يقيناً، بات الموت أفضل لـ «هيلة العريني» كثيراً من الحياة، وباطن الأرض أكثر أمناً لها من ظاهرها، فالأم المطعونة التي باتت في جوار ربها أتتها الطعنة ممن كانت بطنها لهم وعاء وسقاء. ربما لو تحدثت هيلة لقالت انها أحسن حالاً من زوجها إبراهيم بن علي العريني، المطعون في حبة قلبه، وقبل هذا وبعده ستشكو إلى الله من البغدادي الذي أفتى شرعيو دولته بأن «كل من يخالف الخلافة مستباح الدم والعرض والمال وان كان ذا قربى».
خالد وصالح، التوأمان اللذان لم يتجاوز عمراهما 20 عاماً، سطرا بسكينهما فصلاً جديداً من اجرام تنظيم «داعش» ليس الأول ولن يكون الأخير، لكنه أحد أبرز حوادث الفُحش والفجور، بعد ان أجهزا على أمهما التي بلغت من الكبرعتيا وكانت في خطواتها الأخيرة نحو انهاء عقدها السادس.
أبو أنس السوري، من حركة «أحرار الشام» أكد في تصريح لـ «الراي» ان «تنظيم داعش فقد القدرة على الإدهاش بعد ان أتى بما يتخيله وما لايتخيله العقل»، لافتاً إلى ان «الفصائل المقاتلة في سورية عانت من فتاوى داعش الشيطانية».
وتابع: «داعش أباح لجنوده قتل الأبوين أو أي من ذوي القربى، بدعوى تصنيفهما تحت مسمى (كافر حربي)»، موضحاً ان «الفقه الداعشي يستند إلى ان كل من يخالف الخليفة كافر حربي يجب قتله حتى وان كان من المسلمين وينطق الشهادتين، وهو ما أنتج تلك الجرائم المروعة التي ارتكبها الدواعش بحق أقرب المقربين من ذويهم».
وزاد: «نبيّ الله نوح لم يقتل ابنه الكافر، ونبي الله ابراهيم لم يقتل أباه الكافر، فكيف لداعشي غر ان يسمح لنفسه ويفتئت على شرع الله ويفتي لنفسه بجواز قتل الأم بدعوى انها كافرة حربية ؟».
بدوره أكد مصدر جهادي آخر في تصريح لـ «الراي» ان «ما نراه في داعش وأتباعه اليوم هو ماكان مشهورا عن فرق الخوارج بالأمس، والتي ظهرت في خلافة الإمام علي رضي الله عنه حينما حاربوه وقاتلوا الصحابة رضوان ﷲ عليهم باسم الحق والتصحيح، حتى أنهم قتلوه غدراً وهو يصلي الفجر في المسجد».
وتابع «ذاك الداء القديم الذي يسمى الغلو في الدين قائم على التساهل في باب التكفير وعدم الانضباط بالقواعد العلمية الصحيحة، مما يؤدي بمن يصاب بهذا المرض إلى الانحراف وفساد التصورات وأزمات حادة في العلاقات، فالغلو في التكفير باب شر عظيم، ويعظم هذا الشر أكثر إذا فكر وتجرأ صاحبه على تغيير ما يتوهم أنه باطل، وبالعنف، هذه اللوثة إذا أصابت عقل صاحبها تحوله إلى وحش يفتك في المسلمين من حوله وربما في أقرب الناس إليه».
وزاد: «من تمكن منه الغلو وبلغ به درجة متقدمة لن يشعر تجاه ما يفعل من جرائم بالندم، بل ربما يستلذ بها والعياذ بالله، لأنه لفساد عقله وتصوراته يعتقد بأنها طاعات!»، مشيراً إلى ان «ثمة أسبابا كثيرة، منها الجهل ومنها فرط الحماس والتعجل، ومنها الضغط النفسي والاحساس بالظلم العام أو التعرض لظلم وتعد خاص، وكل ذلك يسبب لدى البعض الميل إلى الغلو والغلاة والشدة والرغبة في الانتقام ممن ظلمه، أو الذي يظن بأنه خذله وتجاهله وتجاهل قضيته».
الراي الكويتية-