خالد السهيل- الاقتصادية السعودية-
تحمل عبارة "وطننا أمانة" رسالة إيجابية، تضع المسؤولية على الجميع، ذكورا وإناثا، مستثمرين وموظفين، مسؤولين ومرؤوسين، بشأن حتمية العطاء للوطن، وعدم التفريط فيه أو المزايدة عليه.
في مثل هذه الأوقات العصيبة، التي يشهدها العالم العربي، تتعالى تهديدات من هنا وهناك. وتسعى عصابة داعش إلى تمرير مشروعها الشاذ من خلال استهداف مساجد السنة والشيعة في عدد من مناطق المملكة. ويتبدل خطاب هذه الفئة الملعونة لتبرير سلوكها ضد من يعمرون المساجد، تارة بالتغول عليهم واعتبارهم مشركين، وتارة لأنهم يعملون في الحكومة. المحصلة: تسويغ للقتل وإزهاق أرواح الأبرياء. وبالتالي فإن كل مواطن في المملكة تستهدفه "داعش". وقد شهدنا مصداق ذلك من خلال استهداف الأخ لأخيه أو ابن عمه أو قريبه أو جاره.
هذه الحالة المفرطة في الشذوذ، تستقوي بخطاب ديني تبرأ منه كل علماء المسلمين، واعتبروه خروجا عن جوهر الإسلام.
وإذا نظرنا إلى أولئك الغلمان الذين تحولوا إلى أدوات تنفيذ للقتل والتفجير، فإنك تراهم عايشوا الانحراف والتطرف، وتقلبوا بين غلو في الانحراف عن الدين وغلو في التطرف الديني.
وتكاد فترة التغير التي يشهدها البعض منهم لا تتجاوز شهرا كاملا، أو أنه يتراجع عن فكره المنحرف ثم فجأة يعود إليه. ولم يعد من المجدي الاتكاء على الأحكام الجاهزة والمقولبة حول هذه الفئة، بل من الضروري الغوص في مبررات التوحش الذي يقترفه هؤلاء المرضى ضد أنفسهم وضد أقاربهم وأبناء بلدهم، والسعي لمعالجته.
وفي السياق نفسه؛ فإن التوجه لمراجعة وإصلاح الخطابات السائدة، ينبغي أن يأخذ إيقاعا أسرع، إذ لا حاجة لنا - مثلا - بخطيب يصر على استدعاء خطابات الكراهية واستنزال الدعوات على كل الناس.
هذا الإلحاح والتفصيل في الدعاء، أصبح توكأة يتخذها الأعداء ذريعة للتشويه. ومثل هذه الأدعية هي حتما ليست من أركان الإسلام.
لقد استسقى الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمشركين في مكة. هذه السماحة المغيبة، من المهم استحضارها لدحض خطاب "داعش" المشؤوم.