ستراتفور- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-
ملخص
تقترب استراتيجية ميزان القوى الخاصة بالولايات المتحدة في الشرق الأوسط من مأزق محتمل. هناك عدد من عقود التسلح الحاسمة لبيع الأسلحة الأمريكية إلى عدة دول في مجلس التعاون الخليجي معرضة لخطر التعطل بسبب المعارضة الإسرائيلية. قرار الولايات المتحدة الأخير بشأن توقيع هذه الاتفاقات من عدمه سوف يغضب أحد الطرفين في نهاية المطاف إما (إسرائيل) وإما دول مجلس التعاون، وسوف يؤدي إلى تشكيك هذا الطرف في مدى التزام الولايات المتحدة تجاه دعمه. دول مجلس التعاون الخليجي قد تتحول للبحث عن شراكات بديلة في مجال الصناعات الدفاعية. وسوف يتعين على واشنطن التعامل بحذر مع هذه العلاقات إذا أرادت الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط.
تحليل
بسبب المعارضة الإسرائيلية، فقد تم تأجيل بعض عقود الأسلحة الأمريكية للكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر لسنوات. الكويت لديها صفقة بالفعل قيد الانتظار منذ عامين تشمل 28 طائرة مقاتلة من طراز «إف إيه 18 سوبر هورنيت»، مع احتمالية التعاقد على 12 واحدة إضافية. دولة الإمارات العربية المتحدة أيضا لديها اتفاق قيد الانتظار بشأن 30 طائرة من طراز «إف 16 ». قطر لديها أيضا صفقة مؤجلة منذ عامين لشراء طائرات النسر الصامت. وبينما دقت (إسرائيل) ناقوس الخطر بشأن الصفقات الكويتية والإماراتية فقد عارضت بوضوح الصفقة القطرية بسبب دعمها لحركة حماس وموقفها المعادي لـ(إسرائيل) في المنطقة بشكل عام.
وتشعر (إسرائيل) أنها سوف تفقد مكانتها كشريك حصري للولايات المتحدة. ولكن مع قيام الولايات المتحدة بتطوير استراتيجية توازن القوى فإن (إسرائيل) تفقد أن تفقد مزايا الصداقة التاريخية بين البلدين. ورغم ذلك، فإن الإدارة الأمريكية الحالية، والقادمة بلا شك، سوف تبقى ملتزمة بضمان التفوق العسكري الإسرائيلي. تقوم الولايات المتحدة الآن بوضع اللمسات النهائية بشأن صفقة مساعدات محتملة بقيمة 40 إلى 50 مليار دولار إلى (إسرائيل) تدخل حيز التنفيذ في عام 2018. لا يوجد أي دولة أخرى في المنطقة يمكن أن تحظى بمثل هذا المستوى من التمويل الأمريكي.
ورغم ذلك، فإن (إسرائيل) تخشى أن هذا التدفق في التمويل الأمريكي يمكن أن يتقلص تدريجيا. بعد كل شيء، قامت الولايات المتحدة بتوقيع الاتفاق النووي مع إيران على حساب مصالح (إسرائيل) وهي تسعى مؤخرا للتعاون مع العديد من دول الشرق الأوسط لخلق توازن للقوى في المنطقة غير المستقرة. العمل مع الرئيس المصري «محمد مرسي» وجماعة الإخوان المسلمين (الذي أغضب الإسرائيليين أيضا) قبل الإطاحة بهم في يوليو/تموز 2013 كان أحد جزءا من هذه الاستراتيجية.
أصبح التفوق العسكري الإسرائيلي أكثر هشاشة خلال العقد الماضي. أنفقت دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، مئات المليارات من الدولارات على تطوير القوات الجوية وهي الآن تملك طائرات قتالية تكاد تناهز نظيرتها الإسرائيلية. ومن المقرر أن يحصل الإسرائيليون من الولايات المتحدة على الجيل الجديد من طائرات «إف - 35» ولكن ليس هناك ما يضمن أن الولايات المتحدة سوف تمتنع عن بيع هذه الطائرات لدول مجلس التعاون الخليجي أيضا.
ويتزايد الإحباط لدى دول الخليج بسبب هذا التأخير الناجم عن المعارضة الإسرائيلية والبيروقراطية الأمريكية. وبينما ينتظرون إتمام الصفقة، فقد حاولت كل من الكويت وقطر الحصول على عقود أصغر حجما من خلال التعاقد على 28 مقاتلة «يوروفايتر» و24 مقاتلة «رافال» على الترتيب. هذه الصفقات تمثل انتصارات لشركات الأسلحة الأوروبية التي تسعى للعب دور المورد البديل الأكثر احتمالا لدول مجلس التعاون الخليجي. إذا قررت دول الخليج أن تتحول إلى مصادر أخرى للحصول على عقود السلاح، فإن الولايات المتحدة سوف تخسر أكثر من مجرد امتياز الوصول إلى سوق مربحة. تشعر دول مجلس التعاون بالفعل بقدر كبير من الاستياء بسبب التقارب بين الولايات المتحدة وإيران وتخاذلها عن تقديم الدعم في سوريا. التراجع عن صفقات توريد الأسلحة الحاسمة سوف ينظر إليها على أنه دليل آخر على تراجع الالتزام الأمريكي.
هذا من شأنه أيضا أن يلحق الضرر بصناعة الدفاع الأمريكية. سوف توفر صفقة «سوبر هورنيت» الكويتية خط إنتاج كامل بمدة ما بين 14 -20 شهرا كاملة. وفي الوقت نفسه، فإن إيقاف الصفقة القطرية يعني إيقاف خط إنتاج «إف - 15» والذي يتجه بالفعل للتوقف عن العمل بداية هذا الصيف. وقد تداخلت هذه الصفقات مع السياسة الداخلية الأمريكية حتى إن بعض المسؤولين الأمريكيين قد دعوا إلى إيجاد حل سريع لها. الأمين العام للبحرية الأمريكية «راي مابوس» على سبيل المثال، قد عبر عن إحباطه مما وصفها بأنها إجراءات ملتوية وزارتي الخارجية والتجارة، ومكتب وزير الدفاع، والبيت الأبيض ودعا إلى تسريع إتمام الصفقة مع الكويت.
سوف تدفع الضغوط المتزايدة الولايات المتحدة للتوصل إلى قرار في غضون الأشهر القليلة المقبلة. تزايد الاهتمام المحلي، والإغلاق الوشيك لخطوط الإنتاج إضافة إلى احتمالية لجوء دول مجلس التعاون الخليجي للبحث عن بدائل لتوفير احتياجاتها العسكرية. وسواء اختار المسؤولون إتمام هذه الاتفاقات أو إلغائها، فسوف يتولى أحد ما تهدئة الغضب الناجم عن ذلك. سواء كان الغضب الإسرائيلي بشأن مخاوف التخلي من قبل الولايات المتحدة، أو تشكيك الدول الخليجية في دوافع واشنطن.
وبما أن الولايات المتحدة قد اختار تطبيق سياسة توازن القوى في الشرق الأوسط، فإن هذه المبادلات لا مفر منها. سوف يكون صناع القرار الأمريكيين مطالبون بالتوفيق بين مصالح حلفائهم المختلفين في المنطقة واختبار صبر حلفائهم خلال هذه العملية. ووسط سباق التسلح المتسارع في الوقت الذي تسعى إيران لإطلاق برنامج التحديث الخاص بها، فإن من المؤكد أن ثقة دول مجلس التعاون الخليجي في الولايات المتحدة قد بدأت تنفذ.