في زمن لم يمض عليه كثيرا كانت الدعوة لداعش لا تحتاج إلى ذكاء او تحايل. قل كلمتك وامض سالما راشدا في انتظار المكافأة. كان المرء يعبر عن الداعشية بشكل مستقيم. لا تحتاج دعوته إلى تبرير او اعتذار. لم يعد هذا الامر ممكنا في أيامنا هذه. لابد من تكنيك يضرب على العواطف الحساسة ويتسم بالبراءة والنصح ولا يثير الشبهات.
بين يدي دعاة داعش آليتان الواحدة تسند الأخرى. كل واحدة من هاتين الآليتين لابد أن تصاحبها مقدمة تتبرأ من داعش: هؤلاء خوارج وخارجون عن الملة والعياذ بالله يقتلون ما حرم الله إلى آخر الكلام المستهلك.
أولى الآليتين تتلخص في السؤال: وش الفائدة. شكك في جدوى الأنشطة الإنسانية وكل ما يتصل بالمتعة والجمال وقيم الحضارة الإنسانية بطرح مثل هذا السؤال.
ما الذي سوف نجنيه من اشتراك فتياتنا وأبنائنا (فلذات اكبادنا إذا اردت الجمع) في المسابقات الرياضية الدولية؟ لم نخسر هذه المبالغ الطائلة على هذه المسابقات وشبابنا أحوج ما يكونون لمساكن. أليس الأجدى أن تصرف هذه المبالغ على الأرامل والمطلقات والمعنفات اللاتي فقدن عائلهن وليس لهن إلا الله ثم حكومتنا الكريمة التي يسرت كل أسباب العيش.. الخ. بهذا تزرع الشعور بالذنب في كل من يجلس ويستمتع بهذه المسابقات أو من يؤيد اشتراك المملكة فيها.
الآلية الثانية تقوم على السؤال: هل هذا وقته؟
لم يوجد شعب أو امة عاشت خالية من مشكلة أو مشكلتين أساسيتين. إما مشكلة على الحدود أو قلاقل داخلية أو أزمة اقتصادية أو بطالة أو كارثة طبيعية ..الخ. إذا خرجت من مشكلة دخلت في أخرى. سنة الحياة.
في عصرنا الحديث ستجد أن كل دولة تتوزع خبراتها وجهودها في تخصصات. إذا كان ثمة أزمة حربية على الحدود فالجيش هو المسؤول عن علاجها وعندما تنشأ كارثة طبيعية فلها الدفاع المدني وإذا بدت مشكلة اقتصادية فهناك عدة جهات تضع لها الحلول دون أن يتوقف الناس عن الحياة اليومية الطبيعية ولا تتوقف الدولة عن البناء والتعمير والقيام بواجباتها الأخرى.
لا فرق بين بناء طريق أو سكة قطار او أستاذ رياضي. بيد أن الداعشي يستغل هذه الازمات لمحاربة الفنون والأنشطة الإنسانية والمشروعات الترفيهية التي تسعد الناس. الداعية الداعشي يستغل هذه الازمة ليتصدى لأي نشاط فني أو حضاري بالسؤال هل هذا وقته؟
ابناؤنا يموتون في الحد الجنوبي وهؤلاء لا هم لهم سوى الغناء. بناتنا الأرامل يعانين الأمرين ونحن والعياذ بالله في طبل وزمر.
أولى السبل وأهمها لتكوين عقل ووجدان داعشي يكره الحياة هو أن تعمل على إشاعة الشعور بالذنب عند الانغماس في السعادة والحضارة وتطلعات الشباب المبهجة، وأفضل طريقة للتلاعب بعواطف الناس أن تضع الفنون والآداب والرياضة في حالة تصادم مع الاحتياجات الأساسية التي تعاني منها فئة من المجتمع. في كل مرة تلاحظ أن الناس بدأت تهتم بشيء يتعلق بالمتعة أو بالثقافة ينهض هؤلاء على الفور لتذكير الناس بالفقراء والمحتاجين والأرامل وأبنائنا الذين يذبون عنا.. الخ. تسميم وجدان الناس بزراعة الشعور بالذنب.
عبدالله بن بخيت- الرياض السعودية-