ح.سلفية » داعش

فرقتا داعش والهيبز

في 2015/11/10

شاهر النهاري- مكة نيوز السعودية-

وحتى نتمكن من مناقشة الفوارق أو أوجه الشبه أو المقارنة بين أي فريقين، علينا في البداية أن نعرف معطيات كل طرف؛ ولكوننا نعرف عن داعش الكثير، فسنبدأ بتعريف مختصر شامل عن فرقة الهيبز.

والهيبز (Hippies) كما تقول عنهم الموسوعة الحرة: ظاهرة اجتماعية كانت بالأصل حركة شبابية نشأت في الولايات المتحدة في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، ثم ما لبثت أن انتشرت في باقي الدول الغربية، وتعتبر هذه الحركة مناهضة للقيم الرأسمالية، حيث ظهرت بين طلاب بعض الجامعات في الولايات المتحدة كظاهرة احتجاج وتمرد على قيادة الكبار، ومظاهر المادية والنفعية وثقافة الاستهلاك، فقام بعض الشباب المتذمر إلى التمرد على هذه القيم والدعوة لعالم تسوده الحرية والمساواة والحب والسلام، وقد ميزوا أنفسهم بترك شعورهم طويلة، لأنهم يعتبرون قص الشعر عقائدياً وليس أخلاقياً، ويلبسون الملابس الملونة لكي تتناسب مع ألوان الطبيعة، ويمشون حفاة على العشب، وينامون في الحدائق العامة، ويتجولون على أهوائهم في مختلف الأنحاء كتعبير عن قربهم من الطبيعة وحبهم لها.

وقد وجدت هذه المجموعات من الشباب في المخدرات والجنس وموسيقى الروك متنفساً لها وطريقة للتمرد على القيم وتجربة أشياء جديدة.

ووصلت هذه الحركة الشبابية أوجها أيام فرقة الخنافس الهيبية «بيتلز»، والتي استطاعت استقطاب ملايين الشباب في الغرب، ممن كان الكثير منهم يتركون بيوت أهاليهم بسن المراهقة.

ولكن الملاحظ أن هذه الحركة قد تراجعت بنفس السرعة، التي ظهرت بها، إما بسبب تقدمهم في السن، أو بسبب استيعابهم في المجتمع.

وتعالوا هنا لنعيد استقراء طبيعة فرقة داعش وبنفس النهج والمعطيات، فنجد أنهم يمثلون: ظاهرة دينية كانت بالأصل حركة شبابية متشددة نشأت في العراق وسوريا في أوائل القرن الواحد والعشرين، ثم ما لبثت أن انتشرت في باقي الدول العربية، وتعتبر هذه الحركة مناهضة لقيم التحضر المدني، حيث ظهرت بين طلاب بعض الجماعات التكفيرية كظاهرة دعوة للجهاد، ولعودة الخلافة، والعبودية، وفرض الجزية، وقتل غير المسلم، وتهميش أدوار المرأة، والسبي والنهب، والتمرد على كل القيم الإنسانية، والدعوة لعالم تسوده الحروب والفوضى، وتفضيل الموت على الحياة، وقد ميزوا أنفسهم بإطالة الشعر ولبس الملابس السوداء المهلهلة والقصيرة، والتجول والتنقل بأسلحتهم على أهوائهم في مختلف الأنحاء كتعبير عن سيطرتهم المطلقة.

وقد وجدت هذه المجموعات من الشباب في حروب الشوارع، والسلطة، والمال، والجنس والذبح والحرق والرمي من الشواهق متنفساً لها وطريقة للتمرد على القيم وتجربة أشياء جديدة.

ووصلت هذه الحركة الشبابية أوجها أيام فرق الشيلات الإسلامية، والتي استطاعت استقطاب آلاف الشباب من الشرق والغرب، ممن كان الكثير منهم يتركون بيوت أهاليهم بسن المراهقة.

ولا بد لهذه الحركة أن تتراجع بنفس السرعة، التي ظهرت بها، إما بسبب تقدم أعضائها في السن، أو بسبب استيعابهم في المجتمع.

والعجيب أن المتعاطفين مع الفرقتين كثير، وأن المؤيدين لهما، وإن لم يشاركوهما في صميم أعمالهما أكثر مما نتخيل.

والأكثر عجبا أن كلتا الفرقتين تعتمد في تشريعاتها على موروث إنساني متجدد، لا يمكن إنكاره بكل الأحوال.