الرياض- السعودية-
يمثل انتشار المقاطع والصور التي تحمل خطبا واحاديثا واناشيدا وشيلات واعمالا إجرامية ووحشية لتنظيم داعش الارهابي كجز الرؤوس والحرق والعديد من الاعمال الاجرامية للتنظيم ولقادة فكره الدموي اسلوب رخيص ومحاولة يائسة لهذا التنظيم المتطرف للتسويق والسعي للتأثير في صغار السن وجرهم لهذا المنزلق الخطر والتغرير بأبناء الوطن عبر مايروجون له من فكر منحرف يستطيع أي واع ان يحكم على زيغه وضلاله بمجرد رؤية من فيه ومضمون هذه المقاطع المقززة والتي تكشف مستوى التطرف والضلال الذي وصلوا اليه.
ورغم انسياق البعض من أبناء هذا الوطن ممن أغوتهم بعضاً من الحملات الإعلامية لهذا التنظيم وآلته الإعلامية التي تصور الباطل حقاً والحق باطل وتحولهم بكل أسف أدوات واتباع لهذا الفكر عملاً او فكراً وصوتاً وتلوثت أفكارهم بسمومه الا ان الجيل الواعي من شباب هذا الوطن لا تزيدهم هذه المقاطع والصور الا قناعة بضحالة الفكر وتطرفه ومستوى بشاعته مما يحتم على الجميع تحذير كل قريب وصغير منه لاسيما ممن تصل اليه هذه المقاطع وقد لايدرك ماخلفها.
عقوبة نشر المقاطع
في البداية اكد د. يوسف الرميح -أستاذ علم الإجرام ومكافحة الجريمة والإرهاب والمستشار الأمني- نشر هذه المقاطع جريمة كاملة الأركان يجب الاستعجال بالعقاب الشديد لمن يثبت إنتاجه او توزيعه او نشره لمثل هذه المقاطع الإرهابية الداعشية موضحا ان السجن قد لا يكون كافياً لبعض هذه الحالات متمنياً إضافة عليه عقوبات أخري لتكون رادعة كالفصل من العمل والمنع من السفر والغرامات المالية الكبيرة ومنعه من استخدام هاتف ومنعه من الحصول على شريحة باسمه ومراقبته مراقبة دقيقة وعرض هذه العقوبات على المحاكم المختصة لإصدار العقوبات الصارمة والمناسبة متمنياً اعلان مجموعة من العقوبات الصارمة لكل من يتعامل او يرسل هذه المقاطع وإعلان هذه العقوبات حتى يرتدع الآخرين عن هذه الجريمة مشيراً بانه من ان من المعروف جنائياً اننا اذا رغبنا في منع اي جريمة لابد ان يكون للجريمة عقاب صارم وان يكون هذا العقاب مؤكد لا هواده فيه وكل من اخطاء يعاقب وأن يكون الوقت بين الجريمة العقوبة قصيرة فكلما قصر الوقت بين الجريمة والعقاب كلما كان العقاب مؤثرا اكثر وأعمق واشمل ويعطي رسالة واضحة للناس حتى لا تتكرر هذه الجرائم والانحرافات.
نشر ثقافة الموت
من جهته عدّ خالد المرشود-اعلامي- تداول مثل هذه المقاطع من قبل البسطاء بأنه جزء من نشر تلك الثقافة البئيسة التي تعنى بصناعة الموت وقال: كانت في السابق لا تشكل ظاهرة إلا أنها في الآونة الأخيرة بدأت تتسع الدائرة ليس بين البسطاء فقط بل دخلت عناصر أخرى بمآرب وأساليب متخصصة في محاولة اختراق الصف عبر قنوات تواصلية متعددة من خلال فن التشويق باستجلاب المشاهد والمتابع غير المدرك لابعاد هذه المقاطع والتي تعتبر قنابل موقوتة في صناعة جيل غير مدرك وواع لما يحاك ضده في قالب التدمير والخراب المتأزم بواقع الحال والمحيط الخارجي.
ترويج إعلامي باطل
فيما اكد ماجد العقل -امام وخطيب جامع ومحاضر بجامعة القصيم- أن أصحاب الأهواء ودعاة الفتنة والضلال يسعون لترويج باطلهم بشتى السبل والوسائل ليخدعوا بها السذج وضعاف العقول، وسفهاء الأحلام، فباطلهم هو الحق المحض، وكل من خالفه فهو المرتد، ولو قلبت صفحات التاريخ وأيام القرون السابقة لوجدت ذلك بيّناً ظاهرا فالخارجي عبدالرحمن بن ملجم الذي قتل علي بن أبي طالب انتشرت القصائد التي قيلت في مدحه فهذا عمران بن حطان شاعر الخوارج الذي امتدح عبدالرحمن بن ملجم فقال: يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيَ مَا أَرَادَ بِهَا*إلاَّ لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي العَرْشِ رِضْوَانا..إنِّي لأَذْكُرُهُ يَوْماً فَأَحْسَبُهُ*أَوْفَى البَرِيَّةِ عِنْدَ الله مِيزَانا..أَكْرِمْ بِقَوْمٍ بُطُونُ الطَّيْرِ أَقْبُرُهُمْ*لَمْ يَخْلِطُوا دِينَهُمْ بَغياً وَعُدْوَانا.
فهكذا يكون زيغ العقول، وترويج الباطل وإظهاره بمظهر الحق الذي لا مرية فيه، وإلا أي رضوان، وأي تقوى في قتل الخليفة الراشد وابن عم رسول الله، وزج ابنته، والذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر (لأعطين الراية غداً رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله يفتح الله علي يديه، فأعطاها عليا) وهو أحد المشهود لهم بالجنة ومع هذا تأتي قصائد الخوارج التي هي الترويج الإعلامي الأضخم في ذاك العصر فيبجلون هذا القاتل ويعظمونه، ويمتدحونه، ليقلبوا الحق باطلا والباطل حقا وكشف العقل ان التاريخ يعيد نفسه فقد أتي أحفاد ابن ملجم، وأحفاد عمران بن حطان، ليقلبوا الحقائق ويزوروها كما فعل أسلافهم من الخوارج، فها هي داعش تخرج البيان تلو البيان، والمقاطع الصوتية، والمرئية، ليظهروا بمظهر المنتصر للدين، المدافع عن الحرمات والمقدسات، الغيور على دين الله، ويحشدون لذلك الأدلة والنصوص التي يضعونها في غير موضعها وينزلونها في غير منزلها فهي كما قال ابن عمر: (انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين) فينخدع بذلك السذج من الشباب ممن قلّت بضاعتهم في العلم وقلّ فهمهم وحينها يقدمون على ما يقدمون عليه من تفجير أنفسهم، وقتل أقاربهم، والنكاية بأهلهم وبلادهم واشار العقل أن داعش ومن على شاكلتها ممن يروج للفتنة ويدعو للخروج على ولاة الأمر سيسعى سعيا حثيثا جاداً لاستثمار الإعلام، -المرئي، والمسموع، والمقروء- لنشر باطله، وبث سمومه ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
وأضاف ان حادثة الشملي التي فجعنا بها يوم عيد الأضحى شاهد على استثمار داعش للإعلام واستغلالها لضعاف العقول والتفكير فالشاب الذي قتل ابن عمه غيلة وصبرا بين يديه، لم يُعرف أنه سافر لمناطق الصراع أو التحق بجماعات متطرفة داخلية، ولكنه الإعلام الداعشي الذي تغلغل إلى فكره وعاطفته بخبث وقبح، فأقدم على ما أقدم عليه .
سلاح توعوي
وعاود المرشود التأكيد على أهمية مواجهة الانتشار والتداول للمقاطع الداعشية والإجرامية والتي تنتشر لغياب الرادع بالضمير الحي وتحجيمه من ناحية أو عدم إشهار العقوبة بتفعيل جزاءات الجرائم المعلوماتية والإلكترونية للحد من توسعها والإسهام في ذلك مشيراً لأهمية الدور الكبير الذي يقع على المربين والموجهين والمؤثرين بالمجتمع في اقتناص مثل هذه المقاطع لاستخدامها كسلاح توعوي وتحذيري من الانغماس بهذا الوحل الخطير للحد من تزايد هذه الظاهرة الخطيرة.
التظليل الاعلامي
وفي هذا الجانب طالب الشيخ ماجد العقل في هذا الجانب بموقف حازم من التظليل الإعلامي الذي تقوم به داعش وغيرها من دعاة الفتن موضحاً بانه لا يجوز شرعاً مشاهدة ما تبثه داعش من مقاطع وصور ومقالات أو متابعة معرفاتها في تويتر أو غيرها من وسائل التواصل، إلا لشخص متعمق في العلم الشرعي يستطيع الرد على شبههم وباطلهم، وأما عوام الناس وخصوصا الشباب فلا يجوز لهم متابعتها مطلقا لأن فيها من الخطر العظيم على دين المرء وعقيدته وأي خطر أعظم من أي يقدم المرء على إزهاق الأنفس وقتل الأبرياء بسبب ما قرأه وشاهده لداعش، فهي تبث السم في العسل وتظهر بمسوح النصرة للدين والغيرة على الأعراض والحرمات، مما يؤجج العواطف، ويحرك المشاعر فالعلماء من قديم الزمان يحذرون من مجالسة أهل الأهواء والبدع والضلال، ويحرمون الاستماع إليهم وقرأت كتبهم، سداً لباب الفتنة، وإغلاقا لباب الشبهة التي تتسلل إلى القلب سريعا ويذكيها الشيطان وينميها حتى يقع المرء في المحذور ويرى الحق باطلا والباطل حقا، فكم من شخص دخل على مثل هذه المواقع بدافع الفضول، وحب الاستطلاع ولكن سرعان ما اشرأب قلبه للفتنه، وتشربها واستعذبها ثم صار من روادها ومنظريها لذا لابد من مواجهة هذه الحملة الشرسة من داعش وأربابها بحملة أقوى منها وأكثر إمضاءً وتأثيرا، فنحن في زمن التقنية، والسرعة، فالمحاضرات الطويلة، والندوات، والمؤتمرات مع أهميتها إلا أنها للنخبة، والمثقفين، وأصحاب الرأي والفكر، وهؤلاء غالبا غير مستهدفين من الدواعش، فنضوج الفكر، وتقدم السن، وتحصيل العلم كفيل ببيان زيف هؤلاء عند النخب، لكن المشكلة تكمن في الشباب، الذين لا تستهويهم تلك المحاضرات والندوات بل يعدونها مصدر إزعاج وملل والبديل هو في تفعيل التقنية والمقاطع القصيرة التي لا تتجاوز دقائق وتكثيفها، مع الاحترافية في الإخراج والمضمون، فهذه الرسائل القصيرة المركزة كفيلة بإذن الله في تغيير الفكر، وتحويل بوصلة الفهم إلى المنهج الصحيح والطريق القويم بإذن الله، فالطرح التقليدي ولى زمانه ونحن في زمن الانترنت والفيسبوك والتويتر، واليوتيوب التي أصبحت متاحة للصغير قبل الكبير، ينظر لما شاء كيفما شاء في أي وقت شاء وتفعيل دور المسجد وحلق تحفيظ القرآن، والمدارس، والنوادي الصيفية فهناك يُصنع الفكر، ويُبنى الجيل، وتتبلور المفاهيم، لابد من دعمها، ودعم القائمين عليها، وتأهيل العالمين فيها، بإقامة الدورات والندوات والمؤتمرات لهم في كيفية جذب الشباب من خلال الجمع بين العلم والترفيه، والفكر المعتدل والمنهج الوسطي القويم ونشر ثقافة الإبلاغ عن كل من ند فكره، وتغير منهجه لأن ذلك من الدين الذي يأثم المرء بتركه، وأن من لم يفعل ذلك فهو شريك في الإثم ولابد من العقوبات الصارمة في حق كل من ينشر المقاطع المرئية والمسموعة لداعش ومن على شاكلته، وجعله عبرة لغيره.
دور الاسرة
واكد العقل على اهمية دور الاسرة فهي المحضن الأول للشاب وهي المطلعة على جميع مراحله العمرية، فأي تغير يطرأ على الشاب فالأسرة ستعلم به، ولكن كثيرا من الأسر لا تعرف كيف تتعامل معه، إما جهلا أو عاطفة فالواجب تثقيف الأسرة بكيفية التعامل مع الابن حال تغيره، ومعرفة ماذا يشاهد، ومن يجالس، وإشعار الأسرة بخطورة إغفال هذا التغير والتحول عند الابن، الأم والأب والأخ والأخت فالكل مسؤول والجميع في مركب واحد وسفينة واحدة لابد أن يركب فيها الجميع، ويأخذوا على يد المخطئ والجاهل وإلا غرقوا جميعا.