علاقات » اميركي

«فورين بوليسي»: ما ينبغي أن يعيه الرئيس «أوباما» قبل زيارته الرياض

في 2016/04/12

جانيت سميث - فورين بوليسي- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-

يستعد الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» للذهاب إلى الرياض خلال الأسبوع المقبل حيث من المنتظر أن يلقى ترحيبا مقلقا. خاصة وأن الأجواء بين البلدين صارت أكثر قتامة مقارنة برحلته الأولى في عام 2009.

تفجيرات في بروكسل، وبغداد، وإسطنبول، ولاهور تخيم على الأجواء. السعوديون قلقون للغاية بشأن تراجع الإيرادات الحكومية، والبطالة، والشكوك حول القيادة. وهم متورطون في الحرب في الجنوب في اليمن وفي الشمال في سوريا والعراق، والأكثر إثارة للقلق، الحرب الواضحة داخل الإسلام نفسه. ووراء ذلك كله هناك شعور بالعجز والانعزال عن العالم يبدو خارجا عن السيطرة.

يجب أن يكون الرئيس الأمريكي منتبها إلى هذا الشعور بالعجز. وقد أصابني هذا الأمر بالحيرة في وقت مبكر منذ أن كنت أقوم بالتدريس للطلبة العسكريين العرب في كلية الحرب الوطنية. وأثناء السنوات الأربع التي عشتها في الرياض، عندما كان زوجي سفيرا للولايات المتحدة في الرياض فقد كان يطغى على جميع المحادثات. وقد سمعت هذه النبرة من العجز مرة أخرى خلال الشهر الماضي أثناء رحلة إلى الرياض. هذا الخوف يتجاوز الخوف السياسي إلى خوف أعمق مرتبط بالإسلام وهو مفتاح لفهم مكافحة التطرف.

الشرق الأوسط والعالم الإسلامي الأوسع يعيشان أزمة كبيرة. الحرب والإرهاب، والهجرة الجماعية، وفقد الأطفال في ويلات الصراع الطائفي كلها أحداث شبه يومية. يتحدى المسلحون النواة التأسيسية للإسلام بشكل يستوجب الرد الذي لم يأت أبدا بشكل مناسب.

أنا لا أتحدث هنا عن البيانات الشكلية التي تصدر عن رجال الدين ترفض الإرهاب والقتل. الحديث هنا يتعلق أكثر بالكيفية التي يمكن من خلالها أن يستجيب مسلم وسطي. كيف يمكن للآباء والأمهات وأرباب الأسر وزعماء القبائل خوض المواجهة في الوقت الذي يشعرون فيه أنهم يفقدون السيطرة؟ الأمر يتعلق بالأبناء والأخوة والأخوات الذين يتجاهلون الآباء ويعلنون رفض حكوماتهم كي يختاروا الانضمام إلى جماعات أشبه بالعصابات تمتلك مشروعا ضخما لإعادة تعريف الإسلام.

هذا يعد بمثابة هجوم مباشر من قبل المتطرفين الذين يرفعون رايات التعصب والوحشية والقتل. أهداف هذا الاعتداء ليس فقط الرجال المسلحين، وإنما الأطفال في الملاعب والنساء في المطارات وتجمعات الرجال في المساجد. يشهد العالم الآن صراعا داخل الإسلام، وهو صراع بين المسلمين على جوهر الإيمان نفسه.

لكن بالنسبة لبعض أولئك المسلمين، فإنها ليست معركة عادلة. هناك جانب واحد فقط يتمثل في «الدولة الإسلامية» وطالبان وتنظيم القاعدة يملك القدرة على التحدث والتصرف باسم الإسلام. تقوم الدولة الإسلامية بإعادة تعريف الإسلام شأنها شأن حركة طالبان وسائر المجموعات الأخرى التي تمارس القتل باسم الله.

بعض أصدقائي السعوديين يواصلون التأكيد على أن «الدولة الإسلامية» ليست هي الإسلام. ولكنهم يلتزمون الصمت عندما يتم سؤالهم عما يفعلونه من أجل الرد ومن أجل تأكيد رؤيتهم الخاصة للإسلام. إنهم يقولون إنهم يصلون ويواصلون المراقبة. ولكن ما الذي يثبط دفاعهم الفكري والروحي عن الإسلام، ذلك الجزء من المواجهة الخاص بهم؟

الجواب يكمن داخل إدراك حقيقة أن الإسلام هو دين منظم بإحكام ومدفوع بالأحكام ويركز على الممارسة. لعدة قرون من التاريخ الإسلامي، كان هناك تزاوج بين النموذج الديني والسلطة السياسية القوية . وفي حين أن هذا الترتيب يعمل بشكل جيد داخل القيود الثقافية، فإنه يواجه تحديات كبرى حين يتعرض للتركيز من قبل وسائل الإعلام العالمية.

ليس لدى المسلمين أي وسيلة للرد سوى الاجتماع معا لمناقشة خطاب الإسلام الراديكالي، وللقيام بذلك فإن عليهم أن يتحملوا غضب رجال الدين والسجن والقطيعة من العائلة والأصدقاء، والعزلة، والتهديدات بالقتل الجاهزة أكثر من أي وقت مضى.

وفي مواجهة هذه القيود، فإن أولئك المسلمين الذين يشككون علنا في سرديات «الدولة الإسلامية» أو الذين قد يرغبون في إعادة النظر في الكيفية التي ينبغي أن يمارس الإسلام في العصر الحديث، يبقون آراءهم قيد الكتمان.

هل يمكن لقادة العالم العربي أن يسمحوا لهؤلاء المسلمين بخوض المعركة مرة أخرى؟ إذا أراد هؤلاء المسلمون أن يستعيدوا حقا إيمانهم فإن عليهم أن يواجهوا بشكل مباشر جملة من الأسئلة التأسيسية:

هل الإسلام دين للتسامح أم لا؟ إذا كان المسلمون موقنون أن الإسلام هو الوحي النهائي من الله، فكيف يكون بإمكانهم إيجاد وسيلة لقبول غيرهم من أتباع الديانات الأخرى من غير المسلمين؟

هل يؤمن الإسلام بالمساواة والرحمة والعدل؟ وما الذي يقوله القرآن حول الفساد والظلم والمادية؟

إذا كانت «الدولة الإسلامية» ومثل هذه الجماعات قد اختطفت الإسلام فما الذي ينوون فعله للقيام بذلك؟

ما هي الصورة التي يريدون أن يكون عليها الإسلام؟

يجب على الولايات المتحدة أن تحترم تماما مدى عمق هذه الأزمة لدى المسلمين وهي أزمة هوية عامة تشكل تحديا عميقا على صعيد البحث عن الذات وفضح خطوط الصدع في الأسرة، ورجال الدين، والسلطة السياسية.

تتوق الأمهات والآباء إلى إعادة اكتشاف قيم الإسلام التي يمكنها إعادة النظام والمعنى إلى هذا الجزء من العالم. سوف يتعين على الرئيس أن يرى ذلك في العيون القلقة للرياض.

سوف يقوم الرئيس الأمريكي بالتأكيد على أن «الدولة الإسلامية» ينبغي أن تتم هزيمتها. لكن السعوديين يعلمون أنهم لن يمكن هزيمتها إلا على يد المسلمين أنفسهم.