وكالات-
كشفت وكالة "أسوشييتد برس" عن فضيحة جديدة ارتكبها ضبّاط إماراتيون ووكلاؤهم بحق مئات المعتقلين في سجن بمدينة عدن جنوبي اليمن.
وشبّهت الوكالة الأمريكية أساليب الضباط المختلفة في التعذيب والإذلال الجنسيين بما كان يحدث في سجن "أبو غريب" في العراق إبان فترة الاحتلال الأمريكي، وقالت إنه ليس سجناً واحداً بل 5 سجون تشابه -"إن لم تفق سوءاً"- هذا المعتقل "السيئ السمعة" استنسختها الإمارات، بحسب ما نقلت عنها "الجزيرة نت".
وأضاف تقرير الوكالة في رصد الانتهاكات الجنسية التي يتعرّض لها المعتقلون في تلك السجون على أيدي القوات الإماراتية ووكلائها؛ تعاف النفس ذكرها أو سماعها رغم أنها حقائق نقلتها الوكالة على لسان الضحايا، وهي في مجملها استلهام من مدرسة الانتهاكات الجنسية التي شهدها أبو غريب من قبل، التي تقشعرّ لها الأبدان، لكن مرتكبيها هذه المرة ليسوا أمريكيين، بل عرب اللسان واليد والسوط.
وتستهلّ الوكالة تقريرها المفصّل بمشهد وصول 15 ضابطاً إلى سجن "بئر أحمد" في عدن يتحدّثون العربية بلهجة إماراتية، حرصوا على تغطية وجوههم، ورصّوا المعتقلين في صفوف وأمروهم بأن يخلعوا ملابسهم وأن يرقدوا.
وتضيف الوكالة: إن "هؤلاء الضبّاط قاموا بعدئذٍ بتفتيش الأماكن الحساسة لكل سجين؛ زاعمين أنهم كانوا يبحثون عن الهواتف الخلوية الممنوعة. صرخ الرجال المعتقلون وبكوا، لكنهم كانوا مهدَّدين بنباح الكلاب التي اصطحبها هؤلاء الضباط وضربوهم حتى نزفت منهم الدماء".
وتؤكّد الوكالة، نقلاً عن شهود قابلتهم، تعرّض المئات من المعتقلين لإيذاء جنسي مماثل خلال الحدث الذي وقع يوم 10 مارس الماضي، في ذلك السجن.
كما توثّق نقلاً عن الشهود تفاصيل التعذيب الجنسي الذي تعرّض له المعتقلون، وتعتبره "نافذة على عالم من الاعتداءات الجماعية والإفلات من العقوبة في السجون التي تسيطر عليها الإمارات في اليمن".
وقال شهود عيان إن الحراس اليمنيين العاملين تحت إشراف ضبّاط إماراتيين استخدموا أساليب مختلفة للتعذيب والإذلال الجنسيين؛ "اغتصبوا المعتقلين، بينما صوّر حراس آخرون الاعتداءات. وصعقوا الأعضاء التناسلية للسجناء أو علّقوا الصخور بها. انتهكوا آخرين جنسياً بعصيّ خشبية وحديدية".
وقال أحد المعتقلين، وهو أب لأربعة أطفال: "إنهم يجرّدونهم من ملابسهم، ثم يربطون أيديهم بقطب فولاذي من اليمين واليسار بحيث تنبطح أمامهم، ثم يبدأ اللواط".
وحسب الوكالة فإن هذا المشهد الذي رصدته حدث في شهر مارس الماضي، عندما فتح الجنود زنزانات في الساعة الثامنة صباحاً، وأمروا جميع المعتقلين بالدخول إلى ساحة السجن، ثم اصطفّوا بها وأجبروهم على الوقوف تحت الشمس حتى الظهر.
ولدى وصول القوة الإماراتية إلى المكان كان المعتقلون معصوبي الأعين ومكبّلي الأيدي، اقتيدوا فرادى ومجموعات إلى غرفة حيث كان الإماراتيون حاضرين. وطلب منهم الإماراتيون خلع ملابسهم والاستلقاء، ثم قام ضباط الإمارات بانتهاكات جنسية ضدهم.
وتنقل الوكالة عن أحد المعتقلين قوله للضابط الإماراتي باكياً: "أنت تقتل كرامتي"، كما صاح معتقل آخر متسائلاً: "هل أتيتم لتحريرنا أو لنزع ملابسنا؟"، فما كان جواب الضباط الإماراتيين إلا أن قالوا: "هذه هي وظيفتنا".
وقال أحد السجناء: "كل ما يمكنني أن أفكّر به عندما أوقفني الإماراتيون عارياً هو سجن أبو غريب"، في إشارة إلى المعتقل السيئ السمعة خارج العاصمة العراقية بغداد، حيث ارتكب الجنود الأمريكيون انتهاكات ضدّ المعتقلين خلال حرب العراق.
وقال شاهد آخر للوكالة: "كانوا يبحثون عن هواتف محمولة داخل أجسادنا.. هل تصدّق؟! كيف يمكن لأي شخص إخفاء هاتف داخل جسده؟".
- رسوم وصور
ومن داخل أحد سجون عدن هرّب المحتجزون رسائل ورسومات إلى وكالة "أسوشييتد برس" حول الانتهاكات الجنسية. تم رسم الرسومات على ألواح بلاستيكية بقلم حبر أزرق.
وتُظهر الرسوم رجلاً عارياً معلّقاً بالسلاسل أثناء تعرّضه للصعق بالكهرباء، وسجيناً آخر يزحف على الأرض محاطاً بالكلاب بينما يركله عدة أشخاص، وتصويراً لاغتصاب معتقلين عراة بعد ضربهم.
وقال مُعدّ الرسوم للوكالة إنه اعتُقل العام الماضي، ومرّ بثلاثة سجون مختلفة، مضيفاً: "لقد عذّبوني دون أن يتهموني بأي شيء، وكم تمنّيت أن يوجهوا إليَّ اتهامات أعترف بها لإنهاء تلك المأساة، فقد كنت أتمنّى الموت كل يوم".
وعن مسؤول أمني سابق رفض ذكر اسمه وتورّط بنفسه في تعذيب المعتقلين لانتزاع اعترافات منهم، نقلت عنه الوكالة القول: إنه "يتم استخدام الاغتصاب كوسيلة لإجبار المعتقلين على التعاون مع الإماراتيين في التجسّس".
وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه لمخاوف أمنية: "في بعض الحالات يغتصبون المعتقل ويصوّرونه أثناء اغتصابه، ويتم استخدام ذلك كوسيلة لإجباره على العمل من أجلهم".
ومن بين السجون الخمسة التي رصدت فيها وكالة "أسوشييتد برس" انتهاكات جنسية أربعة في عدن، وفقاً لثلاثة مسؤولين أمنيين وعسكريين يمنيين تحدّثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم خوفاً من الانتقام.
وواحد من هذه السجون في قاعدة البوريقة، مقرّ للقوات الإماراتية، والثاني في منزل شلال شاي، رئيس أمن عدن المتحالف بشكل وثيق مع الإمارات، والثالث في ملهى ليلي تحوّل إلى سجن يُدعى وضاح. والرابع في بئر أحمد.
- هل تعرف أمريكا؟
ويروي سجينان ومسؤولون أمنيّون أنهم شاهدوا أفراداً أمريكيين، وبعضهم يرتدي الزي العسكري، في قاعدة البوريقة، إلى جانب مرتزقة كولومبيين، ولم يستطع المعتقلون القول ما إذا كان الأمريكيّون مسؤولين حكوميين أو مرتزقة.
وتقول الوكالة إن الإمارات حليف رئيس للولايات المتحدة، وتم الكشف عن سجونها السرية وتعذيبها السجناء على نطاق واسع من خلال التحقيق الذي أجرته في يونيو الماضي، ومنذ ذلك الحين حدّدت الوكالة ما لا يقلّ عن 5 سجون تستخدم فيها قوات الأمن التعذيب الجنسي لقمع السجناء وحرقهم.
وطلبت الوكالة تعليقاً من وزارة الدفاع الأمريكية بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها دولة الإمارات قبل عام، لكن الوزارة تجنّبت الرد، رغم التقارير الموثّقة جيداً للتعذيب التي أبلغت عنها هي وجماعات حقوق الإنسان وحتى الأمم المتحدة.
وذكرت أن مسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية اعترفوا بأن القوات الأمريكية تتلقّى معلومات استخباريّة من شركاء إماراتيين وشاركوا في استجوابات في اليمن. لكن عسكرياً أمريكياً قال إنه لا يستطيع التعليق على تبادل المعلومات الاستخبارية مع الشركاء.
وقال مسؤول أمني كبير في سجن "ريان" في مدينة المكلا، رفض ذكر اسمه بسبب مخاوف أمنية: إن "الأمريكيين يستخدمون الإماراتيين كقفازات للقيام بعملهم القذر".
كما نقلت عن مسؤولين أمنيين آخرين القول: إن "المرتزقة، ومن ضمنهم الأمريكيون، موجودون في جميع المعسكرات والمواقع العسكرية الإماراتية، ومن ذلك السجون. مهمّتهم هي أساساً الحراسة".
يُذكر أن الولايات المتحدة تقدّم أسلحة بمليارات الدولارات، بالإضافة إلى الدعم اللوجستي والاستخباري، للتحالف الذي تقوده السعودية.
كما كثّفت الولايات المتحدة حملتها بالطائرات المسيَّرة ضد تنظيمي القاعدة و"داعش" في اليمن. وقال البنتاغون إن القوات الأمريكية تساعد القوات الإماراتية واليمنية في ملاحقة عناصر القاعدة بالمدن اليمنية الجنوبية.