ح.سلفية » داعش

هل نجحت إستراتيجية (داعش) الجديدة في اختراق المجتمع السعودية؟

في 2015/10/06

شؤون خليجية -

(الشملي).. (الخمعلي).. (العنزي).. أسماء لمواطنين ينتمون لقبائل سعودية عريقة ثبت مؤخرًا انتماءهم لتنظيم الدولة "داعش"، بل وتورطهم في جرائم قتل مست أقرب الناس إليهم، من عوائلهم.. فهل نجح "داعش" في اختراق القبائل السعودية للاحتماء بها؟ وما تأثير ذلك على المجتمع السعودي الذي توجه له سهام الاتهام بخروج "داعش" من رحمه، وهو الآن الذي يتجرع ويلاته؟

(الخمعلي).. يكفر أقاربه وأشقاءه

ظهر مؤخرًا أحد الذين يستخدمهم تنظيم داعش الإرهابي لترويج فكره الدموي، ويدعى جميل الخمعلي العنزي، والذي كفر أقاربه وأشقاءه واتجه إلى نشر صورهم عبر موقع "تويتر"، محدداً مسميات وظائفهم وأماكن عملهم، إضافة إلى تأييده لجريمة القتل المؤلمة في الشملي، والتي راح ضحيتها شاب على أيدي ابني عمه المؤيدين للتنظيم الإرهابي، واللذين تعاملت معهما قوات الأمن وقتلت الأول وقبضت على الثاني بعد إصابته.

الخمعلي العنزي، وهو كما وصفه أحد الليبيين قبل عام ونصف قائلاً "تكفيري وإرهابي من طراز اقتل.. اقتل.. اقتل"، انتهج المنهج التكفيري منذ عدة سنوات، حيث هدد أحد قضاة رفحاء بالقتل وتم إيقافه حينها، وتمكن من الفرار من التوقيف قبل أن يقوم أقاربه بتسليمه للجهات الأمنية، حيث تم سجنه والإفراج عنه بعد انقضاء محكوميته.

ولم يرتدع بعد الخروج من السجن، حيث حاول الخروج لمواطن الصراع، وضبط بعد إدانته بعلاقاته المشبوهة، وتم سجنه لمدة ٦ سنوات ومن ثم أفرج عنه بحكم قضائي، وبعد فترة من خروجه غادر الوطن قبل أن يقبض عليه في ليبيا في قضايا إرهابية. ثم ظهر فجأة مع تنظيم داعش في سوريا ليصدر تهديداته لأقاربه وأشقائه وأبناء وطنه عبر حسابات في "تويتر"، ومن خلال مقاطع فيديو.

ويتحدث عنه أحد زملائه والذي كان موقوفاً معه: "للأسف الفكر التكفيري جعل الخمعلي يكفر الجميع، أقاربه وأشقاءه وجميع موظفي الدولة في كل القطاعات". وتابع: "دخلت معه في نقاشات داخل السجن آنذاك، ولكنه كان يكفر الجميع مثله مثل بقية الدواعش الإرهابيين".

"داعشي" يقتل ولد عمه

جريمة قيام شاب سعودي بقتل ابن عمه العسكري أيام عيد الأضحى، كانت من أكثر الحوادث انتشارًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث حقق الهاشتاق "#داعشي _يقتل _ابن_عمه" تفاعلًا واسعًا.. وتداول مغردون مقطع الفيديو للشاب وهو يبايع فيه زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، ويُطلق النار على ابن عمه العسكري المقيد ويقتله– بحسب ما أفادت صحيفة الوطن السعودية.

وطاردت قوات الأمن السعودية القاتل في مرور منطقة "الشملي"، بعد هجوم أسفر عن مقتل 3 أشخاص أحدهم على الأقل رجل شرطة برتبة عريف، بينما تضاربت الروايات بشأن الضحيتين الأخريين بين من قال إنهما مدنيان ومن ذكر أنهما رجلا شرطة، وتم العثور على جثة المغدور بعد عمليات البحث المكثفة، في منطقة جبلية شمال قرية (إسبطر) بمحافظة الشملي بمنطقة حائل.

وأعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية السعودية، اللواء منصور التركي، أن التحقيقات أسفرت عن تحديد هوية المجني عليه وهو "مدوس فايز عياش العنزي" من منسوبي القوات المسلحة، الذي تم استدراجه من قبل ابني عمه وهما "سعد راضي عياش العنزي" (21 عاماً) وشقيقه "عبد العزيز راضي عياض العنزي" (18 عاماً)، من سكان محافظة الشملي بمنطقة حائل.

وأشار إلى أن الجانيين المذكورين تورطا في جريمتين أخريين ارتكبتا يوم الخميس الموافق الحادي عشر من ذي الحجة، الأولى في قتل اثنين من المواطنين عند مخفر شرطة عمائر بن صنعاء، التابع لشرطة محافظة الشملي، أما الثانية فقد تم فيها إطلاق النار على العريف بمرور محافظة الشملي عبدالإله الرشـيدي مما نتج عنها مقتله.

وأوضح أنه تم رصد الجانيين في منطقة جبلية، قرب قرية ضرغط بمحافظة الشملي، وبمحاصرتهما ودعوتهما لتسليم نفسيهما بادرا بإطلاق النار بكثافة تجاه رجال الأمن، فتم التعامل مع الموقف بما يتناسب مع مقتضياته، مما نتج عنه مقتل المطلوب عبدالعزيز العنزي، وإصابة شقيقه سعد العنزي والقبض عليه، كما استشهد في هذه العملية الجندي أول نايف الشمري.

العائلة مصدومة

وتبرأت عائلة آل عياش– كغيرها من العائلات- من الفعلة الشنيعة لابنهم، ووضعت أيديها بأيدي الحكومة السعودية.

وعبر والد المتهم القاتل لابن عمه "راضي عياش العنزي" عن صدمته، فقد كان الابنان مع ابن عمهم ظهر يوم العيد. وتابع: "لم أشك بأي سلوك من ابني، فهو لم يسافر وغير اجتماعي ولم يتجاوز المنزل في قريته اسبطر التي تبعد عن حائل ١٥٠ كيلومتر– بحسب العربية".

وقال العنزي: "لم ألحظ عليه أي تصرفات تدل على موضوع مريب سوى أنه يجلس طوال وقته أمام شاشة الكمبيوتر، وكنت أشك أنه ربما يشاهد مقاطع مخلة وناصحته، وعرضت عليه أن أبحث له عن عمل فلم يرغب بالعمل، وعرضت عليه الزواج مع تحملي بالتكاليف ولكنه أجل الفكرة".

وأضاف العنزي أن ابنه أنهى الثانوية ولم يشك في سلوكه أو في تحركاته، ولكنه أخبرني قبل فترة أنه لا فائدة من جمع المال، حيث إننا سنموت.

استراتيجية جديدة باستهداف الأهل

لم تكن جريمة "الشملي" الأولى في بشاعتها وفي نوعيتها، فقد سبق أن سجل تاريخ هذا التنظيم جرائم مشابهة في مناطق أخرى بالمملكة وخارجها لعناصر من داعش، أحدهم قتل والده في خميس مشيط في شهر رمضان الماضي بعد محاصرة رجال الأمن لمنزله، وفي شهر رمضان الماضي أيضًا شهدت الرياض جريمة قتل من هذا النوع بطلها أحد المنتمين لداعش، حيث قام بقتل "خاله" الذي يعمل في الجهاز الأمني برتبة عقيد في منزله، قبل أن يفجر هذا المجرم نفسه في نقطة تفتيش قرب سجن الحاير.

 كما سبقها عدد من الجرائم العائلية المشابهة في بشاعتها، وسجلت مدينة الموصل بالعراق الشهر الماضي، جريمة أخرى لهذا التنظيم، حيث قام أحد عناصره بقتل "أمه" و"شقيقه" لمحاولتهما الهرب، حيث سلمهما التنظيم للابن ليقوم بنفسه بقتل والدته وشقيقه رميًا بالرصاص أمام أنظار الناس ليكسب الأجر.

وكان قد أعلن عناصر "سعوديون" من هذا التنظيم سابقًا في مقطع فيديو منتشر استراتيجيتهم الجديدة، وهي ضرورة أن يبادر كل شخص بقتل أقرب الأقربين له، سواء والده أو والدته أو أي من أقاربه ممن ينتمون للسلك العسكري أو الأمني، أو ممن يدينون بالولاء والطاعة لولاة الأمر، بل إن التنظيم عد قتلهم والتبرؤ منهم من أوجب الواجبات التي يثابون عليها، قبل قتل غيرهم، بحسب زعم التنظيم.

خطورة هذا التوحش ودور المجتمع

واستنادًا لاستراتيجية التنظيم الإرهابي "المعلنة" داخل المملكة، فإن "داعش" يسعى لصناعة جيل جديد من المجندين حدثاء السن يسهل غسل أدمغتهم وانقيادهم سريعًا لتنفيذ أوامر قادتهم، حتى لو كانت ضد بلادهم وأقاربهم وكل من عاشوا معهم.

وهذا الجيل الجديد الإرهابي لا يحتاج للكثير من الوقت والجهد للإقناع، ويسهل شحنه وإلباس الباطل عليه ليراه حقًا والعكس، وأصبح التجنيد  واضحًا عبر شبكات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يستلزم التنبه له بحزم وقوة، إذ يشير والد "قاتل ابن عمه" إلى أن الأخير لم يسافر من قبل، ولكن كان يجلس أمام شاشة الكمبيوتر في منزله لساعات طويلة وأنه لم يلحظ عليه أي تحول في فكره، مما يدلل على أن مواقع التنظيم ومعرفاته عبر شبكات التواصل كانت تغذي فكره وتعمل على شحنه ليل نهار مستغلين صغر سنّه، حتى أصبح جاهزاً لتنفيذ مخططاتهم.

ومن هنا طالب كتاب ومثقفون سعوديون بأن ننتبه ولا تمر كل هذه الحوادث مرور الكرام ، فالخطر لا يستثني أحدًا وقد يكون أي منا الضحية القادمة إذا لم نستنهض الهمم لتتحرك كافة مؤسسات المجتمع ومفكريه وعلمائه وأصحاب الرأي فيه، مع المدارس ومنابر المساجد والإعلام، للوقوف صفاً واحداً مع الجهاز الأمني الذي يؤدي أدواراً كبيرة في مواجهة هذا الشر، إذ يجب أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم تجاه هذا الفكر الخطير الذي تفاجأنا بظهوره علينا من داخل منازلنا، بعدما أمنا الوضع كثيرًا وتركنا الجهاز الأمني يعمل وحيداً في المواجهة، متسائلين: إذا لم نتحرك اليوم فمتى نتحرك؟.