نيويورك تايمز- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-
من النادر بالنسبة إلى أي رئيس أمريكي أن يقوم بانتقاد حكومة صديقة في العلن. ولكن هذا ما فعله الرئيس «أوباما» الأسبوع الماضي في عرض مدروس جيدا لتحليل مشاكل علاقته مع المملكة العربية السعودية.
وقد اعتبر السيد «أوباما» أن المملكة العربية السعودية وبعض الدول السنية الأخرى هي حكومات قمعية تتبنى تفسيرات صارمة للإسلام يسهم في زيادة التطرف. في مناقشة حادة ومطولة مع «جيفري غولدبرغ» في صحيفة «ذا أتلانتيك»، فقد وصف «أوباما» حلفاءه السعوديين بأنهم «راكبون بالمجان» وأنهم ينتظرون من الولايات المتحدة خوض المعارك نيابة عنهم وهم يرغبون من استخدام العضلات الأمريكية من أجل خدمة مصالحهم الخاصة وسردياتهم الطائفية.
وقال «أوباما»، الذي اتهم المملكة العربية السعودية وحكومات عربية سنية أخرى بتشجيع التشدد المناهض للولايات المتحدة، إلى السيد «غولدبرغ» أن السعوديين يجب عليهم أن يبذلوا جهدا أكبر للتشارك في المنطقة والوصول إلى نوع من السلام البارد مع أعدائهم في إيران.
جاء الرد السعودي سريعا وقويا. قام الأمير «تركي الفيصل» رئيس جهاز الاستخبارات السعودية الأسبق بكتابة مقال في صحيفة «عرب نيوز» جادل خلاله بأن السيد «أوباما» يبدو أنه لا يقدر ما تقدمه له الحكومة السعودية بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية في مجال مكافحة الإرهاب. ولكن في حقيقة الأمر، يبدو أن الشراكة طويلة الأمد بين البلدين والتي تولدت من الكراهية للاتحاد السوفييتي والاعتماد الأمريكي على النفط السعودي، قد أصبحت هشة على نحو متزايد.
أصبح السعوديون خائفين جدا من أن إيران الشيعية سوف تسيطر على المنطقة ولذلك إنهم حاولوا قتل الاتفاق النووي الإيراني على الرغم من أنه يقلص بشدة الأنشطة النووية الإيرانية. وقد نشرت المنافسة السعودية الإيرانية الحروب بالوكالة في سوريا واليمن والعراق. وقد فاقم التدخل السعودي في اليمن من الحرب الكارثية الدائرة في البلاد بين الحكومة المدعومة من السعودية والحوثيين المدعومين من إيران. وفي سوريا، تدعم السعودية بعض جماعات المعارضة الأكثر راديكالية التي تقاتل ضد رئيس النظام السوري بشار الأسد المدعوم من إيران.
ومع كل هذه الخلفية، فإنه ليس من المستغرب أن «تركي الفيصل» قد قام بالسخرية من «أوباما» بسبب فكرة تشارك المنطقة مع إيران.
بالعودة إلى العام 2002، وفي خطاب لـ«أوباما» قبل توليه منصبه كرئيس للولايات المتحدة، أشار «أوباما» آنذاك إلى المملكة العربية السعودية ومصر بأنهما حلفاء «أمريكا المزعومين»، مطالبا كل منهما بوقف قمع المعارضة والتغاضي عن الفساد وعدم المساواة. وفي الآونة الأخيرة، وفقا لمقال السيد «غولدبرغ»، فقد أكد «أوباما» أيضا أنه لن يكون هناك أي حل شامل للإرهاب حتى يصل الإسلام إلى تفهم مع العالم الحديث. وللأسف، فإن العائلة المالكة السعودية، التي تخضع الآن لسيطرة قيادة جديدة، ومع الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد السعودي بسبب انخفاض أسعار النفط، فإنها لا تزال لا تظهر رغبة جادة في التغيير.
ويبدو أن السيد «أوباما» قد اضطر الآن للحديث حول كواليس العلاقات السعودية الأمريكية على العلن. هل هناك أي شيء تستطيع واشنطن القيام به لتشجيع الإصلاحات التحويلية؟ بعيدا عن التعبير عن الآراء المنتقدة، فإن «أوباما» الذي سيزور المملكة العربية السعودية للاجتماع مع قادة دول الخليج الشهر المقبل، قد يشعر بالحاجة للحفاظ على هذا التحالف ضمن خطوطه التقليدية.
هناك القليل من الوقت أمام الرئيس الذي سيغادر قريبا للتفكير في كيف يمكن للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية المضي قدما معا. ويبدو أن هذه المهمة سوف يتولاها خلفه بشكل رئيسي.