صحيفة "نيويورك تايمز"-
"المركز السعودي قد يكون خيارا".. هكذا وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" مركز المناصحة والرعاية بالرياض، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لإغلاق معتقل جوانتانامو وتبحث عن بديل يضمن "إعادة تأهيل" المعتقلين السابقين بشكل ناجح.
وذكرت الصحيفة الأمريكية، في تقرير لها، أن الولايات المتحدة احتجزت حوالي 780 رجلاً وصبيًا في جوانتانامو، وكان السعوديون منهم محل اهتمام خاص لأنهم يحملون جنسية 15 من الخاطفين الـ 19 للطائرات في هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
وأورد التقرير أن نصف المعتقلين حاليا في جوانتنامو، تعدهم الولايات المتحدة للإفراج عنهم، لكن يتعين عليهم انتظار بحث إدارة الرئيس "جو بايدن" عن دولة مستعدة لاستيعابهم في إطار ترتيبات أمنية مشتركة مع الولايات المتحدة.
كما تنظر الإدارة الأمريكية في حالة باقي المعتقلين وما إذا كان بالإمكان قضاء باقي مدة عقوبتهم في سجن أجنبي، بعيدا عن جوانتانامو.
معظمهم هؤلاء من اليمن، وهي واحدة من عدة دول يعتبرها الكونجرس غير مستقرة، وبالتالي غير مؤهلة لاستقبال معتقلين سابقين في جوانتانامو.
ويعود التوجه نحو تفريغ جوانتانامو من المعتقلين إلى عهد الرئيس الأمريكي الأسبق "باراك أوباما"، الذي أرسلت إدارته بالفعل 20 سجينًا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، بينهم العديد من الأفغان ورجل من روسيا، وأغلبية من اليمن.
لكن المفرج عنهم تعرضوا للسجن في الإمارات، التي قامت لاحقا بإعادتهم جميعا إلى بلدانهم الأصلية بشكل مفاجئ، باستثناء المعتقل الروسي، ما أثار احتجاجات حقوقية بشأن تعرض المفرج عنهم من جوانتانامو إلى خطر الاضطهاد إذا ما استقبلتهم دولة الإمارات.
ومع اعتبار الولايات المتحدة برنامج إعادة تأهيل المفرج عنهم في الإمارات فاشلاً، تبحث إدارة "بايدن" عن خيارات أخرى بينها سلطنة عمان، التي استقبلت بالفعل 28 رجلاً يمنيًا لإعادة تأهيلهم في مشروع سري للغاية.
وجدت السلطنة للمفرج عنهم زوجات ومنازل ووظائف، بشرط أن لا يخبروا أحدا، ولا حتى جيرانهم، بأنهم قضوا وقتًا في جوانتنامو، حسبما نقلت الصحيفة الأمريكية عن نزلاء سابقين في المعتقل.
وتظل المملكة العربية السعودية واحدة من الدول التي احتلت مكانة بارزة في خطط إعادة تأهيل معتقلي جوانتانامو، خاصة في ظل تعاونها السابق ببرنامج تأهيل تحت إشراف ولي العهد السابق، الأمير "محمد بن نايف"، الذي ارتبط بعلاقات وثيقة مع وكالات المخابرات الأمريكية.
وبعدما أطاح ولي العهد السعودي الحالي، الأمير "محمد بن سلمان" بسلفه، تمت إعادة تسمية البرنامج ليتحول إلى مركز باسم "المناصحة والرعاية".
ونجح المركز في إعادة تأهيل 116 معتقلا سابقا في جوانتانامو، إذ ظلوا بعيدين عن المشاكل بعد دمجهم في مجتمع المملكة، بينما أُعيد القبض على 12، وقتل 8 آخرين، بعد فرارهم إلى اليمن وانضمامهم مجددا إلى تنظيم القاعدة هناك، فيما يتبقى واحد لايزال "مطلوبا" لقوات الأمن السعودية.
ويقدم المركز دروسًا حول التفسيرات اللاعنفية للشريعة الإسلامية، ويهتم باللياقة البدنية والترفيه والاستشارات التي تهدف إلى إعادة تأهيل أولئك الذين يتخرجون منه إلى عائلاتهم وإعادة دمجهم في المجتمع.
وتتم عملية إعادة التأهيل تدريجيا عبر السماح بـ "زيارات قصيرة" أولا لعائلات الخاضعين لبرنامج التأهيل ثم السماح لاحقا بإقامة طويلة الأمد مع العائلات.
وخلال فترة التأهيل، يخضع النزلاء لمراقبة جهاز أمن الدولة السعودي، التي تعتمد على ملاحظة "استجابات" النزلاء لبرنامج المركز، بما فيها تعابير وجوههم.
ومن بين أساليب التأهيل بالمركز دفع النزلاء إلى ممارسة الفنون بإشراف متخصصين بينهم "عوض اليامي"، الذي تحدث عن معرض لوحات رسمه سجناء جوانتنامو السابقين، يتميز بتصويره لأبراج الحراسة والأسلاك الشائكة والرجال الذين يرتدون زيا برتقاليا، وهي المشاهد التي اعتاد عليها رواد المعتقل السابقين.
تبدو صور المركز ومرافقه، التي عرضتها الصحيفة الأمريكية، كفندق خمس نجوم للمتطرفين، لكن رئيسه، "ونيان السبيعي"، ينفي ذلك قائلا: "هذه ليست جائزة. فهؤلاء (المعتقلين السابقين) لم يعودوا سجناء. عليهم العودة إلى المجتمع. نريدهم أن يشعروا بالقبول".