علي الشريمي- الوطن السعودية-
لا بد من توجيه الدعاة بمنع الحديث عن "الحاكمية" التي يستند عليها الخوارج، قديما وحديثا، وكافة التنظيمات المتطرفة، ليحاربوا من خلالها أنظمتهم وأوطانهم بقوة السلاح ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" أصبح يركز أعماله العدوانية في الآونة الأخيرة على المساجد، سنّة وشيعة على حد سواء، بدءا من مساجد العراق، مرورا بمساجد صنعاء، وانتهاء بمساجد المملكة العربية السعودية. مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية، ذكر قبل أشهر أنه قام بحصر المساجد التي تعرضت للهدم والتفجير على أيدي تنظيم "داعش"، وكشفت الإحصائية أنها تجاوزت الخمسين مسجدا في كل من سورية والعراق واليمن والسعودية، تركزت في أغلبها على المساجد الشيعية.
الإرهاب هو الإرهاب بلا شك ليس له لون ولا دين ولا جنسية، ولكن الأجندات تختلف من تنظيم إلى آخر، فالإرهاب القاعدي مثلا كان يستهدف الغرب بالإضافة إلى دول المنطقة. أما الإرهاب الداعشي فهدفه هو التخلص من أعدائه من أتباع الطوائف الدينية الأخرى، الذين شحن شيوخهم أدمغتهم بأنهم الأعداء الحقيقيون وليست إسرائيل أو الدول الغربية. فهي قد أفرغت الموصل من المسيحيين، لتصبح هذه المدينة وللمرة الأولى في تاريخها خالية من سكانها المسيحيين الذين استوطنوها 1500 عام، وطالبتهم تحت تهديد السلاح إما بالإسلام أو الجزية أو القتل أو الرحيل خلال 24 ساعة! وما حصل للمسيحيين في الموصل حصل لأتباع الديانات الأخرى في مناطق عربية مختلفة، بل إن الكنائس في العراق ومنذ 2003 تتعرض لهجمات متكررة من الغلاة، أخطرها أدى إلى مقتل 44 مصليا في كنيسة للسريان الكاثوليك في بغداد 2010.
وقبل أيام قلائل كانت العملية الإرهابية الأخيرة في مسجد المشهد في نجران، والهدف منها كما هو معروف إثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين، وزرع الكراهية بين المواطنين. السؤال المطروح لماذا استهداف المساجد، وهي بيوت الله تعالى؟ ست مساجد استهدفها إرهاب الدواعش في المملكة في عام واحد: مسجد الدالوة في الأحساء ومسجد الطوارئ في عسير، ومسجد القديح في القديح، ومسجد العنود في الدمام، ومسجد الحيدرية في سيهات، ومسجد المشهد في نجران؟ الجواب: لأن هذه الأهداف سهلة الاختراق وكذلك لأن العنف الإرهابي أساسه قتل أكبر عدد من البشر. وفي نظري أن القضاء على إرهاب المساجد يبدأ من المساجد نفسها، وبالتحديد من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وذلك بإلزام الخطباء والدعاة بعدة أمور، أذكر منها ما يلي:
1- تكثيف المحاضرات والندوات وخطب الجمع حول ذم الطائفية المقيتة وتجريمها ومنع استخدام لفظة "الروافض" كونها تعزز الداء الطائفي. 2- توجيه الخطباء بالحديث عن حقوق الإنسان. 3- التركيز على القضايا التنموية التي تصنع التغيير وتبني الوطن. 4- توجيه الدعاة بالحديث المستمر في ذم العنصرية بكافة أشكالها. 5- توجيه الخطباء بالحديث عن أهمية الانفتاح الثقافي مع الأمم الأخرى. 6- توجيه الوعاظ بالحديث المستمر عن تعزيز ثقافة السلام والتعددية ومنع لغة الكراهية والعنف. 7- توجيه الدعاة بمنع الحديث عن فكرة "الحاكمية" التي يستند عليها الخوارج، قديما وحديثا، وكافة التنظيمات المتطرفة، والتي من خلالها يحاربون أنظمتهم وأوطانهم بقوة السلاح.
8- توجيه الخطباء في الحديث عن المعنى الحقيقي للجهاد وكيف شوهه المتطرفون وحولوه إلى العدوان على المدنيين المسالمين والمصلين في بيوت الله تعالى. 9- توجيه الخطباء بالحديث عن "شعيرة" الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكيف تم تشويهها من قبل جماعات التطرف لفرض الوصاية وإرهاب المخالفين.