علاقات » اميركي

أسرار من علاقة أوباما بحلفائه !

في 2016/03/17

محمد الساعد- عكاظ السعودية-

في ظهيرة يوم الثامن والعشرين من شهر أغسطس العام 2013، تلقى مسؤول سعودي رفيع المستوى اتصالا عاجلا ومهما من وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري»، وكذلك من وزير الدفاع الأمريكي السابق «تشك هاجل»، الاتصال جاء في أعقاب أيام وساعات طويلة من تسريبات قادتها الصحافة الغربية القريبة من البيت الأبيض، تستبق ضربة أمريكية محتملة على سورية.

جاء الاتصالان ليبلغانه أن الرئيس باراك أوباما اتخذ قراره بقصف القدرات العسكرية السورية التابعة لنظام الرئيس بشار الأسد، ردا على ما نقلته منظمات إنسانية عن استخدام النظام السوري لأسلحة كيماوية في الغوطة الشرقية خارج دمشق. حدد المسؤولان الأمريكيان ساعة الصفر بعد منتصف نفس الليلة، المسؤول السعودي أبلغ بدوره على عجل مسؤولا آخر أعلى منه منصبا، طالبا إبلاغ الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - بالمعلومة، لكن الإجابة كانت: هل أنت متأكد ؟

المسؤول الأرفع كان متيقنا من أن هذا الرئيس المتردد هو أقل من أن يتخذ قرارا حاسما بهذا الحجم، هو في الأساس لمصلحة السلم والأمن الدوليين، ويحمي الشعب السوري من المصير المشؤوم الذي يعيشه اليوم.

بالطبع المسؤول السعودي الأرفع رفض إبلاغ الملك عبدالله بتلك الصيغة، وقال سنبلغه أن القصف لن يتم وأننا نشك أن يتخذ «أوباما» القرار رغم كل هذه التسريبات، وهذا ما حصل بالفعل، وتأكدت قراءة السياسي السعودي «الداهية»، للرئيس الضعيف القابع في البيت الأبيض.

التراجع «الأوبامي» لم يكن تراجعا تكتيكيا، أو استشعارا لتوازنات داخلية، بل كان ضربة قاصمة لجهود السعودية ودول الضمير العالمي، في محاولتها لإنقاذ الشعب السوري من الجحيم الذي يعيشه، بين كفتي النظام وإرهاب داعش والنصرة.

كما أنه أتى تأكيدا لقراءة ساذجة قام بها «حقوقي» قادم من جامعة شيكاغو، معتقدا أن الانسحاب من «الحرم العالمي»، قريب من فكرة الانسحاب من مشكلة تواجه طالبين «مثليين»، داخل الحرم الجامعي ممن يؤيدهم أوباما.

في الوقت عينه أبلغت عدة دول حليفة من ضمنها بريطانيا وفرنسا فقط، بموعد الضربة الجوية الأمريكية - التي لم تحصل -، وصدم الحلفاء وأحرجوا من ذلك التراجع غير المبرر.

حاول الرئيس الأمريكي أوباما التغطية على الكارثة السياسية التي ارتكبها، والخروج من المأزق الذي وضع فيه هيبة أمريكا على المحك، بتحويل الملف إلى الكونغرس، الذي كان في إجازة سنوية تستمر شهرين، كانت كافية لتبريد الملف وإنهائه.

تقول «العربية نت» في نص خبر لها تابعت فيه كلمة لأوباما ألقاها بعد يومين من تراجعه عن الحملة العسكرية: لاحظ أوباما أن نظام الأسد يهدد حلفاء واشنطن في المنطقة، وأضاف أنه يحترم آراء من دعوا إلى الحذر في سورية، ويعتقد أنه يجب على أمريكا أن تدرك تكاليف عدم القيام بأي تحرك هناك. وبخصوص الجدل القانوني مع الكونغرس حول مشروعية الضربة العسكرية، كشف أوباما أنه طلب من الكونغرس تفويضه بالضربة العسكرية على أساس الأمن القومي، انتهى ما نقلته العربية نت.

لكن الجدل حول العلاقة بين الإدارة الأمريكية وحلفائها لن ينتهي، والأضرار التي تسبب بها «الرئيس» شخصيا ستستمر طويلا، لكنها كافية لتعيد الدول الحليفة تفكيرها في العلاقة مع هذه الإدارة، وربما مع الأمريكان بشكل دائم.

فالسعوديون أدركوا أن أهم حليف لهم اليوم هم «السعوديون» أنفسهم، ثم عمقهم العربي في مصر والمغرب ودول الخليج، هذا الاستشعار العميق انعكس على هذا التقدم والاختراق السياسي الناجح الذي تقوده السعودية في الإقليم، متجهة نحو الفضاء الدولي بالتحالف مع فرنسا، والتفاهم مع الصين وروسيا.