هاني سالم مسهور- الجزيرة السعودية-
الاتفاق النووي الإيراني مع الولايات المتحدة كان بالنسبة للرئيس باراك أوباما هو أيقونة الإنجازات السياسية الأمريكية في السنوات الأخيرة، وجاء دفاع أوباما ووزير خارجيته جون كيري عن الاتفاق مع إيران حاملاً الكثير من البوادر على تغير إيراني تجاه جيرانها تحديداً والشرق الأوسط بشكل عام، هذا المسار لا يبدو ناجحاً من خلال ثلاث أزمات كبيرة تعمق التورط الإيراني بل وتؤكد على أن إيران لن تتخلى إطلاقاً عن نهجها في تصدير الثورة وانتهاج مسارات خاطئة تجاه الآخرين، فالأزمة الأولى هي التجربة الصاروخية البالستية في نوفمبر 2015م والتي رصدتها البحرية الأمريكية في الخليج العربي، والأزمة الثانية تتمثل في دعم النظام السوري واستمرار تدفق مليشيات «حزب الله» اللبناني وغيرها من العناصر لقتل الشعب السوري، أما الأزمة الثالثة هي ما كشف التورط الكبير لـ»حزب الله» في عمليات إرهابية في اليمن والكشف من خلال الشريط المسجل بتدريب الحوثيين على عمليات إرهابية داخل الأراضي السعودية سماها بعمليات «إيذاء السعودية».
وقد تكون هذه الأزمة الأخيرة هي الفصل الأكثر أهمية فلطالما أكدت المملكة العربية السعودية ضلوع «حزب الله» في عمليات إرهابية وهو ما كشفه القيادي الذي ظهر في الفيديو (أبوصالح) عن خطط لاغتيال شخصيات مهمة في العاصمة السعودية الرياض، وعبر عمليات إرهابية وتفجيرية، هذا الدليل يضاف إلى أدلة أخرى على تورط مليشيات «حزب الله» خاصة خلال فترة غزو الحوثيين وشريكهم المخلوع صالح للعاصمة الجنوبية مدينة عدن فلقد سلمت المقاومة الجنوبية عدداً من تلك الأدلة والبراهين لقيادة التحالف العربي إبان هزيمة تلك المليشيات في منتصف يوليو 2015م.
وفيما أن الحكومة اليمنية أكدت امتلاكها العديد من الوثائق والأدلة المادية التي توضح مدى تورط أفراد ينتمون لـ»حزب الله» في الحرب التي تشنها المليشيات الحوثية على الشعب اليمني ومشاركة حزب الله وأفراده في طبيعة المهام التي تجاوزت الدعم المعنوي المكشوف إلى المشاركة الفعلية على الأرض بالتدريب والقتال على حدود السعودية والتخطيط للمعارك وترتيب عمليات التسلل والتحريب داخل الأراضي السعودية.
وإذا كان أمين ما يسمى «حزب الله» حسن نصر الله قد أشار إلى ذلك بوضوح في كلمة له قبل أشهر مؤكداً وجود عناصر من مليشياته في سوريا واليمن والعراق فإننا عملياً أمام انتهاك ومخالفة صريحة للقرار الأممي 2216 وتحد سافر لإرادة المجتمع الدولي فهذا تدخل في شؤون دولة مستقلة وأن يتعمد القيام بالأعمال العدائية تجاه الشرعية السياسية اليمنية وقوات التحالف العربي مما يفاقم الأزمة اليمنية ويحول عن فرصة التقاط السلام الممكن في اليمن.
وإن كانت الحكومة اليمنية قد أعلنت تقديم ملف كامل إلى مجلس الأمن الدولي والجامعة العربية يثبت التدخلات والممارسات الإرهابية لحزب الله في اليمن والمطالبة باتخاذ الإجراءات الدولية القانونية بحقه، فإن ذلك يعتبر على صعيد الملف اليمني هو جزء واحد من إثبات حقيقة واحدة وهي أن إيران بذاتها لم تتغير إطلاقاً بعد إبرامها للاتفاق النووي مع الغرب.
هذا هو الجزء الذي يحتمل الأهمية من خلال كل هذه الإثباتات الصريحة والأدلة الدامغة، فالمسؤولية القانونية على الإدارة الأمريكية تلزمها بمراجعة اتفاقها مع الإيرانيين الذين أثبتوا في اختبار الأشهر الأولى مدى استهتارهم وعدم اكتراثهم ببنود الاتفاق النووي واستمرار نهجهم العبثي في المنطقة والإضرار المباشر بأمن وسيادة الدول العربية.
ندرك أن الإدارة الأمريكية تعيش أشهر أخيرة لا تملك كثيراً من أدوات الضغط السياسي وتبحث عن المخارج الأكثر قبولاً لسياستها هي لتعتبر في نهاية ولايتها أن الاتفاق النووي هو انتصار يضاف لحقبة الرئيس أوباما ومع ذلك فلا يجب أن تترك المجموعة الدولية مسؤوليتها أمام العربدة الإيرانية التي تمارسها بشكل مستمر وبتدخلات لم تتوقف في شؤون الدول العربية.
في المقابل ما تمتلكه الحكومة اليمنية من شواهد وأدلة وثبوتات هي التي تحتاج إلى معركة سياسية وقانونية وإعلامية تبذل نحوها جهدها، ولعل من الجدير هنا التأكيد على أن مجلس الأمن الدولي كان قد وافق على القرار 2266 التي تقدمت به بريطانيا في 24 فبراير 2016م وجاء ليؤكد على تمديد العقوبات الدولية المفروضة على جماعة الحوثي والرئيس المخلوع صالح لمدة عام، ويجدد تأكيد اتهام الانقلابيين بعرقلة التوصل إلى حل سياسي للأزمة في اليمن، وتشكيل لجنة دولية للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة مما يعزز كثيراً الملف القانوني اليمني الذي نعول عليه عربياً في تشكيل ضغط دولي على الولايات الأمريكية لمراجعة اتفاقها النووي مع إيران وإعادة العقوبات الدولية عليها، فإيران الدولة المارقة لن تتوقف عن نشر الفوضى والإرهاب أبداً.