متابعات-
من تدخُّلٍ في شؤون الدول إلى ابتزازات من خلف ستارة المشهد السياسي، تنتشر سجون الإمارات السرية داخل أراضيها وخارجها، غير آبهةٍ بتحذيرات أممية وحقوقية تُطلَق على الدوام.
18 سجناً أو تزيد، كانت سرية قبل أن تكشف عنها تقارير دولية وتحقيقات صحفية، وجميعها تديرها السلطات الإماراتية، وآخرها كان ما كُشف عنه في إرتريا.
ففي تحقيق بعنوان "حرب الموانئ" بثته قناة "الجزيرة" يوم الاثنين (18 مارس 2019)، تم الكشف عن مخطط تنفذه الإمارات في منطقة القرن الأفريقي (تضم 4 دول)، ووجود سجن سري في إرتريا.
وكشفت صور أقمار اصطناعية عدم وجود نشاط تجاري بموانئ إرتريا وتحويلها إلى ثكنات عسكرية إماراتية، كما أكد فريق تحليلٍ وجود سجن سري تحت الأرض في منطقة ساحلية بين ميناء ومطار عصب.
السجن السري الواقع ضمن نطاق تستأجره شركة "موانئ دبي" الإماراتية في إرتريا، تبلغ مساحته 417 ألف متر مربع، ويضم غرفاً تحت الأرض.
وأظهرت الصور أيضاً أن الإمارات حوَّلت ميناء ومطار عصب -وهي مدينة إرترية على ساحل البحر الأحمر ذات أهمية استراتيجية بالغة في المنطقة- إلى ثكنات عسكرية، وفرضت حظر أية أعمال تطويرية بالميناء الذي استحوذت عليه في 2015.
وهذا يعني احتمال استخدام السجن في عمليات الإخفاء القسري التي تتهم المنظماتُ الدولية الإمارات بها، خاصة مع وجود تقارير حقوقية تستند إلى شهادات أهالي الضحايا عن ترحيل معتقلين يمنيين إلى سجونٍ خارج اليمن.
ما كشفه تحقيق "الجزيرة" يدعمه فيلم استقصائي آخر لهيئة الإذاعة الألمانية (DW)، في شهر فبراير الماضي، تناول استغلال الإمارات أحد أهم الموانئ بإرتريا في حربها باليمن.
التحقيق الأخير سلط الضوء على ميناء "عصب" الإرتري، الذي يبعد 60 كم (37 ميلاً) فقط عن السواحل اليمنية، والذي تستخدمه أبوظبي في حصارها البحري على اليمن وفي شن عمليات عسكرية.
فمن هذا الميناء يمكن أن تسير السفن الحربية الإماراتية بسرعة عبر المضيق إلى مدينتي الحديدة أو المخا اليمنيتين، بدلاً من الاضطرار إلى القيام برحلة طويلة من موانئها الرئيسة مروراً بخليج عدن.
كما يُستخدم الميناء في نقل الجنود والعتاد العسكري عبر المضيق، وشن الغارات الجوية، وفي المقابل تحصل إرتريا على المال والنفط من أبوظبي.
وفي عام 2015، وطبقاً لخبراء الأمم المتحدة، وقَّعت الحكومة الإماراتية التي يقودها فعلياً ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، مع حكومة الرئيس الإرتري أسياس أفورقي، على عقد إيجارٍ مدته 30 عاماً، يسمح للإمارات باستخدام ميناء عصب.
سجون اليمن
وسبق أن كشفت وكالة "أسوشييتد برس"، في تحقيق صحفي لها نشرته عام 2017، عن 18 سجناً سرياً للإمارات وحلفائها جنوبي اليمن، وذكرت أن ما يقرب من 2000 يمني اختفوا فيها، حيث كانت أساليب التعذيب القاسية هي القاعدة الرئيسة.
كما كشف تحقيق بثته القناة الرابعة البريطانية، في ديسمبر 2018، جانباً من معاناة المعتقلين في السجون التي تديرها الإمارات في محافظة عدن جنوبي اليمن.
أحد المعتقلين السابقين في هذا السجن، ويدعى عادل الحسني، يقول إن هناك مئات من المعتقلين بالسجون السرية التابعة للإمارات، حيث يتعرضون لشتى أنواع التعذيب؛ من ضرب وصعق بالكهرباء وإدخال أدوات معدنية حادة بمناطق حساسة.
وفي يوليو الماضي، وثقت منظمة العفو الدولية (أمنستي) "انتهاكات صارخة تُرتكب بشكل ممنهج بلا محاسبة.. تصل إلى مصافّ جرائم الحرب" بالسجون السرية التي تشرف عليها أبوظبي جنوبي اليمن.
وقالت المنظمة في تقريرها الذي جاء تحت عنوان "الله وحده أعلم إذا كان على قيد الحياة"، إنها رصدت العشرات من حالات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب نفذتها القوات الموالية لأبوظبي.
ومن بين الأرقام المذكورة بالتقرير، قالت "أمنستي" إنها حقّقت في ظروف اعتقال 51 سجيناً بين مارس 2016 ومايو 2018، اعتقلتهم القوات الإماراتية التي تدرّب قوات السلطة جنوبي اليمن، وأكدت أن 19 من بين هؤلاء فُقدت آثارهم.
وحديثاً تداول مغردون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، مقطعاً مصوراً يُظهر سجناء يمنيين غاضبين ينددون ببناء مليشيات تابعة للقوات الإماراتية حواجز أسمنتية داخل سجن "بئر أحمد" سيئ الصيت بمدينة عدن.
وعقب نشر الفيديو، ذكرت مصادر يمنية إعلامية أن "قوات من المرتزقة تابعة للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً جنوبي اليمن هاجمت المعتقلين في السجن".
وسجن بئر أحمد، ويُعرف أحياناً باسم "بير أحمد"، سجن "سيئ الصيت" تُديره الإمارات في مدينة عدن، ويديره ضباط إماراتيون من خلال مليشيا "الحزام الأمني" اليمنية.
وسبق أن طالبَ وزير الداخلية اليمني أحمد ميسري، في يوليو 2018، السلطات الإماراتية بإغلاق أو تسليم السجن إلى القوات اليمنية، بعد خروج تقارير تفيد بانتهاكات كبرى لحقوق الإنسان تجري داخله.