بعد فشل تنظيم «داعش» الإرهابي في تجنيد الشباب السعودي داخل المملكة، نتيجة ارتفاع نسبة الوعي بحسب ما كشفت عنه وزارة الداخلية السعودية، وأكده مختصون، لجأ التنظيم الإرهابي إلى اللعب على وتر الأبعاد النفسية واستغلال حاجات الشباب بـ«كنى» و«ألقاب»، لتحفيزهم للانضمام إلى صفوفه، وورث التنظيم الأكثر تطرفاً في تاريخ التنظيمات المتطرفة، هذه الآيديولوجية عن التنظيم الأم قاعدة الجهاد، التي عرف عنها استخدام تلك الكنى لتحفيز عناصرها، بزعم اقتدائهم برموز «التاريخ الإسلامي».
ولم يكتف التنظيم الإرهابي باستخدام «الكنى» لعناصره، بل انتهج أيضاً نهج «الألقاب» والمسميات القيادية، للتأثير النفسي على العناصر المنظمة إليه حديثاً وبخاصة الشباب، وذلك لتحفيزهم النفسي على ارتكاب جرائم التنظيم الإرهابية، بدعوى القيادة والإمارة.
كما لم يقتصر استخدام هذه الآيديولوجية داخل صفوف التنظيم في مناطق الصراع، إذ حرص التنظيم على استخدامها بشكل موسع مع خلاياه داخل المملكة، هذا ما أكده اللواء في وزارة الداخلية السعودية بسام عطية في بيانه الأخير حول خلية جدة التي تم إحباطها أخيراً، والتي يقودها الإرهابي حسام الجهني، صاحب لقب «أمير الحجاز» بحسب ما أطلقت عليه قيادة التنظيم.
وبحسب ما أكده عطية فإن التنظيم توجه لإعطاء «الواجهة» القيادية لعناصره بتسميات وألقاب لأهداف نفسية، مؤكداً أنه لا علاقة للتسميات التي يطلقها بأيّ أداء فعلي سوى استثارة العواطف.
«والٍ، وأمير، وخليفة، وانغماسي» بهذه الألقاب يستغل التنظيم الإرهابي بعض العوامل النفسية، لدى ذوي الفكر المتطرف، في تثبيت تلك الأفكار، ويحفزهم لتنفيذ عملياته الإجرامية.
وحول الأثر النفسي الذي تتركه هذه الألقاب، قال استشاري الطب النفسي مدير مركز «إدراك» للاستشارات النفسية الدكتور عبدالله السبيعي لـ«الحياة»: «تأثير الألقاب التي تطلقها التنظيمات الإرهابية على عناصرها من القياديين، لا يتجاوز تأثيره الفعلي الملقب نفسه، كلقب والٍ أو أمير، لأنها تشعر المنظم للتنظيم بالعظمة، وإن كان متخاذلاً ترفع معنوياته ويزداد تشبثاً بالعمل معهم، كما تزيد من حماسته».
وأضاف السبيعي: «لكن لا يوجد أي تأثير لهذه المسميات على المتلقي أو حتى المتعاطف مع التنظيم غير المنضم له فعلياً».
وتابع يقول: «ما يقودنا ويؤثر في سلوكياتنا هو الجانب النفسي، فعندما يجد الشاب المتعاطف مع التنظيم الإرهابي عوامل جذب فهي عوامل نفسية، لأن التنظيم قد يزعم أنه يحقق له مكاسب معينة على المستوى الشخصي أو على مستوى الأمة بحسب زعمهم، وبذلك ينخدع ويتأثر تفكيره بتبني بعض معتقدات التنظيم، وفي المقابل عندما يشعر المتعاطف معهم أن هناك عوامل دفع أو طرد من المجتمع نتيجة تعاطفه مع التنظيم يندفع لتبني الأفكار للتركيز على الأخطاء في المجتمع». وأكد أن الجانب النفسي في هذا السياق باتجاه تبنيها أو التخلي عنها يكون بحسب الميول وبحسب ما يواجهه من معززات وهذا ما يستغله التنظيم الإرهابي. بدوره، قال استشاري الطب النفسي الأمين العام لاتحاد الأطباء النفسيين العرب الدكتور طارق الحبيب لـ«الحياة»، إن الرمزية هي جزء من حاجات المراهق الأساسية سواء أكان الرمز محموداً أو غير محمود، فهي حاجة عند المراهق ومن لم يشبع مراهقته في البحث عن الرمز ممكن أن تستمر معه هذه الحاجة إلى فترة طويلة، مؤكداً استغلال التنظيم الإرهابي حاجة الشباب للرمزية، في تحفيزهم للإقدام على بعض الأفعال الإجرامية.
وأضاف: «القارئ في التاريخ الإسلامي يرى أن الرمزية والألقاب والكنى كانت مستخدمة في القدم، لكن ليس بهدف التحفيز وإنما كانت جزءاً من النسيج الاجتماعي، لكن التنظيم يحاول من خلال ذلك ربط أفعاله غير المقبولة بالجهاد الإسلامي المقبول من خلال استخدام بعض الأسماء المستخدمة كالكنى والملابس والألقاب».
وزاد الحبيب: «ما نلاحظه حالياً أن الرفض المجتمعي وزيادة وعي المجتمع ساعد في سد هذه الثغرة النفسية، وصعوبة استغلال التنظيمات الإرهابية للشباب من خلالها وهذا ما أكدته الإنجازات الأمنية الأخيرة».
الحياة السعودية-