يعيش تنظيم "داعش" أياماً صعبة وغير مُريحة في الآونة الأخيرة، شهد فيها أكبر هزيمة منذ تأسيسه، حيث خسر أكبر أربع مناطق: الفلوجة والموصل في العراق والرقة، وحويجة في سورية.
ويواجه تنظيم داعش ضغوطات حادة حالياً. فمن جهة، أدت الضربات الجوية الأميركية والروسية إلى القضاء على القيادات الأساسية للتنظيم وخسائر كبيرة ساهمت في تراجعه في القتال، ومن جهة أخرى، الخسائر الفادحة التي مُني بها التنظيم في مستودعات الذخيرة وتدمير مرافق إنتاج النفط والتخزين، مما أدى إلى صعوبة التمويل وتأمين إمدادات الأسلحة والذخيرة.
ولكن، عدم مشاركة قوات برية في القتال يجعل تدمير "داعش" أمرا صعبا في الوقت الحاضر. وأعتقد أن المعركة النهائية ستكون في الموصل، لكن، على ما يبدو أن القوات الحكومية العراقية ليست قادرة على التغلب على داعش نهائيا. في الواقع، الولايات المتحدة تفهم جيداً أنه لا يمكن الفوز في المعركة دون وجود قوات برية قوية في ساحة المعركة. ففي الماضي، أنفقت أميركا كثيراً في تدريب القوات العراقية، ولكن النتائج أثبتت أن هذه الجهود قد باءت بالفشل. يُعتبر الوضع الحالي أكثر ملاءمة للقوات الحكومية العراقية، لكن لا يمكن تحقيق الفوز بالمعركة في الموصل وغيرها من الأماكن الأخرى على المدى القصير، لأن مواجهة داعش في ساحة المعركة غير مواتية في الوقت الراهن، حيث إن داعش بدأ بتغيير تكتيكاته.
على سبيل المثال، في العراق، من جهة، يتخذ الأبرياء دروعاً بشرية لتضطر أميركا لتوقف الهجوم تجنباً لوقوع كارثة إنسانية. ومن جهة أخرى، أدت التفجيرات المتكررة في بغداد لإثارة احتجاجات شعبية، حتى لا تتمكن قوات الحكومة العراقية من التركيز على المعركة. إن معدات عناصر الجيش العراقي جيدة حقاً، لكن قدراتهم على القتال مثيرة للقلق. والمثير للقلق أيضا أن تنظيم "داعش" منتشر في العديد من الأماكن، بما في ذلك شبه جزيرة سيناء وليبيا وأفغانستان وغيرها. كما أعلنت بعض المنظمات عن مبايعتها للتنظيم، بما في ذلك جماعة "بوكو حرام" الإرهابية في نيجيريا، وفصائل عديدة من حركة طالبان، وغيرها. واليوم، يمكن لـ"داعش" مواصلة الصمود لمواجهة الضربات الجوية الأميركية والروسية، مما سيجذب انضمام المزيد من المنظمات الصغيرة. إن تنظيم داعش عدّل إستراتيجيته أيضاً، مما يُشكل تهديداً نسبياً لأوروبا، ولذلك اضطرت الأخيرة لزيادة الاستثمار في مكافحة الإرهاب. وعلى المدى المتوسط والطويل، سوف يتأثر هذا سلباً في ساحة محاربة الإرهاب في سورية والعراق. داعش عدو العالم، وسيُقضي عليه عاجلاً أو آجلاً. لكن، التوازن في المنطقة انكسر بعد الحرب في العراق. ولا تزال قوة ممثلي "داعش" موجودة، وعنصر عدم اليقين في حالة استمرار دائم في المنطقة، تماماً مثل ما أُشير إليه باختصار "لا يزال هناك طريق طويل أمام المجتمع الدولي للقضاء على داعش كممثل للإرهاب والتطرف".
لي شاو شيان - الوطن السعودية-