ناصر الصِرامي- الجزيرة السعودية-
نعيش في مرحلة إرهاب داعش أو ما يسمى بدولة الخلافة المزعومة، فهل انتهت القاعدة..؟
الفكرة المسمومة هي نفسها، والأيدلوجية الإرهابية هي تقريباً ذاتها، لكنها أكثر توحشاً وقتلاً وفوضى أيضاً.
لا أحد يمكن له أن يضع حداً فاصلاً بين نهاية القاعدة أو تلاشيها، ومن ثم بداية داعش ووتوارى القاعدة عن الواجهة العالمية، وإن كانت بعض جيوبها تحاول البقاء.
قد يكون قتل قائد التنظيم أسامة بن لادن، وبما يمثله من هرم للتنظيم الإرهابي ورمزيته هو لحظة بداية التواري للقاعدة. أو هكذا بدأت الذاكرة في مسح الصدارة الإرهابية للتنظيم من الخيال، ولم تعد القاعدة عنواناً جذاباً لإغراء الإرهابين الجدد أو المستفيدين منه. في ظل فشل القائد الجديد للقاعدة في إبقاء زخم التنظيم الإرهابي وتماسكه، الأمر الذي أدى إلى خروج جماعات كانت التحقت بالقاعدة، أو انشقاق قوى خارجها.
ثم تصدر داعش المشهد الأبرز، وأصبحت العنوان الجديد الجامع لأكبر تجمع للقوى الإرهابية المختلفة، خصوصاً في ظل ثروة التنظيم وموارده المالية نتيجة لسيطرته على مواقع جغرافية في سوريا والعراق.
الموارد المالية لأي تنظيم هي من تمنحه انتشاراً وقدرة على التجنيد في أكثر من بلد بالمنطقة وحول العالم. إلا أن هلامية التنظيم أيضاً، ونظرية الذئاب المنفردة، التي تسمح لكل من يحمل عقيدة الإرهاب الداعشية أو ما يماثلها، ومعاداتها للإنسانية والدول المدنية، أن ينفذ عملية ولو محدودة هنا أو هناك تحسب لتنظيم أو يتبناها.
عكس تنظيم القاعدة الذي كان يسير وفق رسم هيكلي شبه واضح، وترتيب هرمي قيادي متصل من القيادة للخلايا الفاعلة والنائمة. فيما داعش تتولى الارتباط غالباً عبر العالم الافتراضي وتجنيد عبر الإنترنت، وقد تصدر أوامر التنفيذ من خلالها.
وإن كانت تعتمد على التطبيقات التقليدية مثل تويتر أو الفيسبوك والوتساب في التجنيد والتواصل الأولي، ألا أنها تهرب منها عند نقل المعلومات والتعليمات، حيث تتجه إلى التطبيقات المشفرة، إلى ذلك كشفت خدمة التراسل الفوري Telegram، التي اعتمدها تنظيم داعش في الآونة الأخيرة كمنصة للترويج لأفكاره وتجنيد المقاتلين، إنها تحركت لإغلاق القنوات التي يستخدمها التنظيم. باعتبارها وسيلة آمنة على نحو كبير لتحميل، ومشاركة الفيديو والنصوص والرسائل النصية.
وكانت الخدمة، التي تملك نحو 100 مليون مستخدم قد أطلقت قبل نحو شهرين ميزة جديدة للقنوات العامة، سرعان ما أضحت الطريقة المفضلة لدى داعش لبث أخباره ومشاركة فيديوهات انتصاراته أو خطبه.
واستخدم التنظيم تيليغرام لتبني مسؤوليته عن هجمات باريس الأخيرة التي راح ضحيتها 129 شخصاً، إضافة إلى إسقاط طائرة الركاب الروسية التي تحطمت الشهر الماضي فوق سيناء بمصر، وقُتل جميع ركابها البالغ عددهم 224.
وفي بيان لها قالت تيليغرام إنها تمكنت من التعرف، وإغلاق 78 قناة محسوبة على تنظيم الدولة تُبث بـ12 لغة.
وجاء في بيان الشركة، الذي ظهر بعد نحو ساعة من نشر وكالة رويترز تقريراً عن استخدام التنظيم لتيليغرام «أزعجنا معرفة أن قنوات تيليغرام العامة تستخدم من قبل تنظيم داعش لنشر دعايتهم».
وبخلاف تويتر التي أغلقت آلاف الحسابات المحسوبة على تنظيم داعش لانتهاكها قوانين الشركة، يعتقد أن تيليغرام تسمح لعناصر ومؤيدي التنظيم بالعمل دون القلق من إغلاق حساباتهم أو تتبعها..!
تبقى الفكرة المسمومة هي نفسها بين داعش والقاعدة، وامتداداً أكثر توحشاً لها..حتى وإن تقلصت الأخيرة بالاسم، وتوسعت النسخة الجديدة «داعش» في العالم الافتراضي بعد أن وضعت قواعدها على الأرض، وجندت وأصدرت الأوامر لذائب الشر المنفردة دون أن تراهم، ودون أن يزوروا سوريا والعراق..!