ح.سلفية » داعش

التهديدات الجهادية للسعودية ستزيد مع عودة مقاتلي «داعش»

في 2016/05/21

توقعات

(1) على الرغم من أن الهجمات المتعلقة بتنظيم «الدولة الإسلامية» ازدادت وتيرتها في السعودية خلال العام الماضي فإن قيامها بتوجيه ضربات إلى الأهداف الحيوية لا يزال يبدو أمرا بعيد المنال.

(2) بالنسبة إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، فإن انتهاء أكثر من عام من الهدنة غير الرسمية مع التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن سوف يضع البلاد مرة أخرى في مرمى هجمات التنظيم.

(3) سوف تواجه السلطات السعودية المزيد من الصعوبات للسيطرة على التهديد الجهادي مع عودة مقاتلي «الدولة الإسلامية» من سوريا والعراق مع المزيد من المهارات المتقدمة.

تحليل

للجهادية جذور عميقة داخل المملكة العربية السعودية، التي تعد ثاني أكبر مصدر للمقاتلين الأجانب في العراق وسوريا، منذ بدء الحرب الأهلية السورية في عام 2011.

ومنذ منتصف العقد الماضي، نجحت قوات الأمن السعودية في احتواء  التهديد الجهادي في المملكة، بعد أن أدركت حجم المخاطر الاجتماعية والأمنية التي يسببها.

لكن في العام الماضي، كثفت «الدولة الإسلامية» من نشاطها داخل السعودية؛ ما دفع المملكة إلى تشديد حملاتها ضد المتشددين المزعومين مدفوعة بمخاوف من نمو التهديدات لتصبح خارج السيطرة.

خط زمني

التهديد الجهادي في السعودية ليس شيئا جديدا. في منتصف عام 2002، شن تنظيم القاعدة في السعودية حملة من الهجمات في البلاد ضد الأجانب والحكومة السعودية على حد سواء. نجحت السلطات السعودية في نهاية المطاف في تفكيك التنظيم؛ ما تسبب في فرار العديد من أفراده إلى خارج البلاد. انتقل الكثير منهم إلى اليمن؛ حيث شاركوا في تأسيس تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

وبصرف النظر عن هجوم عام 2006 على منشأة جمع ومعالجة النفط في البقيق، وهجوم الهواة الذي وقع في عام 2007 وأسفر عن  مقتل ثلاثة مواطنين فرنسيين، ومحاولة الاغتيال الفاشلة للأمير «محمد بن نايف» في عام 2009، فقد ظلت السعودية هادئة بشكل مخيف. ولكن هذا الهدوء انتهى في عام 2015 عندما بدأ النشطاء المرتبطون بتنظيم «الدولة الإسلامية» في ضرب المساجد في المنطقة الشرقية المضطربة من السعودية؛ في محاولة لتأجيج التوتر الطائفي في المملكة.

قبل فترة طويلة، امتدت الهجمات خارج المنطقة الشرقية والأهداف الشيعية. بعد سلسلة من المداهمات في الطائف في أوائل شهر يوليو/تموز 2015، قام المسؤولون السعوديون بتوقيف رجل يرتدي سترة ناسفة عند حاجز في الرياض في 16 يوليو/تموز. ومن أجل تجنب القبض عليه فقد قام الرجل بتفجير نفسه ما تسبب في حملة حكومية تسببت في اعتقال 400 شخص يزعم ارتباطهم بتنظيم «الدولة الإسلامية» في غضون يومين.

وفي الشهر التالي، فجر انتحاري نفسه داخل مسجد في أبها، وهي مدينة في غرب المملكة العربية السعودية.

وأسفر الهجوم عن مقتل 15 من المصلين؛ بينهم 10 من أفراد وحدة من القوات السعودية الخاصة، كما أصيب آخرون.

ومنذ ذلك الحين، وقعت ثلاث هجمات أخرى ضد مساجد شيعية في المنطقة الشرقية، جنبا إلى جنب مع حفنة من التفجيرات الصغيرة في الرياض، وعدة اغتيالات لضباط الشرطة والأمن. وبالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ عدد من الضربات ضد أفراد ذوي علاقة بـ«الدولة الإسلامية» في الرياض والدمام وعسير.

وقد أثارت حملة خارج حدود مكة في 5 مايو/أيار معركة بالأسلحة النارية أسفرت عن مقتل أربعة من مقاتلي «الدولة الإسلامية». قامت قوات الأمن السعودية بإطلاق النار على اثنين منهم، واحد منهم تم تعيينه على أنه أحد المشتبه بهم في حادثة تفجير مسجد أبها، والباقيين قاما بتفجير نفسيهما بقنابل انتحارية تجنبا للقبض عليهما. وفي اليوم نفسه، زعمت السلطات القبض على عضوين آخرين تابعين للتنظيم في جدة. بعد ثلاثة أيام، قتل مسلحان ضابط الأمن الذي أحبط محاولة هجوم على مركز للشرطة خارج الطائف.

جيل جديد

تختلف هذه الهجمات بشكل كبير عن عمليات تنظيم القاعدة في وقت مبكر من الألفية، والتي استهدفت الأجانب وتفجير حافلاتهم. كان تنظيم القاعدة في السعودية يعرف بشكل واضح أهمية المغتربين في الاقتصاد السعودي؛ حيث كان يسعى لعرقلته عبر دفع هؤلاء المغتربين وأسرهم إلى خارج البلاد.

شملت حملة القاعدة مجموعة من الاغتيالات والاعتداءات المسلحة على مجمعات سكنية يسكنها مغتربون وحتى الهجوم على القنصلية الأمريكية في جدة.

في أبريل/نيسان لعام 2004، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيرا من السفر إلى السعودية، ونصحت المواطنين الأمريكيين بتأجيل سفرهم إلى هناك، كما أمرت جميع الموظفين الدبلوماسيين والقنصليين غير الأساسيين بمغادرة المملكة.

بيئة التهديد يمكن أن تتغير مع عودة مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا حاملين معهم الخبرة المكتسبة في ساحة المعركة.

مثل الجيل السابق من عناصر تنظيم القاعدة في المملكة، فإن مقاتلي «الدولة الإسلامية» يمكنهم استخدام مهاراتهم لأجل الشخذ لإجراء المزيد من الهجمات المعقدة والاستراتيجية.

كلا الفريقين لديهما تاريخ من مهاجمة مناطق الجذب السياحي في كل من مصر وتونس لتقويض اقتصادات تلك الدول.

وربما يكون لحملة «الدولة الإسلامية» الأكثر تطورا المزيد من الصدى مقارنة بالمبادرات السابقة لتنظيم القاعدة، الذي كان يستهدف المغتربين للإضرار بالاقتصاد السعودي.

وتنظيم القاعدة أيضا

بالإضافة إلى تنامي خطر «الدولة الإسلامية»، فإن  السعودية تواجه تهديدا متجددا من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

في أعقاب التدخل السعودي في الحرب الأهلية في اليمن في مارس/أذار 2015 فإن كلا من تنظيم القاعدة والتحالف السعودي قد توصلا إلى ما يشبه هدنة غير رسمية بينهما؛ وبموجب هذا الاتفاق الضمني يمتنع التحالف السعودي عن مهاجمة التنظيم في مقابل الحصول على تعاون الجهاديين في محاربة قوات الحوثي والرئيس اليمني السابق «علي عبد الله صالح».

استفادت القاعدة في جزيرة العرب كثيرا من هذا الترتيب، وحاولت اغتنام الفرصة التي تتيحها الفوضى من أجل انتزاع كميات كبيرة من الأموال والأسلحة والقوى العاملة في الوقت الذي كانت تسيطر فيه على المكلا.

على الرغم من خسارته العديد من القادة الرئيسيين بفعل الضربات الجوية الأمريكية، فإن التنظيم يبدو أكثر قوة الآن من حيث الرجال والموارد مما كان الحال عليه في أي وقت مضى.

ولكن هذه الهدنة قد انهارت في 25 أبريل/نيسان الماضي. دخلت قوات التحالف إلى المكلا بعد انسحاب القاعدة في جزيرة العرب لتجنب خسائر فادحة.

وعلاوة على ذلك، فإنه يمكن للتنظيم الاعتماد على زيادة قوته من أجل استئناف جهود تصدير الإرهاب إلى المملكة العربية السعودية. في الوقت الذي يشكل فيه السعوديون عناصر هامة في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، يمكن  للتنظيم محاولة استخدام هذه العلاقات لسهيل هجمات جديدة.

على الرغم من الارتفاع الكبير في النشاط الجهادي في السعودية خلال العام الماضي، لا يوجد حاليا ما يشير إلى أن السلطات السعودية سوف تفقد السيطرة على هذا التهديد.

ستراتفور-