جيتي كلاوسن-
قد يكون الهجوم الذي استهدف بروكسل صادما، لكنه لم يكن أبدا مستغربا، خاصة أن أوروبا تخضع لحملة إرهابية منسقة أطلقها تنظيم داعش. وفي الأيام التي تلت ذلك الهجوم أدلى مسؤولون بتصريحات تفيد بأن داعش قد تمكن من إرسال 400 مقاتل إلى أوروبا بغية استهدافها، حيث صدرت لهم تعليمات بتشكيل "خلايا إرهابية". وبدأ هؤلاء المقاتلون العائدون، ومعظمهم من أصول أوروبية، خطة جديدة تستهدف المدنيين والمنشآت في أوروبا.
أما العقل المدبر للهجمات التي استهدفت عددا من المقاهي وقاعة للحفلات الموسيقية وملعبا لكرة القدم في باريس في 13 نوفمبر 2015، فهو عبدالحميد أباعود الذي كان ينبغي أن يكون في السجن في تلك المرحلة، حيث إنه في يوليو 2015 أُدين وحكم عليه بالسجن 20 عاما بعد إدانته بتدبير هجوم فاشل في مدينة "فيرفيرس" البلجيكية. وبعد وقت قصير من تلك العملية الفاشلة التي راح ضحيتها اثنان من المشتبه بهم، تمكن أباعود من السفر إلى تنظيم داعش ثم عاد مرة أخرى إلى أوروبا في وقت لاحق من عام 2015. ومنذ ذلك الحين اتهمت الحكومة الفرنسية هذا الشخص بتنسيق أربع هجمات من أصل ست تم إحباطها في فرنسا منذ الربيع الماضي.
ونفَّذ أباعود تلك الهجمات بصحبة صديقه القديم من حي مولينبيك البلجيكي، صلاح عبدالسلام، الذي سافر وعاد مجددا إلى بروكسل. وهناك شبكة معقدة من الاتصالات بين الإخوة وأصدقاء المدرسة ورفاق السجن والجيل الأكبر سنا من الموجهين الذين شاركوا أبومصعب الزرقاوي إبان ذروة عمل تنظيم القاعدة في العراق، كل هذه العوامل شكلت حقيقية مكنت التنظيم من إطلاق وتشكيل خلاياها في أوروبا.
بعد سنوات من القلق مما يطلق عليه عمليات «الذئب المنفرد»، فقد بدأ شكل الأخطار يتغير، فالتركيز العالي من "الانتحاريين" المستعدين للتفجير والقتل العشوائي في حي صغير واحد يمكن فهمه، عبر النظر إلى الخطر الإرهابي "كفيروس اجتماعي" ينتشر عبر عملية عدوى معقدة. إن التفاعل الوثيق بين الأشخاص المنتمين إلى جماعات فرعية مختلفة تتبنى نفس نظام المعتقدات المتطرفة سيكون لديهم نوع مُعيَّن من التأثير.
بعد يومين من اعتداء بروكسل، تمكنت السلطات البلجيكية من ضبط مواد متفجرة في شقة يشتبه أن لها صلة بهجوم باريس، والتي أظهرت تحضيرات لهجمات أكبر تستهدف محطة الطاقة النووية على الحدود البلجيكية الألمانية.
إن بطء تحرك النظام القضائي البلجيكي، حيث أطلق سراح المشتبه بارتكابهم جرائم إرهاب، على أن يحضروا إلى المحاكم مجددا خلال أسابيع أو أشهر من تاريخ إطلاق سراحهم، ترك كثير من هؤلاء المشتبه بهم أحرارا في شوارع جوتنبرج، وكوبنهاجن، وفيلفورده، وملبورون، وضواحي باريس وكثير غيرها.