محمد بن عبدالله الحسيني- الرياض السعودية-
هل يعني مقتل أو انسحاب قائد داعش أبي بكر البغدادي من المسرح وانتهاء دوره هو انتهاء "داعش" نفسها كما يروج العديد من الإعلاميين والمسؤولين بالمدن التي خرج منها التنظيم، وذلك على فرض صحة الخبر؟! الإجابة: لا وألف لا، فالتنظيم ما زال مستمراً على قيد الحياة، بل ويدعو أنصاره إلى استخدام حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أخباره ومعاركه للخروج من حالة الحصار المفروضة عليه من الإعلام "الكافر" حسب زعمهم، ولا زال التمثيل مستمراً.
بعيداً عن كون "داعش" صناعة تم تصديرها بهدف تشويه الإسلام فإن التسليم بانتهائها هو من قبيل التخدير، فداعش وأنصارها لا يرون أن مشكلتهم في فقدان مدينة أو قطاع وإنما فقدان الإرادة كما يقولون، ما يعني أنهم يعتبرون ما يفعلونه هو إيمان مستقر بالقلب لا يتزعزع، وهو ما يؤكد عظم الحاجة إلى المواجهة الفكرية، وأهمية قيام علمائنا ومفكرينا بمهمتهم في حماية العقول من التأثير الفكري، والتعصب المقيت للرأي، وإعلاء قيم التسامح والعفو، والتمسك بوسطية ديننا ومكارم الأخلاق التي جاء النبي الكريم لنشرها بين المسلمين؛ بالمختصر المفيد الدواعش امتداد للخوارج والقرامطة كما أخبرنا التاريخ، فالحذر الحذر منهم ومن أتباعهم المحتمين بعباءة الدين ومقارعتهم بالحجة وفضحهم؛ وسبر طرقهم وأساليبهم الخبيثة في تجنيد الأطفال والشباب والفتيات من مختلف مناطق العالم للانغماس في أفكارهم وتنفيذ أجندتهم في الإساءة للإسلام والمسلمين؛ فهم يمكرون والله خير الماكرين.
المركز العالمي لمكافحة التطرف "اعتدال" نشر منذ أيام أن ما يقارب 90% من الحسابات المؤيدة لـداعش لا تستمر أكثر من خمسة أيام قبل أن تُغلق من قبل إدارة تويتر منذ بداية عام 2017م، وهو جهد يستحق الشكر للمركز ولتويتر، لكن في مقابل تلك الحسابات المُغلقة يجب أن تكون هناك حسابات نشطة تنشر مآسي داعش ومظاهر تشويهها للإسلام، وتفنيد الإشاعات التي يجري بثها ليل نهار، ومواجهة الرعب الذي تنشره في القلوب، وإظهار العمليات العسكرية المقاومة لها.
أيضاً أصحاب الحسابات المليونية مطالبون باستخدام صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي للمشاركة في تلك المقاومة الفكرية، وإنشاء هاشتاقات نشطة ومؤثرة تحقق الترند العالمي لمحاصرة هذا الفكر، وتعرية من يقف وراء هذا التنظيم المخرب للبلاد والعباد، والهادف لتدمير الدول الإسلامية، وتصوير الإسلام على أنه دين الدماء والقتل والسبي والمتاجرة بأجساد النساء، وترويع الآمنين، واستخدام الأطفال كدروع بشرية، والتمثيل بالجثث، وكلها أمور حرمها الإسلام وحاربها سيد الخلق رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام من بعده، وأعلنوا براءة الإسلام منها قولاً وعملاً ونستدل بذلك أن الإسلام ومجتمعنا منها براء.