بوليتيكو- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-
هناك ملايين من الدولارات التي تتدفق سنويا من قبل أفراد ومؤسسات تابعة للقطاع الخاص على تنظيم «الدولة الإسلامية» وتنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية. يعتمد الإرهابيون على هذه الأموال بشكل كبير. بدون هذا التمويل الغامض الذي توفره شبكات التمويل الدولية فإن الجماعات الإرهابية لن تكون قادرة على التسبب في أعمال القتل والوحشية والخوف التي أصبحت للأسف شائعة جدا في جميع أنحاء العالم.
يجب أن تعمل البلدان معا بشكل وثيق من أجل في تبادل المعلومات الاستخباراتية من أجل تعطيل شبكات التمويل تلك. ومع ذلك، يؤكد بعض محللي السياسة الخارجية أن هناك توتر مفترض في العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. لا يمكن أن يكون هذا الأمر أكثر بعدا عن الحقيقة، نظرا لأن هناك كما كبيرا من الأهداف والمصالح المشتركة بين البلدين وبخاصة حين يتعلق الأمر بمكافحة الإرهاب وتمويله.
وقد تحقق أحدث إنجاز في الشراكة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية في مجال الحرب على الإرهاب خلال الأسبوع الماضي. في 31 مارس/أذار، قامت المملكة العربية السعودية، بالتعاون مع الولايات المتحدة، باتخاذ إجراءات لتعطيل الشبكات الرئيسية لتمويل الإرهاب التي تعمل عبر أفغانستان وباكستان والمملكة العربية السعودية. شملت الشبكة 4 أشخاص يعملون في باكستان بالإضافة إلى منظمتين قامتا بتوفير التمويل من أجل تجنيد مقاتلين وإطلاق عمليات لتنظيم القاعدة وحركة طالبان وعسكر طيبة (واحدة من الجماعات الإرهابية الأكثر تشددا في باكستان) والمصنفة الآن كمجموعة إرهابية وفقا للقانون السعودي لمكافحة جرائم الإرهاب والتمويل، وقد تم تجميد أموالهم وممتلكاتهم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد قدمت واحدة من المنظمات التي وصفت بالإرهابية من قبل السلطات السعودية الأموال والأسلحة والمتفجرات لقوات طالبان التي تقاتل القوات الأمريكية في أفغانستان.
ويعد تتبع مصادر التمويل الجزء الأكثر مراوغة في منظومة الحرب على الإرهاب. لكن المملكة العربية السعودية ووزارة الخزانة الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي كانوا يعملون بثبات معا منذ عام 2004 لإغلاق عمليات تمويل الإرهاب من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية وبذل جهود مشتركة من أجل الكشف عن مصادر تمويل الإرهاب ومعاقبتها.
وقد قامت المملكة العربية السعودية في تحقيقات مشتركة أجريت بالتعاون مع الولايات المتحدة، بتحديد 17 شخصا من أبرز الموسرين المرتبطين مع تنظيم «الدولة الإسلامية». هذه المصادر، وغيرها، قد جرى إيقافها. لقد نجحنا أيضا في تفكيك مجموعات مثل مجموعة الفرقان، وهي مجموعة خيرية كان تعمل كممر مالي للجماعات الإرهابية، إضافة إلى منظمة أخرى هي مؤسسة الحرمين الخيرية الإسلامية، التي كانت على صلات معروفة بـ«أسامة بن لادن» وحركة طالبان وتنظيم القاعدة.
تفخر المملكة العربية السعودية بتلك الجهود المبذولة لوقف تدفق التمويل. هذا هو الشكل الرئيسي للدعم الذي يغذي الجماعات المتطرفة والأيدولوجيات الإرهابية. المملكة العربية السعودية هي حليف الولايات المتحدة الرئيسي الوحيد في المنطقة القادر على منع ذلك.
وقد أكد المسؤولون الأمريكيون في كثير من الأحيان على أهمية هذه العلاقة. عندما أعلنت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية عن جهدهما المشترك خلال الأسبوع الماضي، قال مسؤول كبير في الولايات المتحدة إن معركة الشلل المالي للإرهاب توضح العزم المشترك للمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة على كشف أولئك الذين يدعمون الإرهاب.
في الماضي، اتهم منتقدون خطئا المملكة العربية السعودية بتمويل المتطرفين وعقيدتهم. لكن هذه الشراكة لمكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة تقدم دليلا لا شك فيه أن المملكة العربية السعودية تقوم بدور رائد في منع تصدير وانتشار الموارد التي يحتاجها المتطرفون من أجل التوسع.
ويجري التقدم في منع تمويل الإرهاب أيضا نظرا لكون المملكة العربية السعودية قد وضعت واحدا من أدق أنظمة الرقابة المالية في العالم.
على مدى العقد الماضي، سنت المملكة العربية السعودية مجموعة شاملة من القوانين الجديدة لوقف تمويل الإرهابيين من التسلل إلى النظام المصرفي. هذه القوانين واللوائح الجديدة الآن في المكان المناسب لاتخاذ إجراءات صارمة ضد غسل الأموال والصفقات المشبوهة، والقضاء على تدفقات التمويل غير القانونية.
تمنع القوانين الجديدة من إصدار بطاقات الصراف الآلي أو بطاقات الائتمان لصالح الحسابات الخيرية حيث يجب تحويل جميع المدفوعات بشيكات مستحقة تمر عبر البنوك السعودية. وتلزم هذه القوانين الجمعيات الخيرية الآن أن تمتلك حسابا مصرفيا واحدا مع توقيع لمسؤول واحد من أجل تسهيل عملية الرقابة.
هناك متطلبات تهدف إلى منع تحول التبرعات لصالح الجمعيات الخيرية إلى أي أغراض أخرى. يحظر أيضا نقل الأموال من قبل الجمعيات الخيرية إلى أي منظمة أو شخص خارج المملكة العربية السعودية دون موافقة حكومية تتم وفق معايير صارمة. مؤسسة النقد العربي السعودي، وهيئة الرقابة المالية، يراقبان عن كثب عمليات تحويل الأموال غير الرسمية التي تستخدم لإرسال الأموال إلى الخارج.
وقد تم فرض حظر على جمع التبرعات في المساجد والأماكن العامة بقوة منذ أكثر من عقد من الزمان.
ومن أجل تعزيز إنفاذ هذه القوانين، فإن القضاة والمحققين يتلقون التدريب التقني بشأن المسائل القانونية التي تنطوي على تمويل الإرهاب وأساليب غسل الأموال، والمتطلبات الدولية للسرية المالية، والأساليب المستخدمة من قبل المجرمين لتبادل المعلومات.
وبالإضافة إلى التدابير القانونية الجديدة، اعتقلت الحكومة السعودية أكثر من ألف من المشتبه بهم متهمين بتمويل وتخطيط هجمات إرهابية. هؤلاء المشتبه بهم يأتون من العديد من الدول مثل اليمن وسوريا والولايات المتحدة وإندونيسيا والفلبين.
وحتى مع الخطوات التي تم اتخاذها بالفعل، فإن هناك العديد من الجهود التي ينبغي متابعتها بالشراكة مع الولايات المتحدة حتى يمكن القضاء على الإرهاب وإغلاق شبكات تمويله. كما أن هناك مواضيع أخرى أكثر أهمية لا ينبغي أن يتم إغفالها حول الشراكة بين البلدين.
نحن في حالة حرب مع «الدولة الإسلامية» وتنظيم القاعدة. زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية»، «أبو بكر البغدادي»، قد حدد المملكة العربية السعودية على أنها عدوه الرئيسي. لا توجد دولة لديها حافز أكبر من السعودية للتأكد من أن أولئك الذين يفجرون المساجد لديها، ويقتلون المدنيين الأبرياء ويشوهون الدين سوف يحرمون من الحصول على أدوات القتل والفوضى.