أندرو سميث، صحيفة الهافينغتون بوست- ترجمة مرآة البحرين-
الشّهر الماضي، كان قد مضى خمس سنوات مذ انتفض النّشطاء في البحرين ضد نظام آل خليفة الدّكتاتوري. وقد تبعت احتجاجاتهم حراكات الرّبيع العربي التي امتدت في الشّرق الأوسط ومثّلت دعوة سلمية إلى حقوق الإنسان والدّيمقراطية.
وعلى مدى الأشهر التّالية، قُتِل العشرات واعتُقِل المئات مع استخدام الأسرة الحاكمة للنّفوذ المُطلَق للدّولة لتأكيد حكمها الدّكتاتوري. وقد أعلنت فترة السّلامة الوطنية ودعت القوات المُسَلحة السّعودية والإماراتية إلى مساعدتها في ذلك، مع دخول 1200 سعودي و800 إماراتي إلى البحرين لمساعدتها في عملية القمع.
وعقب التّدخل، كان هناك الكثر من الخطابات المُنَمّقة عن الإصلاح، مع التزام الحكومة البحرينية بـ "حوار وطني". وكان من المفترض بهذا الأمر أن يؤدي إلى تحسين صورتها في الإعلام الغربي الذي رآها تنفق عشرات ملايين الدّولارات على شركات العلاقات العامة المتمركزة في المملكة المتحدة، مثل شركة إم آند سي ساتشي.
وغني عن القول إن المحادثات لم تُفضِ إلى أي نتيجة، مع اعتقال زعماء المعارضة وانسحاب آخرين منها أو مقاطعتهم لها. وقد انسحبت جماعات المعارضة الرّئيسية، متهمة الحكومة بالفشل في تنفيذ الإصلاحات التي وعدت بها عند بدء عملية الحوار.
القمع وحده استمر. منذ سنتين، تم إدخال قانون جديد يفرض عقوبات تصل إلى السّجن سبعة أعوام وغرامات تصل إلى عشرة آلاف دينار (26,500 دولار) على كل شخص يهين الملك علنًا. وكانت قبضة الحكومة على وسائل التّواصل الاجتماعي واضحة في العام 2015، عندما سُجِن النّاشط البارز ورئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب لستة أشهر على خلفية تغريدة انتقد فيها المؤسسات الحكومية.
وفي تقرير صدر في أبريل/نيسان 2015، نشرت منظمة العفو الدّولية رسومات بيانية تبرز أربعة أعوام من "الانتهاكات السمتمرة بما في ذلك التّعذيب والاعتقالات التّعسفية والاستخدام المفرط للقوة ضد النّشطاء المسالمين ومنتقدي الحكومة" ودانت كل ذلك. كما أعربت الأمم المتحدة عن مخاوفها، ولكن تم تجاهلهم من قبل السّلطات البحرينية وحلفائها.
وعلى وجه الخصوص، بذلت الحكومة البريطانية جهودها لتعزيز العلاقات مع النّظام البحريني، مع محاججة فيليب هاموند بأن البحرين هي بلد "يسير في الاتجاه الصّحيح".
في مايو/أيار 2011، عندما كانت البحرين تخضع لفترة السّلامة الوطنية وكانت العربات المُدرعة المُصَنّعة في بريطانيا تُستَخدَم من قبل القوات السّعودية لحماية البنية التّحتية والسّماح للقوات البحرينية بسحق المحتجين، رحّب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بحفاوة بولي العهد البحريني سلمان بن حمد آل خليفة.
وقام وزراء الحكومة البريطانية والموظفون الحكوميون برحلات منتظمة إلى البحرين لتعزيز العلاقة العسكرية والسّياسية للمملكة المتحدة مع البحرين بشكل علني. ولم يكن السّياسيون وحدهم الذين فعلوا ذلك. فلقد كان هناك أيضًا زيارات مؤخرًا من قبل الأميرين أندرو وتشارلز إلى البحرين، وكذلك من أفراد العائلة المالكة في البحرين إلى المملكة المتحدة للمشاركة في مهرجان ويندسور الملكي للخيول.
لقد تعاملت شركات الأسلحة مع الصّراع كفرصة عمل، مع ازدياد كبير في مبيعات الأسلحة.
بين فبراير/شباط 2011 وسبتمبر/أيلول 2015، كان هناك أسلحة مُرخصة بقيمة 45 مليون جنيه استرليني من المملكة المتحدة إلى البحرين. وتضمن هذا بنادق رشاشة وبنادق قنص وقطع أسلحة وذخيرة مضادة للدّروع. ويُقارن هذا بمجموع بلغ 6 مليون جنيه استرليني (أي 8.5 مليون دولار) من مبيعات الأسلحة في السّنوات الثّلاث السّابقة للصّراع.
قبل أقل من ستة أشهر، زار وفد عسكري بحريني معرض تجهيزات الدّفاع والأمن الدّولي في لندن، حيث كانوا جنبًا إلى جنب مع مسؤولين حكوميين كبار وبعض أكبر شركات الأسلحة في العالم.
وتُـُتَوقّع عودتهم هذا الشّهر إلى معرض تجهيزات الأمن والشّرطة الدّولي، وهو معرض للأسلحة يركز على عدد من ذات الأسلحة التي تُستَخدم في القمع الدّاخلي.
في ديسمبر/كانون الأول 2014، وعقب سلسلة طويلة من الزّيارات الدّبلوماسية والصّور التّذكارية، تمّت المصادقة على اتفاقية دفاعية بين البلدين. ومن نتائج هذا الأمر افتتاح المملكة المتحدة لقاعدة بحرية في البحرين، وقد دفعت الأخيرة أغلب تكاليفها. في المملكة المتحدة، رحب الوزراء بالخبر بفخر، وأعلنوا أنّه "مجرد مثال واحد عن شراكتنا المتنامية"، لكن في البحرين، قوبِل الخبر باحتجاجات غاضبة أمام السّفارة البريطانية.
الاحتجاجات كانت مع ذلك تذكيرًا آخر بأنّه لا يمكن أن يكون كل من مبيعات الأسلحة والتّعاون العسكري غير سياسيين. في نوفمبر/تشرين الثّاني 2013، نشرت لجنة الشّؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني تقريرًا عن العلاقات بين المملكة المتحدة وكل من البحرين والسّعودية توصل إلى أنّ: "كلًا من الحكومة والمعارضة في البحرين يريان في مبيعات الأسلحة البريطانية إلى البحرين دليلًا على دعم المملكة المتحدة للحكومة".
كانت الاحتجاجات أيضًا تذكيرًا بأنّه في السّياسة، عليك أن تتخذ موقفًا: الأقوال والأفعال مهمة. الشّراكة الحالية قد تفيد الحكومة البحرينية وصانعي الأسلحة، لكن الرّسالة التي تبعثها إلى أولئك المتلقين لحملة القمع هذه مفادها أنّه يمكن المفاوضة بشأن حقوق الإنسان وأن حياتهم أقل أهمية من أرباح شركات الأسلحة.