سعد بن عبدالقادر القويعي- الجزيرة السعودية-
من أعظم المحرمات دم المسلم، -سواء- كان مدنياً، أم عسكرياً. وبغض النظر عن حرمة هذه الدماء إلا بالحق، فإن مجموع التنظيمات الإرهابية تعتقد امتلاكها الحق وحدها دون غيرهم في تقرير ذلك المصير للإنسان المسلم. ما يعني: أن الاعتداء على رجل الأمن اعتداء حقيقي على هيبة الدولة، ومدخل إلى الفوضى التي لا يريدها إلا جاهل.
وتشير الإحصائات الرقمية إلى أن ما بين عام 2003 م، وعام 2015 م، حدثت أكثر من «20» عملية إرهابية نفذت في الأراضي السعودية، واستهدفت -فعلياً- رجال الأمن. وبإعلان تنظيم داعش الإرهابي عن تبنيه لعملية اغتيال -العقيد- كتاب العتيبي رحمه الله -قبل أيام-، كاشفاً عن عدد من تفاصيل الواقعة، فإن استصدار فتاوى تجيز قتل أفراد الشرطة، والجيش كشفت الوجه القبيح لهذا التنظيم الإرهابي.
يدعون إلى قتل الأقارب قبل ما أسموه بالنفير للقتال، -وخصوصاً- الأقارب العاملين في السلك العسكري. ويجيزون، بل ويحثون على قتل أيّ موظف في السلك العسكري؛ بسبب فتاواهم الشاذة، وتأويلهم النصوص التعسفية بلا علم، وإنما لرموز تشكلوا عناوين للقتل، والإرهاب، بعد أن استغلت كل مواقع التواصل الاجتماعي، واعتمدت على الفبركة، وتضخيم الحدث؛ من أجل أن تكون الوحشية هي سمة التهديد، والترويع، والهمجية، -وبالتالي- تحقيق أهدافهم في خلق ذراع للتنظيمات الإرهابية، تستطيع من خلالها الوصول بسهولة لرجل الأمن؛ لاغتياله.
تؤكد دوافع هذه الجرائم، وبشاعتها طبيعة الفكر التدميري المتطرف الذي يقودها. وهو ما نشرته مؤسسة الفرقان بياناً لها بعنوان: «السلمية دين من؟!» للمتحدث الرسمي باسم تنظيم داعش -أبو محمد العدناني-، جاء فيه: «لابد لنا أن نصدع بحقيقة مرّة، لطالما كتمها العلماء، واكتفى بالتلميح لها الفقهاء، ألا وهي: كفر الجيوش الحامية لأنظمة الطواغيت، لا بد لنا أن نصرح بهذه الحقيقة المُرّة، ونصدع بها؛ ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حيي عن بينة. إن جيوش الطواغيت من حكام ديار المسلمين، هي بعمومها جيوش ردة، وكفر. وإن القول -اليوم- بكفر هذه الجيوش، وردتها، وخروجها من الدين، بل ووجوب قتالها، لهوَ القول الذي لا يصح في دين الله خلافه».
إن خلط السياقات، والأحداث كان طريقهم نحو استباحة دم المسلم بغير وجه حق، كونه جمع بين الكبائر، والموبقات ما لا يستبيحه مسلم، إلا هذا الفكر المنحرف، الذي ينطلق داعش منه، هذا من ناحية التأصيل الشرعي. كما أن القرار الوزاري رقم «2000» نصّ من الناحية النظامية: على تجريم الاعتداء على رجل السلطة العامة أثناء مباشرته مهمات وظيفته، أو الإضرار بمركبته الرسمية، أو بما يستخدمه من تجهيزات، باعتبار ذلك جريمة من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف. كما جرّم النظام -بشكل عام-، مقاومة رجل الأمن، أو إعاقته بالقوة عن القيام بواجب من واجباته، أو ممارسة أعمال وظيفته.
«قتل الأقارب مقدم على النفير للجهاد»، فتوى داعشية بهرطقتها الإبليسية؛ ولأن هذا التنظيم لم يمرّ على التاريخ البشري -مثله- في سفك الدماء، وجاء بما لم يسبقه غيره من مجرمي التنظيمات الإرهابية، -لاسيما- وأن المعطيات عرّت التوجه الإجرامي لعناصر هذه الخلايا الإرهابية، سيرا على النهج الدموي لما يسمى بتنظيم «الدولة الإسلامية»، فإن السؤال الذي يجب طرحه بهدوء: لمصلحة من تتجاسر التنظيمات الإرهابية على حرمة رجل الأمن، والانقضاض على المنجز الأمني في حماية الوطن، والمواطن؟.