لم يتمكن الدواعش من اختراق المجتمعات الإسلامية والانتشار فيها بهذه السرعة، وبث ثقافة الأحزمة الناسفة وتوزيع أحكام الردة بالجملة على كل ما يخالفهم، إلا حينما ضاع المزيد من الوقت الثمين في مفاوضات غير ناجحة مع نظام سفاح الشام، الذي مكن الدواعش من ممارسة الإرهاب العابر للحدود، لضمان بقائه أطول مدة ممكنة.
لكن يبقى الدور الوقائي والاستباقي على عاتق الأسرة والمجتمع متزامنا مع جهود المجتمع، في كبح العقيدة الداعشية ولجم طموحاتها وأفكارها الدموية، وتعرية باطلها، بمتابعة الأبناء ومراقبة سلوكهم وألفاظهم وأصدقائهم وخلواتهم وأجهزتهم والتواصل مع الأجهزة الأمنية عند ملاحظة أي خطر فكري محتمل، فوجوده في السجن خير لعائلته وللأبرياء من نهاية غير سعيدة، ومصير قاس جدا ينتظر كل من وقع في مصائد داعش وضلالاتهم.
في أغلب الأحيان لا يستجيب الداعشي – صغير السن- بسهولة لنداء الدين والعقل والإنسانية والرحمة، لأنه تعرض لعمليات برمجة عصبية ممنهجة، وغسل أدمغة مدروس بعناية، ولعب سافر على وتر الغريزة لتغييب عقله، حتى يصل إلى مرحلة متقدمة من الحماس الأعمى يفقد فيها السيطرة على تصرفاته كشخص طبيعي، فينقاد للمحرضين هائجا أعمى، قرر أن يضع حدا لحياته حتى يتمكن من الوصول إلى الجنة والحور العين في وقت قياسي!
معظم المتعاطفين والمتعاونين مع داعش لا يعرفون عنه سوى ما يبثه من خطابات حماسية ودعايات وصور مفبركة لعمليات وهمية ومشاهد صادمة لضحاياهم، هدفها إثارة العاطفة والنخوة والحماس، لاستدراج المراهقين والسذج تحت غطاء ديني، حتى يقعوا في شباكهم، ثم تبدأ موجات الصدمة الأولى باكتشاف المغرر بهم حقيقة داعش من الداخل، والذي يحمل مشروعا سياسيا تخريبيا لا علاقة له بالجهاد الشرعي ولا بالمنهج النبوي العظيم الذي تركنا على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
فهد أحمد المالكي- الوطن السعودية-