محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
بقرارات سريعة، واجه وزير الداخلية الكويتي ووزير الدفاع بالوكالة الشيخ طلال الخالد، الأزمة التي اندلعت بالسجن المركزي في البلاد، بهدف إنهائها والوقوف على مجريات الحدث منعاً لتكرار حدوثها.
وبدأت القصة، بعد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو يظهر فيه سجناء يهرولون في أحد ممرات السجن المركزي، وسط صراخ آخرين، بينما يقف رجال قوات خاصة بالجهة المقابلة.
وتعطي المادة "15" من قانون تنظيم السجون "الحق لمدير السجون حق التفتيش على العنابر بأي وقت، والتحقق من استيفاء شروط النظافة والأمن والصحة".
ماذا حدث؟
جريدة "الراي" الكويتية نقلت عن مصادر أمنية تأكيدها أن أحداث السجن المركزي بدأت يوم 30 مايو الماضي، بفوضى تسبّب بها عدد من النزلاء وتمردهم على رجال الأمن، الأمر الذي استدعى الاستعانة بالقوات الخاصة للتعامل مع الحدث وفق البروتوكول الأمني المعتاد.
وكشفت المصادر، أن إدارة أمن السجون تلقت معلومات سرية بوجود شحنة من المخدرات والهواتف النقالة داخل عنبر "4" الخاص بسجناء المخدرات.
وأكدت المصادر أن قوات الأمن الخاصة استدعت، وأخلت العنبر من السجناء البالغ عددهم 240 ونقلتهم إلى ساحة السجن، حيث عمد رجال الأمن إلى تفتيشهم ذاتياً، وهو ما تطور إلى اشتباك وتبادل للضرب بين الطرفين، قبل أن يسيطر رجال القوات الخاصة على الوضع.
وقالت المصادر للصحيفة إنه "بسبب عدم استجابة السجناء حدث إفراط في استخدام القوة لفرض السيطرة، وتعرض بعض السجناء إلى إصابات متفرقة".
وفي السياق، كشفت مصادر أن الأحداث بدأت بتمرير السجناء معلومة مغلوطة تفيد بدخول شحنة كبيرة من المخدرات إلى العنبر 4 بتخطيط وتنسيق بين سجين سابق، خرج في العفو الأخير.
ومع انتهاء الحدث في السجن، تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو، تظهر بعض الهواتف التي تم ضبطها داخل السجن المركزي والتي تكون لدى السجناء.
وتأتي أحداث السجن المركزي بعد نحو أسبوع من إعلان وزارة الداخلية عن انتحار نزيل داخل السجن المركزي.
اللواء المتقاعد في الشرطة الكويتية، حمد السريع، أكد أن الأحداث في السجن المركزي بدأت من أحد سجناء البدون، مبيناً أن بعض المواقع أثارت أن السجين قتل أو تعرض للتعذيب مما جعله يقدم على الانتحار.
وقال السريع في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إن "وزير الداخلية شكل لجنة تحقيق وكان توصياتها بإحالة التقرير إلى النيابة العامة وهو ما فعله وزير الداخلية".
وأوضح أنه بعد أسبوع من تسريب مقطع فيديو حول قيام القوات الخاصة بالاعتداء على السجناء، سارع وزير الداخلية إلى اتخاذ قرارات أخرى تتضمن تشكيل لجنة تحقيق جديدة للتحقيق بالوقائع مع إيقاف قيادي بوزارة الداخلية ونقل آخر الى ديوان الوزارة".
وبين أنه بعد انتهاء التحقيق رفعت اللجنة توصياتها إلى النيابة العامة، "وهو ما يعكس حرص الوزير على إظهار الحقيقة للجميع".
قرارات سريعة
وبعد تداول الحدث في السجن المركزي، أصدر وزير الداخلية الكويتي عدة قرارات تضمنت إيقاف كل من وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الأمن الخاص والمؤسسات الإصلاحية اللواء عبد الله سفاح ومدير عام الإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية العميد فهد العبيد عن العمل.
وكلف وزير الداخلية، اللواء عبد الله الرجيب للقيام بأعمال الوكيل المساعد لشؤون الأمن الخاص والمؤسسات الإصلاحية، إضافة الى عمله كوكيل مساعد للأمن العام والمرور والعمليات.
وشملت القرارات تعيين العميد ناصر جعيثن مديراً عاماً للمؤسسات الإصلاحية، وتعيين العميد هزاع الجعيب مساعد مدير عام المؤسسات الإصلاحية، والذي كان يشغل منصب مدير إدارة السجن العمومي.
كما تم تعيين العميد وليد العلي مديراً في إدارة تنفيذ الأحكام، والذي كان يشغل منصب مدير إدارة الإبعاد، في حين نقل مدير إدارة الحراسات العميد خالد القلاف ومدير سجن النساء العميد يوسف قعيد ومدير السجن المركزي العميد عدنان مراد و3 ضباط من الشرطة النسائية إلى الرقابة والتفتيش.
وإلى جانب إيقاف المسؤولين الكبار بوزارة الداخلية، أصدر "الخالد" قراراً بتشكيل لجنة تحقيق من الجهات المختصة للتحقيق بالأحداث التي وقعت في السجن المركزي.
وبعد ساعات من تشكيلها أنهت اللجنة مهامها في التحقيق بالأحداث التي حصلت بالسجن المركزي، وانتهت بتوصية إحالة الموضوع إلى النيابة العامة.
وأكد وزير الداخلية أن لا أحد فوق القانون، معرباً عن رفضه القاطع لما تضمنه مقطع الفيديو الذي تم تداوله، وفقاً لمصادر أمنية.
وبسبب أحداث السجن، صدرت تعليمات من وزارة الداخلية، لضبط الأمن في السجون، والتعامل مع أي مخالفات كوجود هواتف نقالة وممنوعات مع النزلاء بشكل صارم، والتعامل وفق إجراءات أمنية خاصة في حال الاستعانة بالقوات الخاصة لفرض السيطرة على أي حالات شغب أو عدم انصياع بعض السجناء للتعليمات.
وعقب الحدث، وجه وزير الداخلية المسؤولية والضباط، بضرورة تكريس الانضباط ومعاقبة أي مسؤول يتقاعس عن أداء مهام، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية نزلاء المؤسسات الإصلاحية، وتطبيق مبدأ السجن إصلاح وتهذيب"، وفقاً لمصادر أمنية.
ونقلت صحيفة "القبس" المحلية، عن مصادر أمنية، إن "الحزم الذي بدأه الخالد يهدف لتعزيز الانضباط الأمني ومنع أي خلل داخل السجن المركزي وتكريس الشفافية وتطبيق القانون على كل من يسيء استخدام السلطة".
حفظ للحقوق
الحقوقي الكويتي، أنور الرشيد، اعتبر أن سرعة استجابة وزارة الداخلية حول أحداث المجلس المركزي، وتشكيل لجنة تحقيق وإحالة القضية للنيابة العامة، يعد إجراءً يعكس حرص وزير الداخلية احتواء الحدث وإنهائه.
وأضاف الرشيد في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "الإجراءات السريعة التي اتخذتها وزارة الداخلية تعكس أيضاً حرص الوزارة على حقوق الإنسان بشكل عام والسجناء بشكل خاص، ووجود احترام لحقوقهم".
ورأى أن القرارات الجديدة من قبل وزير الداخلية وتعيين مسؤولين جدد في المنظومة الإصلاحية، من شأنه أن يتم تطوير العمل وتحسينه، وحفظ حقوق السجناء واحترامها.
وأوضح أن "كل سجون العالم تحدث بها أحداث شغب ويسقط قتلى وجرحى، ولكن على مستوى الكويت لم يحدث ولم تصل الأمور إلى عنف يتسبب في وقوع قتلى".
وأشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في نقل الحدث بالسجن المركزي للعامة، من خلال تداول مقطع الفيديو.
وحول أوضاع السجناء في الكويت، بين الحقوقي الكويتي، أن هناك احترام لحقوقهم في السجون ومكفولة وفق القانون، مشيراً إلى أنه "يتم الحفاظ على حقهم في الزيارة، والوجبات والشراب، إضافة إلى صرف رواتب لهم لشراء احتياجاتهم الشخصية من داخل السجن، وهو غير موجود بكل دول العالم"، كما قال.
أحداث سابقة
أزمة السجن المركزي ليست الأولى من نوعها إذ شهدت الفترة الأخيرة عدداً من الأحداث، مثل انتحار أحد النزلاء، أو حدوث حرائق داخل عنابر المخدرات، ومحاولات لإدخالها بالسجن المركزي.
وفي أبريل الماضي، هزت قصة أخرى بالسجن المركزي الرأي العام في الكويت، وهي انتحار أحد السجناء شنقاً داخل السجن.
وسارعت وزارة الداخلية بعد إقدام أحد السجناء على الانتحار، تشكيل لجنة تحقيق من وزارات الداخلية والصحة، وهيئات ومؤسسات المجتمع المدي، ممثلة في الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان، وجمعية الشفافية الكويتية، للوصول إلى ظروف وملابسات الواقعة.
كما شهد السجن في أكتوبر الماضي، إقدام سجينين على حرق زنزانتهما باستخدام ولاعة، مما تسبب في اندلاع حريق في السجن، وإصابة عدد من السجناء الذين تم نقلهم إلى مستشفى الفروانية، بحسب وسائل إعلامية كويتية في حينها.
وأعلنت الوزارة في أغسطس 2022، ضبط عدد كبير من الهواتف النقالة ومواد يشتبه بأنها مخدرة داخل السجن المركزي، وقبلها في مايو 2022، أعلن عن حريق في السجن المركزي، في أحد عنابر سجناء المخدرات.
وكان الحادث الأخطر الذي وقع في العام 2016، إذ تسبب حريق بوفاة 3 أشخاص وإصابة 20 آخرين تم نقلهم إلى المستشفى، في حين تم علاج 30 شخصاً في السجن المركزي، وأيضا في عنابر المخدرات.
مدير عام الإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية العميد ركن فهد العبيد، أكد أن مجمع السجون الحالي يضم 9 سجون بالإضافة إلى سجن الإبعاد الذي يقع خارج مجمع السجون والذي يعتبر ترتيبه العاشر بعدد السجون.
وقال العبيد لقناة "atv" في يناير الماضي: إنه "يوجد 5.100 سجين ما بين موقوف على ذمة قضايا، ويوجد 146 نزيلة يعيشون في سجن لهم، كما يوجد خطة تنموية للدولة لبناء سجن جديدة يتحاكى مع الواقع ينقل السجن من بيئة موجودة إلى أفضل".
وأوضح أن يوجد جناح خاص لاستقبال السجناء في اليوم الأول، حيث يتم إجراء تحاليل وأشعة لهم، والتأكد من سلامته قبل إدخاله إلى السجن بين السجناء.