فايننشال تايمز- ترجمة: خالد المطيري- الخليج الجديد-
رأت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية في تقرير نشرته، مؤخرًا، أن الإنفراجة التي شهدتها العلاقات السعودية الروسية في الآونة الأخيرة، تظهر تراجع النفوذ الأمريكي.
تقرير الصحيفة البريطانية سلط الضوء بالأساس على التغيير الذي طرأ على السياسة الخارجية التي تبنتها المملكة قبل عام ونصف تقريبًا، خاصة مع تولي العاهل السعودي، الملك «سلمان بن عبد العزيز»، سدة الحكم في البلاد في يناير/كانون الثاني 2015، والسماح لنجله ولي ولي العهد، الأمير «محمد بن سلمان»، بالسيطرة على مقاليد السلطة الرئيسة في المملكة.
وقالت الصحيفة البريطانية إن «السعودية تبنت سياسة خارجية وإقليمية جديدة أكثر حزمًا بعد تولي الملك سلمان».
ووفقًا للتقرير، يأتي تصعيد سلطات الابن المفضل للعاهل السعودي في وقت تسعى فيه الأسرة الحاكمة عادة إلى تحقيق توازن دقيق بين التحالفات داخلها؛ فالأمير، الذي يبلغ عمره 31 عامًا، يتولى مهام وزير الدفاع في نظام لم يشهد منذ أمد بعيد سوى حكم كبار السن، بالإضافة إلى مسؤوليته عن السياسات الخارجية والسياسات النفطية.
ملامح السياسة الخارجية
واستعرضت الصحيفة ملامح السياسة الخارجية والدفاعية في السنة الأولى من عمل الأمير الشاب، لافتة إلى العمليات العسكرية التي تقودها السعودية، منذ مارس/آذار 2015، ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، وزيادة الدعم التي تقدمه المملكة للمعارضة السورية السنية التي تواجه نظام «بشار الأسد» في سوريا، المدعوم من روسيا وإيران و«حزب الله» اللبناني.
أيضا، تطرقت «فايننشال تايمز» في هذا الصدد إلى قطع المملكة لعلاقاتها الدبلوماسية مع إيران في يناير/كانون الثاني الماضي، وإلغاء دعمها للجيش اللبناني في فبراير/شباط الماضي.
وأشارت إلى ما وصفتها بـ«الانفراجة» التي بدأت تظهر في العلاقات بين السعودية وروسيا، «الدولة الحليف لكافة الأطراف التي تكرهها المملكة، ونعني بها هنا إيران وحزب الله ونظام الأسد».
واعتبرت الصحيفة أن «تحالفات المصلحة» ليست جديدة على الإطلاق في الشرق الأوسط؛ فرغبة الأنظمة في الحصول على قوة راسخة غالبًا ما تتماشى مع البراغماتية.
القطيعة السعودية مع إيران ولبنان
وفي سياق السياسات السعودية، أشار تقرير الصحيفة إلى تصريحات سعودية تشي بتقليص العمليات العسكرية في اليمن.
ويقول مسئولون سعوديون: «إنهم أوقفوا التهديد الصاروخي للحوثيين في الجنوب».
وعلى الرغم من أن الرياض كشفت عن تحالف من أكثر من 30 دولة سنية لمواجهة إيران، فإن مصر وباكستان، وهما الدولتان اللتان لديهما جيوشًا كبيرة، رفضتا توفير القوات البرية للحرب الجوية السعودية.
وفي سوريا، لم يكن التهديد السعودي بإرسال قوات لدعم المتمردين السنة، سوى ذر للرماد في العيون.
التقارب الهش مع روسيا
وبخصوص العلاقات بين روسيا والسعودية، قالت الصحيفة إنها شهدت «انفراجة» في الفترة الأخيرة، لكنها اعتبرتها علاقات اضرارية تحكمها الظروف الراهنة.
وفي هذا الصدد، لفتت إلى أن الأمير «بن سلمان» أقام ما وصفه مسئولون عربيون بـ«وظيفية وموضوعية» مع الرئيس الروسي، «فلاديمير بوتين»، وهي علاقة تشمل الشأن السوري، ومشتريات السعودية العسكرية المحتملة والاستثمار في روسيا، ومحاولات مشتركة لتحقيق الاستقرار في أسعار النفط عبر تجميد الإنتاج عند مستويات يناير/كانون الثاني الماضي.
في الشأن السوري، أشارت الصحيفة إلى أن جهود السلام التي تقودها الولايات المتحدة وروسيا، لا تزال في وضع حرج بسبب إصرار موسكو على أن يكون «الأسد» جزءً من المرحلة الانتقالية، وهو ما تقاومه واشنطن والرياض ظاهريًا.
لكن الصحيفة نقلت تصريحات كان الأمير السعودي الشاب أدلى بها خلال لقاء جمعه بالرئيس «بوتين» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
إذ قال «بن سلمان»: «نحن لا نهتم بالأسد بقدر ما تعنينا إيران»، وفقًا لمسؤول عربي قريب منه.
وقال وزير الخارجية الروسي، «سيرغي لافروف»، معقبا على تصريحات ولي ولي العهد السعودي هذه: «لدينا الآن رؤية أكثر وضوحًا لكيفية التحرك في مسار التسوية السياسية».
ورجح التقرير عدم التوصل إلى أي تسوية من هذا القبيل عندما تستأنف محادثات السلام السورية، الأسبوع المقبل، في جنيف.
على الرغم من انسحاب «بوتين» الجزئي من سوريا، في الشهر الماضي، فإن قوات «الأسد» المدعومة من روسيا ما زالت تتخذ مواقع هجومية؛ وليس فقط ضد متمردين مدعومين من السعودية، ولكن الآن أيضًا ضد مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية».
وتقول بعض المصادر العربية إن الزعيم الروسي أبلغ «بن سلمان» بشأن سياسته الجديدة في سوريا، حتى قبل أن يُطلع عليها «الأسد».
ورأى التقرير أن تحسن العلاقات السعودية مع روسيا يشير إلى ضعف النفوذ الإقليمي للولايات المتحدة، التي كانت المملكة على علاقة وثيقة بها على مدى 70 عامًا، ويأتي ذلك بشكل خاص في أعقاب الاتفاق النووي الغربي الأمريكي مع إيران ومشاركة روسيا في الحرب في سوريا.