريكية «أ ب»، 18 سجنا سريا على الأقل في أنحاء اليمن، تديرهم الإمارات أو قوات يمنية جرى إقامتها وتدريبها على يد الدولة الخليجية.
ويدور الحديث عن معتقلات خفية، أو خارج اختصاص الحكومة اليمنية التي تتلقي مساعدات من اليمن في الحرب الأهلية ضد المتمردين الحوثيين التي اندلعت قبل عامين تقريبا.
ويتم إقامة المعتقلات السرية داخل القواعد العسكرية، والموانئ البحرية، والمطارات، والفيلات الخاصة، والنوادي الليلية.
وقال وزير الداخلية اليمني «حسين عرب»، إن هناك معتقلين يتم نقلهم جوا لقاعدة عسكرية تابعة للإمارات في إريتريا.
ويعتمد التوثيق على شهادات معتقلين سابقين، وأسر معتقلين، ومحامين وناشطين حقوقيين ومصادر رسمية بالجيش اليمني.
وبحسب أحد أعضاء قوات الأمن اليمنية التي أقامتها الإمارات، فإن الجنود الأمريكان كانوا في بعض الأحيان على بعد أمتار معدودة مما يجري.
وقالت مصادر رسمية بوزارة الدفاع الأمريكية، إن القوات الأمريكية التي تشارك في التحقيق مع المعتقلين في أنحاء اليمن تقوم بتوجيه الأسئلة للمحققين، ويحصلون بعد ذلك على محاضر التحقيقات من حلفائهم بدولة الإمارات.
وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، الحقوقية الأمريكية، كشفت في تقرير لها، انتهاكات حقوقية عديدة ترتكبها الإمارات في اليمن، والتي تشمل تقديم الدعم لقوات يمنية احتجزت تعسفا وأخفت قسراً عشرات الأشخاص خلال عمليات أمنية.
كما تدير الإمارات، حسب المنظمة الحقوقية الدولية، مركزيّ احتجاز غير رسميين على الأقل، ويبدو أن مسؤوليها أمروا بالاستمرار في احتجاز الأشخاص رغم صدور أوامر بإطلاق سراحهم، وأخفوا أشخاصا قسرا، فيما أفادت تقارير بأنهم نقلوا محتجزين مهمين خارج البلاد.
وقالت «هيومن رايتس» إنها وثّقت حالات 49 شخصا، من بينهم 4 أطفال، تعرضوا للاحتجاز التعسفي أو الإخفاء القسري في محافظتي عدن وحضرموت العام الماضي، لافتة إلى أن قوات أمنية مدعومة من الإمارات اعتقلت أو احتجزت 38 منهم على الأقل.
ومن ضمن ما وثقته المنظمة، أيضا، انتهاكات ارتكبتها قوات تدعمها الإمارات معروفة باسم «الحزام الأمني» والمرابطة في عدن ولحج وأبين ومحافظات جنوبية أخرى، وكذلك «قوات النخبة الحضرمية» في حضرموت، والتي تخوض معارك ضد تنظيمي «القاعدة» و«الدولة الإسلامية» في جنوب البلاد وشرقها.
وشددت «هيومن رايتس» على أن «حظر التعذيب وأنواع سوء المعاملة الأخرى من أهم قواعد قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدوليَّين، وأنه لا توجد ظروف استثنائية تبرر التعذيب، وعلى الدول التحقيق في حالات التعذيب وملاحقة المسؤولين عنها».
وطالبت اليمن بـ«التأكد من احترام الحزام الأمني وقوات النخبة الحضرمية، وغيرها من القوات التي تعمل بموافقة الحكومة اليمنية، الواجبات القانونية والضمانات الإجرائية، بما في ذلك اتخاذ تدابير لتسجيل المحتجزين وإخبار ذويهم بمكان وجودهم»، مؤكدة على أنه «تقع على عاتق الإمارات واجبات مماثلة نظرا لدورها في الاحتجازات».
وتعقيبا على التقرير، قالت «سارة ليا ويتسن»، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس: «لا يمكن محاربة جماعات متطرفة مثل القاعدة وداعش (الدولة الإسلامية) بنجاح عبر إخفاء عشرات الشبان والاستمرار في زيادة عدد الأسر التي تفقد أقارب لها في اليمن. على الإمارات وشركائها التركيز على حماية حقوق المحتجزين في حملاتها الأمنية إن كان يهمها استقرار اليمن على المدى الطويل».
من جانبه، علق الأكاديمي المصري المعروف، الدكتور «سيف عبد الفتاح»، على فضيحة السجون السرية الإماراتية في اليمن، ساخرا من حدوث ذلك من دولة «تتصدر مؤشر السعادة في العالم».
وكتب أستاذ العلوم السياسة بجامعة القاهرة، في تدوينة له على موقع التدوينات «تويتر»، «معروف طبعا أن شوي المعتقلين من معايير دولة السعادة!».
وكانت الإمارات حافظت للعام الثاني على التوالي على مركزها الأول عربيا في «مؤشر السعادة» لعام 2017، فيما احتلت المركز 21 عالميا، وفقاً للتقرير العالمي للسعادة لعام 2017.
وتفيد تقارير حقوقية بحدوث انتهاكات يتعرض لها المعتقلين داخل سجون الإمارات عامة، وسجن «الرزين» خاصة، من بينها نزع كافة ملابسهم الداخلية والتعرية التامة أمام الشرطيين من أجل الخضوع للتفتيش، فضلا عن حفلات التعذيب التي تشمل الضرب بالكرابيج، ووضع العصا في الدبر، ونزع الأظافر، والكي بالكهرباء، والضرب المبرح، وسط مطالبات بحاجة البلاد لوزير للعدل وليس للسعادة.